«الترويكا الجديدة» بين النداء والنهضة والوطني الحر: بعد الشراكة والتعايش، «التشاور» هو عنوان المرحلة

تغير الخطاب السياسي لكل من النهضة والنداء والوطني الحر، بشأن لقاءات قادتهم، ليصبح من مجرد «لقاء تشاوري»

إلى لقاء ذي آفاق سياسية ممكنة، في إشارة إلى إمكانية الانتقال إلى مرحلة الإقرار الرسمي بان هناك «تنسيقية ثلاثية» تناقش وتتخذ قرارات مشتركة تنزلها لاحقا على الأرض، وكل منهم تحركه «غايات» مختلفة.

مرت ثلاثة أيام عن آخر لقاء جمع بين كل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي وأخيرا رئيس الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي، بمقر حركة النهضة، كانت كافية لعودة الحديث عن تحالف ثلاثي يجد مؤيداته في السلوك السياسي للأحزاب الثلاثة وان رفض الخطاب المعلن الاقرار بذلك.
إذ انتهى اللقاء يومها ببلاغ قيل فيه ان الاجتماع بين الاحزاب الثلاثة ناقش مسألتين هما الانتخابات البلدية وهيئة الحقيقة والكرامة وتم الاتفاق فيهما على القيام بمشاورات مع الأحزاب لتحديد موعد لإجراء الانتخابات البلدية على أن يكون بين شهري مارس وماي 2018، وثانيا دعوة مجلس النواب الى سد شغور هيئة الحقيقة والكرامة.
النقطتان المتفق عليهما تحملان في طياتهما نوعا من الصفقة بين الأطراف الثلاثة على قبول تأجيل الانتخابات الى ماي القادم، وهو ما يرغب فيه النداء والوطني الحر بدرجة اقل، مقابل سد شغور الهيئة الذي ترغب فيه النهضة. هذا الاتفاق مع ما سبقه من سلوكيات سياسية تعكس بشكل جلي ان اللقاء ليس للتشاور كما يعلن اصحابه، انما هو تحالف سياسي او تنسيقية غير معلن عنها بشكل رسمي.

نفي هذا الامر قاسم مشترك بين كل من النهضة والنداء، فالناطق الرسمي باسم نداء تونس منجي الحرباوي، يشدد على ان الاجتماع هو لقاء تشاوري لا اكثر او لا اقل وان اشار بان اللقاء الثالث سيكون في مقر الاتحاد الوطني الحر، في اطار دورية الاستضافة.
تجنب الاقرار بان ما يجمع ثلاثتهم هو تنسيقية غير مستوفاة لهيكلتها، بل والتمسك بنفي الصفة عنها لم يحل دون ان يشير الحرباوي الى ان اللقاءات بين الأحزاب الثلاثة لها افق للتطور، في تلميح الى انه قد يتم تجاوز اللقاء الى تنسيقية ائتلافية.

ما سيحدد هذا الامر هو التطورات القادمة التي لا تستعجل حركة نداء تونس في وقوعها مقابل استعجالها الوصول الى توافق بشان موعد الانتخابات البلدية، فرغم تاكيد الحرباوي على ان حزبه جاهز للانتخابات في موعدها السابق او الحالي الا انه يرغب في تأجيلها الى منتصف ماي القادم حتى تستوفى شروطها.
تقديم التوافق على موعد الانتخابات البلدية، الذي تتمسك النهضة بمفردها تقريبا على ان يكون في موعده الجديد 25 مارس القادم، هو محاولة من النداء لتعزيز مكاسبه في اطار التقارب الجديد مع حليفيه، الذي يشدد اكبرهم وهي النهضة على انها في الوقت الراهن تتعامل مع لقاءات تشاورية بينها وبين الحزبين وليست تنسيقية او تحالف.
فالتنسيقية مرحلة يؤكد سامي الطريقي انها لا تزال بعيدة عن متناولهم اليوم، في إطار قراءة حدد عضو المكتب السياسي للحركة على انها توسيع قاعدة التوافق وتوفير حزام سياسي اكبر خلف الحكومة في الفترة القادمة.

الاقرار بان التنسيقية مرحلة لم يصل اليها ثلاثتهم لم يحل دون ان يشير القيادي بالحركة الى انها امر مرغوب فيه ولكن بتمثيلية اوسع، فحركته لاتزال متمسكة بخيار التوافق الواسع مع الشركاء السياسيين، ولا ترغب في الاستعجال ولا في ان تمارس السياسة في اطار ردود الفعل.
النهضة التي لا تنفي في ادبياتها الأخيرة وتصريحات قادتها ان المصالحة مع الدولة والتعاطي مع المتغير الاقليمي هما عناصر هامة في اتباعها خيار التوافق، لا تبحث فقط عن توسعة قاعدة الترويكا الجديدة وانما عن اعادة ترتيب اوراقها وفرض نسقها عليها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115