اعتبرت أن هناك إخلالات هيكلية في المنظومة الاقتصادية وغياب خارطة طريق: النهضة تدعو إلى حوار اقتصادي واجتماعي تحت إشراف رئاسة الجمهورية

مع احتدام وتيرة الاحتجاجات الشعبية والتي عمت أغلب ولايات الجمهورية تخللتها اعتداءات وأعمال عنف وحرق ونهب وتخريب

للمؤسسات العمومية والخاصة، تجددت الدعوة إلى ضرورة إطلاق حوار وطني واجتماعي، فحالة الاحتقان الموجودة فرضت نسقها على الفاعلين في الشأن العام، وبدأت طبول حركتي نداء تونس والنهضة تقرع ضدّ حكومة يوسف الشاهد عبر هذه الدعوة في محاولة لإبراز عجز الحكومة عن حلحلة الإشكاليات الاقتصادية وامتصاص غضب الولايات المحتجة ضدّ غلاء الأسعار والمطالبة بالتنمية والتشغيل.

جددت حركة نداء تونس دعوتها في بيانها الأخير، بيان 9 جانفي الجاري، بعقد مؤتمر وطني للحوار الاقتصادي والاجتماعي تطرح فيه كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية الشائكة على طاولة النقاش بحضور كل القوى السياسية والمدنية والخبراء جميعا بدون استثناء أو إقصاء، حتى يتحمل الجميع مسؤوليته في اختيار منهج الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد التونسي من مزيد التداين والانهيار، بيان أعلنت الحركة «تبنيها لكل المطالب الشعبية المشروعة من أجل حماية المقدرة الشرائية للتونسيين وتحسين الوضع المعيشي خاصة في المناطق المحرومة»، داعية الحكومة إلى العمل ضمن خطة اتصالية واضحة ودقيقة لتوضيح توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية في الغرض وتفسير إجراءاتها المتخذة بالوضوح المطلوب «لسدّ الطريق على الإشاعات التي اكتسحت المواقع الاتصالية ضمن خطة مبرمجة لبث الفتنة والفوضى».

تدقيق الرؤية الاقتصادية والاجتماعية
حركة النهضة كانت بدورها قد دعت خلال عقد ندوتها السنوية لعقد حوار اقتصادي واجتماعي وجددت الدعوة خلال الاجتماع الذي تمّ بين رئيس الجمهورية والموقعين على وثيقة قرطاج على لسان زعيمها راشد الغنوشي، دعوة أعادت المطالبة بها بعد اجتماع مكتبها التنفيذي، حوار تشارك فيه الأحزاب والمنظمات والخبراء ويتم فيه الاستماع لمشاغل المواطنين وتعالج فيه كل القضايا والملفات، وذلك على خلفية التحركات الاحتجاجية التي تشهدها العديد من الجهات. ويهدف هذا الحوار حسب ما جاء في البيان إلى تدقيق الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للحكومة لتسريع الانتقال الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة والعادلة على قاعدة الحق الدستوري في التمييز الإيجابي للجهات الداخلية. كما دعت الحكومة إلى «المبادرة بالاجتماع بالأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة قرطاج لدراسة الوضع وإيجاد الحلول والإجراءات الضرورية للتفاعل مع المطالب الاجتماعية الملحة للتونسيين وخاصة منهم الفئات الهشة والضعيفة وعديمي الدخل والعائلات المعوزة لحماية قدرتهم الشرائية وحفظ كرامتهم وتقديم الدعم والمساعدة لمستحقيهما».
هذا وندّدت النهضة بما وصفته بالخطاب السياسوي والتحريضي لبعض الأطراف السياسية «العنيف والدموي»، معتبرة أنّ هذا الخطاب «ينمّ عن أصل بنيتها الفكرية الفوضوية وما تختزنه من أفكار تدعو إلى تقسيم التونسيين بين حداثي ومعادي للحداثة». ونبّه البيان إلى ‘’خطورة ما تقوم به هذه الأطراف السياسية من توفير الغطاء السياسي الذي يبرّر أعمال العنف والتخريب، بل ويشجع على القيام بها وتوسيعها وتواصلها لحسابات انتخابية مبكرة، وأغراض لا علاقة لها بالاحتجاج الاجتماعي المدني والسلمي››.

وضع كافة الملفات على طاولة الحوار
عضو مجلس الشورى لحركة النهضة سامي الطريقي أكد في تصريح له لـ«المغرب» أن النهضة سبق أن دعت إلى عقد حوار اقتصادي واجتماعي منذ الصائفة الفارطة ثمّ جددتها في الندوة السنوية واجتماع مكتبها التنفيذي، والأحداث الأخيرة زادت التأكيد على ضرورة تفعيل هذه الدعوة من قبل جميع الأطراف الاقتصادية المتداخلة والأحزاب السياسية، حوار حقيقي في المجال الاقتصادي وكذلك الاجتماعي من أجل أن تتحمل كافة الأطراف المسؤولية من جهة ووضع خارطة طريق للإصلاحات الضرورية والهيكلية للأزمة التي تمرّ بها البلاد من جهة ثانية، مشيرا إلى أنه بات من الواضح أن هناك منوالا اقتصاديا قديما يتم اعتماده حتى بعد سقوط النظام القديم، منوال لم يتم تغييره رغم مرحلة الانتقال التي تعيشها البلاد، مرحلة قائمة على الانتقال السياسي وكذلك الاقتصادي والاجتماعي، وشدد على ضرورة تغيير هذا المنوال بمنوال آخر قائم على أسس ثابتة وصلبة بعيدة عن الهشاشة التي من الممكن أن تمسّ أي تغيير، من منطلق أن فترة التغيير هي فترة صعبة وتحتاج إلى أكثر توافقات بعيدة عن منطق المغالبة ومن في الحكومة ومن في المعارضة.
إعادة تجديد الدعوة لعقد حوار اقتصادي واجتماعي مرتبط بالضرورة بالسياق العام، فكما سبق التأكيد فإن مرحلة الانتقال السياسي تحتاج إلى انتقال اقتصادي واجتماعي تشارك فيه كافة الأطياف السياسية والمنظمات الوطنية والأطراف الاجتماعية ووضع كافة الملفات على طاولة الحوار، المؤسسات العمومية والدعم والضغط على الأجور والزيادات وصناديق الاقتراع ومنوال التنمية في حدّ ذاته والاقتراض والتداين الداخلي والخارجي وغيرها من الملفات الجوهرية التي تظهر أن هناك اخلالات هيكلية في المنظومة الاقتصادية التي تحتاج إلى توافقات مهمة تحدد خارطة الطريق للحكومات المقبلة للاشتغال عليها، وفق تعبير سامي الطريقي الذي اعتبر أن الفترات الانتقالية يمكن أن تطول والحكومات ستجد نفسها عاجزة أمام المطالب المشطة وغياب الإمكانيات ومن هذا المنطلق فإن النهضة ترى أن البلاد في حاجة إلى هذا الحوار شريطة أن يكون بعيدا عن التجاذبات وتقديم الوعود الانتخابية، فالجلوس على طاولة الحوار وفق الطريقي وتقريب وجهات النظر بغاية الوصول إلى توافقات مسألة باتت ضرورية في محاولة لوضع خطوط عريضة يعمل كافة الفاعلين السياسيين على تنفيذها عند اعتلاء سلطة الحكم.

رئيس الجمهورية يتبنى الدعوة..
كما أشار عضو مجلس الشورى إلى أن رئيس الجمهورية قد تبنى الدعوة لعقد حوار اقتصادي واجتماعي والحركة تأمل في أن تشرف عليه مؤسسة الرئاسة وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والأطراف المتداخلة في المجل الاقتصادي وكذلك الأطراف السياسية بما فيها الأطراف التي لم تلتحق بوثيقة قرطاج، مضيفا أنه ليس هناك إشكال في آلية تفعيل الدعوة فالمهم هو الاتفاق على المبدأ، ذلك أنه لا يمكن مواصلة البقاء وسط هذه التجاذبات وعلى كل الأطراف تحمل المسؤولية لكن قبل كل شيء لا بدّ من وضع خارطة طريق للحكومة المقبلة حسب جدول زمني محدد، باعتبار أن هذه الخارطة غير موجودة حاليا.
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بدورها دعت الحكومة إلى عقد مؤتمر وطني اقتصادي واجتماعي تشارك فيه كل الأطراف وتُمَثّلُ فيه الطبقات الفقيرة والمهمشة والجهات، وحذرت في بيان لها من خطورة انعكاسات قانون المالية على النسيج المجتمعي والسلم الاجتماعي وما يمثله من اعتداء على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، داعية إلى مراجعته جذريا في اتجاه التخفيف من أعبائه على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115