المجلس الوطني الاستثنائي لـ«آفاق تونس»: تصاعد مطالب الانسحاب من الحكومة ورياض المؤخر أول المغادرين من الحزب

• تصفية كل الحسابات... في الحزب...مع شركائه...والحكومة

لم تهدأ يوم امس هواتف اعضاء المجلس الوطني لحزب افاق تونس الـ150، فسواء تلك التي صدر منها اتصال او تستقبله، كان الموضوع واحدا بتشعب تفاصيله، «ماذا نفعل غدا؟»، بالنسبة للوضع الداخلي للحزب، لعلاقته بشركاء الحكم وأخيرا بالحكومة. جملة من الاسئلة يبحث عبرها قادة الحزب عن تصفية كل الحسابات وتحديد الخطوات القادمة في ظل تعدد الاراء صلبه ليتضح المشهد اكثر باستقالة رياض المؤخر من مهامه الحزبية، في خطوة تستبق اعلان الحزب الانسحاب من حكومة اليوم.

اسماء كثيرة طولب برؤوسها في نقاشات بينية بين أعضاء المجلس الوطني لحزب افاق تونس، منها اسم وزير البيئة رياض المؤخر، الذي يشغل ايضا منصب رئيس المجلس الوطني للحزب، مطالب استبقها الوزير بان قدم استقالته مساء امس، ساعات قبل انعقاد المجلس الوطني للحزب الذي بات شبه أكيد انه يتجه للخروج من الحكومة.
المؤخر اعلم حزبه رسميا انه استقال من مهامه كرئيس للمجلس الوطني، وانه جمد عضويته في الحزب، وفق ما أكده أعضاء من آفاق تونس، في ظل إغلاق الوزير لهواتفه ، خطوة جاءت عشية انعقاد المجلس الاستثنائي للحزب، الذي سبقته مطالب عديدة بالانسحاب من الحكومة، مما أربك قيادات في الحزب، لا ترى أن الخروج قرار سليم، من أبرزهم وزراؤه في الحكومة.

خيار المؤخر الذي يشبه ما سلكه زميله في الحكومة اياد الدهماني، الاستقالة من الحزب للحفاظ على عضوية الحكومة خيار يكشف ان كفة الغاضبين في افاق تونس هي الأثقل، فهؤلاء يمثلون جزءا هاما من أعضاء المجلس الوطني، الذين وحّدهم قانون المالية خلف القائلين بالخروج من الحكومة.
حكومة بات مرجحا ان تفقد احد احزابها المؤسسة والداعمة، في انتظار ان يقرر وزراء الحزب وكتاب الدولة، خيارهم سواء بالالتحاق بزميلهم السابق في الحزب رياض المؤخر، والاستقالة من افاق، او الاستقالة من الحكومة التزاما بقرار الحزب.

ما يجمع الـ150 شخصا، المجتمعين اليوم في بهو احد فنادق قمرت بالعاصمة، ليس انتماءهم الى المجلس الوطني لحزب افاق تونس، الذي دعي على عجل لعقد دورة استثنائية، فقط بل تقاسمهم لحزمة من الأسئلة تشمل، كيف سيتصرف الحزب مع نوابه الذين لم يلتزموا بقرار التحفظ على قانون المالية، وتشمل تموقع الحزب مع او ضد الترويكا الجديدة بشكل واضح لا لبس فيه، وتنتهي إلى تحديد هل يستمر الحزب في الحكومة ام ينسحب منها.

أسئلة إجاباتها تختلف من شخص إلى آخر ممن سيشاركون في أشغال المجلس الوطني، الذي حدد ثلاث نقاط في جدول أعماله، الأولى موقف الحزب من قانون المالية بهدف غلق ملفها بعد كل ما حدث، ثانيها وتتصل بالأولى، المشروع السياسي للحزب في إطار ثوابته وتطورات الساحة السياسية وختاما الانتخابات البلدية.
ثلاث نقاط وردت، كما هي مدونة فوق، في نص الدعوة الموجهة الى أعضاء المجلس، لكنها لن تكون هي الموضوع الرئيسي الفعلي في نقاشات اليوم، فجزء هام من قادة الصف الاول للحزب والثاني، تعلن في تصريحات غير رسمية أن الموضوع الأساسي والوحيد، «تصفية الحساب» اي حسم كل النقاط الخلافية صلب الحزب.
نقاط أدت من وجهة نظر جزء من القيادات الى انقسام أصوات نواب الحزب في المجلس لدى التصويت على قانون المالية لسنة 2018 الأسبوع الفارط، لينتهي الأمر بهم إلى تصويت 4 من أصل 9 نواب لصالح القانون، فيما احتفظ 3، من بينهم رئيسة الكتلة، وتغيب نائبين.
هذا ما تحمله كواليس الاستعداد للمجلس، لكن على المستوى الرسمي يقول كريم الهلالي ان المجلس سيناقش ثلاث نقاط واردة في جدول اعماله، ويتجنب الخوض في تفاصيل عدة، منها تصويت نواب من الكتلة وهو منهم على قانون المالية، في مخالفة لقرار الحزب التحفظ، وهو ما يعتبره «ضرورة» فرضها عدم التخلي عن «التزام الحزب مع الحكومة» حتى وان كان «رافضا للقانون وغير مقتنع به».

الهلالي، وهو رئيس المكتب السياسي، تجنب الخوض في الكثير من النقاط الحساسة المنتظر ان تثار اليوم، مخيرا ترك الامور الى حين حسمها في المجلس بعد مناقشتها، منها مصير الحزب ومستقبله في الحكومة، فهو وان لم يعرب عن اي موقف يلزم الحزب فقد المح الى وجود من يطالبون بالخروج من الحكومة.
مطالب لا تقتصر على الخروج من الحكم بل تشمل وفق قيادات اخرى التدقيق في اسباب امتناع اربعة من نواب الحزب عن الالتزام بقراره، ودوافع تصويتهم بنعم على قانون مالية يصفه الحزب «بالكارثة» والفاشل. وهي نقطة اولى يراد بها وبعدها رسم الخيارات السياسية للحزب بشكل واضح اي تحديد موقعه، وكيف يقيّم الحكومة ومنظومة الحكم، وكيف سيتصرف في علاقته بـ«الترويكا الجديدة» هل يعاديها ام يهادنها، وان عاداها الى اي حد سيصل، فرضيات عدة تتناقل في كواليس الحزب، الذي يشير اكثر من طرف فيه الى ان غالبيته باتت تريد الخروج من الحكومة وفض الشراكة مع النهضة والنداء.

حججهم ذاتها، شراكة كلفت الحزب الكثير مقابل لا شيء، والحكومة عاجزة عن القيام بخطوات جريئة تحسب لها وتؤخذ بعين الاعتبار في تحديد تقييم الخسائر التي تكبدها الحزب بتقاربه مع الحركتين، النهضة والنداء.

لكن الاهم هو قناعة شبه راسخة لدى جزء من الحزب، بان ايام حكومة الوحدة الوطنية معدودة، وان الترويكا الجديدة اوشكت على الانتهاء من مرحلتها التمهيدية، التي تريد بها محاصرة الحكومة وفرض وقائع جديدة على المشهد. ويستشهدون هنا بتوافق الثلاثي على اسم رئيس الهيئة، وعلى تمرير قانون المالية وعلى تحديد موعد الانتخابات البلدية.
استدلال يراد به الاشارة الى ان من بات يتحكم فعليا في العمل السياسي هي «الترويكا الجديدة» وما باقي الاحزاب الا شهود وفي افضل الاحوال صف الدفاع الاخير ضد انحراف الانتقال الديمقراطي. الذي بات مهددا من وجهة نظرهم بتغول الثلاثي.
خطر يجعل فريقا هاما منهم يتمسك بالخروج من الحكومة والذهاب الى المعارضة، للتخلص من واجب «التحفظ» و«التضامن الحكومي» لتوفير هامش حركة امام الحزب للتباين والصراع مع اغلبية الحكم القادمة.

في اثناء هذا لا تغيب التفاصيل الصغيرة والشخصية عن الخلافات الداخلية، وهي التي سترجح في النهاية اي كفة سترجح، البقاء في الحكومة وهذا يعنى طي ملف قانون المالية او الخروج وما سيتبعه من فتح لملف القانون والنظر في ما سيتخذ بشان النواب المخالفين، وهي ايضا من ستكون حاسمة وفعالة ان رفعت ورقة «خطر الانقسام»- وهو مستبعد، في اشغال المجلس الذي سيكون علامة فاصلة في مسار الحزب.

مسار يريد له شق الغاضبين ان «يراجع» وان يتخلصوا من «ثقل» الحكومة وتكبيلها لهم، وهي خطوة اولى ستبنى عليها إستراتيجيتهم القادمة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115