أردوغان في تونس ضمن جولة إفريقية: ملفات سياسية واقتصادية كبرى على طاولة البحث

حل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتونس في زيارة هي الثانية له منذ سنة 2011 ، وتأتي في اطار جولة افريقية استهلها بالسودان وتشاد..

ويرافق الرئيس التركي وفد كبير يضم رئيس الأركان خلوصي أكار، ووزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والاقتصاد نهاد زيبكجي، والزراعة والثروة الحيوانية أحمد أشرف فاقي بابا، والثقافة والسياحة نعمان قورتولموش، والمالية ناجي أغبال، والتربية عصمت يلماز، والدفاع نور الدين جانيكلي، والمواصلات والاتصالات والنقل البحري أحمد أرسلان، والطاقة والموارد الطبيعية براءت ألبيراق فضلًا عن عدد كبير من رجال الأعمال. ومن المنتظر ان يلتقي اليوم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب. وتهدف الجولة الى مزيد توطيد علاقات تركيا مع القارة السمراء سياسيا واقتصاديا ، في ظل وضع اقليمي متفجر بالأزمات...
وردا على الجدل الدائر بشأن ابعاد هذه الزيارة المتعلقة بمصالح تركيا الخارجية ، قال أردوغان عبر حسابه على تويتر أن تقارب تركيا من إخوتها الأفارقة ليس تقارب مصلحة من طرف واحد؛ مؤكدا إنها «علاقات منافع متبادلة تهدف للنهوض بالقارة السمراء». .
وتأتي الزيارة في وقت يتصاعد فيه الجدل حول سياسات اردوغان الداخلية والخارجية والتي تظهر توجه الرئيس التركي نحو الانفراد بالسلطة وفرض نفسه صاحب الكلمة الاوحد سواء في بلاده او على مستوى السياسات الخارجية لانقرة..وكان اردوغان قد اعطى اضوء الاخضر لجيشه من اجل القيام بعملية عسكرية كبرى داخل الاراضي السورية في اطار محاربة نفوذ قوات سوريا الديموقراطية الكردية وعدم السماح لها بالهيمنة على المناطق التي دحر منها داعش الارهابي..
تطوير العلاقة مع تونس
وشهدت العلاقات بين الجانبين التونسي والتركي تحسنا مطردا خلال السنوات التي تلت « ثورة 2011» ، واصبحت تونس وجهة رئيسية للاستثمارات التركية فهناك 50 مؤسسة اقتصادّية تركية في مجالات متعدّدة .
ووفق أرقام رسميّة لسنة 2015، فقد تطور التّبادل التجاري بين البلدين في مجالات مختلفة منها الأغذية والنّسيج والملابس الجاهزة والأحذية وأعمال البناء. وفي المقابل، فان عديد خبراء الاقتصاد يؤكدون على ضرورة مراجعة عديد الاتفاقيات الموقعة مع الجانب التركي والتي ارهقت ميزانية الدولة في وقت تبدو فيه تونس احوج ما تكون الى تصدير السلع بدلا من الاعتماد على سياسة الاستيراد والاستهلاك. ومن المتوقع ان يتم خلال الزيارة مراجعة عديد اتفاقيات التبادل التجاري خاصة على صعيد زيادة دعم تواجد المنتوجات الفلاحية التونسية في تركيا.
وقد تم الاعلان خلال أشغال الدورة الثالثة لمجلس الشراكة التونسي التركي الذي عقد قبل اشهر عن إبرام أربع اتفاقيات تتعلق بالترفيع في نصيب صادرات المنتجات التونسية نحو السوق التركية خاصة منتجات زيت الزيتون والمواد المنجمية والفسفاط والاسمنت . كما تم الاعلان مؤخرا عن فرض رسوم جمركية على عدد من المنتجات التركية وفقا لمقتضيات الاتفاقية .
السودان وأمن البحر الأحمر
وفيما يتعلق بزيارة اردوغان الى السودان فهي تكتسي اهمية كبيرة نظرا لكونها تعد الاولى لرئيس تركي الى هذا البلد منذ استقلاله عام 1956 . وطغى عليها البعد العسكري اذ شهدت توقيع اتفاقات للتعاون العسكري والامني بين الجانبين ، من بينها انشاء مرسى لصيانة السفن المدنية والعسكرية . واكد وزير الدفاع السوداني في ندوة صحفية ان «وزارة الدفاع السودانية منفتحة على التعاون العسكري مع اي جهة ولدينا تعاون عسكري مع الاشقاء والاصدقاء ومستعدون للتعاون العسكري مع تركيا». واضاف «وقعنا اتفاقية يمكن ان ينجم عنها اي نوع من انواع التعاون العسكري». من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو انه «تم توقيع اتفاقيات بخصوص أمن البحر الاحمر»، مؤكدا ان تركيا «ستواصل تقديم كل الدعم للسودان بخصوص أمن البحر الاحمر». وأضاف تشاوش اوغلو في المؤتمر الصحافي ان انقرة مهتمة بامن افريقيا والبحر الاحمر. وقال «نحن مهتمون بأمن السودان وإفريقيا وأمن البحر الاحمر».
وتابع «لدينا قاعدة عسكرية في الصومال ولدينا توجيهات رئاسية لتقديم الدعم للامن والشرطة والجانب العسكري للسودان ونواصل تطوير العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية».
وفي اطار مسعى اردوغان الى استرجاع امجاد ماضي الخلافة العثمانية فقد حرص على توقيع اتفاق يتعلق بتولي تركيا اعادة الاعمار وترميم الاثار في جزيرة سواكن التي تضم آثارا من عهد الدولة العثمانية التركية وحكمها للسودان ومنطقة جنوب البحر الاحمر في الفترة من 1821 الى 1885. والمعلوم ان هذه الجزيرة تكتسي اهمية لدى الأتراك ولها رمزية تاريخية فقد كانت تتبع مباشرة للخليفة العثماني في الاستانة وليس للحاكم في السودان او مصر.
المحور التركي الايراني القطري؟
واكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، امس بانه لا يوجد محور «تركي إيراني قطري»، مشيرا الى أنّ بلاده تنظر إلى كافة الدول الإسلامية نظرة متساوية. وذلك في مؤتمر صحفي عقده، امس مع نظيره السوداني إبراهيم غندور. وأضاف جاويش أوغلو: «لا يوجد شيء اسمه المحور التركي الإيراني القطري؛ فتركيا هي رئيسة الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي، وهي تنظر إلى كافة البلدان الإسلامية نظرة متساوية، وتقول لمن ارتكب خطأ إنه مخطئ». وشدد اوغلو على ان التقارب في وجهات النظر فيما يخص الازمتين السورية والعراقية لا يجب ان يفسر على انه تشكيل محور او تحالف .
وكان اللافت هو الحضور القطري خلال الزيارة ..وتمثل بعقد رئيس أركان الجيش التركي الجنرال خلوصي أكار، اجتماعًا ثلاثيًا مع نظيريه السوداني عماد الدين مصطفى عدوي، والقطري غانم بن شاهين الغانم.
وتأتي جولة اردوغان بعد اسبوعين من احتضان اسطنبول القمة الاسلامية الطارئة بشأن الوضع في فلسطين ...وفي هذا السياق أكّد اوغلو أنّ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقدس عاصمة لإسرائيل، أظهر الحاجة الماسة لتحقيق الوحدة في العالم الإسلامي، أكثر من أي وقت مضى.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115