جزيرة قرقنة : 60 عاما من العزلة

يفصل بينها وبين مدينة صفاقس 19 ميلا بحريا، تجتازها (العبّارة البحرية) في ساعة، قبل ان تطل يابسة جزيرة قرقنة التي تنعزل عن العالم يوميا في حدود الساعة 6 و النصف مساء ولا تعود اليه الا في الخامسة صباحا، 11 ساعة من العزلة اليومية هي لعنة الجزيرة طوال 60 سنة

عمر دولة الاستقلال التي لم تجد بعد موطئ قدم لها هناك غير اجهزة الرقابة والخدمات الصحية والتعليم.

علي مساحة تتجاوز 150 كلم مربع يقطن حوالي 15 الف ساكن في عزلة شبه تامة، فما يربط بينهم وبين الضفة الاخري من اليابسة « بطاح »، تسير 6 منه شركة النقل الجديد بقرقنة احدى الشركات التي اسست في سبعينات القرن الماضي من قبل الاتحاد المحلي للشغل بجزيرة قرقنة.

تلك التجربة التي هدف من خلالها الحبيب عاشور، الامين العام لاتحاد الشغل السابق، الى كسر العزلة عن مسقط راسه، ببعبارة تربط بينهم وبين صفاقس وباطلاق تجربة اقتصاد تضامني « التعاضديات » الذي افرز انشاء ثلاثة فنادق في الجهة و بعض من الشركات الصغرى إحداها مختصة في توزيع المواد الغذائية في ظل عدم تقديم الدولة لاي شئ للجزيرة. وفق ما يؤكده محمد علي عروس، الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بالجهة، لكن هذه المشاريع اندثر جلها فتجاوزت نسبة البطالة فيها 25 %.

فقرقنة التي تفتقر لمحطة تطهير وتشكو من ضعف في الربط بالصرف الصحي، ظلت لعشرين سنة تقريا منذ الاستقلال مرتبطة بالجانب الاخر من اليابسة عبر مراكب بحارتها الذين مزجوا بين الصيد البحري ونقل البضائع من الجانبين، يقول عنها النقابي انها « ظلت مهمشة لعقود » وانه « لو لا الجهود الذاتية » لاهاليها لكانت اوضاعها اسأ مما هي عليه.

وما هي عليه الجزيرة اليوم يختزل بعبارات موجزة، غياب بنية تحتية، منطقة سياحية مغلقة غير مستغلة، تلوث بحري وتراجع في الانتاج الفلاحي، والاسوأ من كل هذا ان ثمن كل شي هو تقريبا ضعف ما هو عليه في الطرف الاخر من اليابسة، باستثناء المواد الغذائية المدعمة التي ترتفع احيانا اسعارها وفق شهادات اهالي الجهة.

وحده ما يظل ثابتا في المنطقة، التي هاجر اكثر من ثلثي ابنائها الى الطرف الاخر من اليابسة، هي منصات استخراج النفط والغاز من البحر المحيط بيها، ففي الجزيرة تنشط شركتان نفطيتان بارزتان، شركة بيتروفاك وشركة tps اللتان وعدتا بانشاء صندوق للتنمية في الجهة منذ 2011 بتمويلات تتجاوز 2 مليون دينار.

لكن وعود الشركتين كما وعود الدولة لم تجد طريقها للتنفيذ بعد، كتهيئة المنطقة السياحية وجعل الجزيرة قطبا سياحيا، نظرا لطول الشريط الساحلي بها ووجود مناطق اثرية ووعود بمعالجة ملف التلوث في الجهة، التي انخفضت فيها الثورة السمكية بنسبة هامة وفق شهادة العاملين في القطاع.

ووفق ما يؤكده عضو مجلس النواب الهادي قديش، لا تتوقف اشكاليات الجهة عند هذا الحد بل تشمل كل شيء في الجهة، فخدمة النقل البحري « شبه مشلولة » بالاضافة لوضع الميناء جعلها من التشجيعات الممنوحة للدولة للمستثمرين، وهي 25 % منحة استثمار، غير محفزة.

ربما هي المشاريع التي وعدت بها الدولة ولم تنجزها قد تحفز المستثمرين ومنها شراء (عبّارة) جديدة وتهيئة المناء البحري والفصل بين ميناء الصيد البحري والميناء التجاري، وفي الاخير معالجة المشاكل العاقرية في الجهة وترسيم الاراضي.
هذه الاجراءات يربط كل من نائب مجلس الشعب والقيادي النقابي بينها وبين مطالب المحتجين وهي الانطلاق في عمل الشركة البيئة وتقديم الشركات النفطية لمساهماتها المالية في صندوق التنمية، من اجل ان يكون للجزيرة امل في الارتباط بالعالم وكسر عزلتها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115