على اثر إدراج تونس بـ«القائمة السوداء»: غضب وتنديد بقرار الاتحاد الأوروبي مع دعوة الحكومة للتعامل الجدي مع الملف

تواصلت ردود الأفعال الغاضبة والمنددة بإدراج تونس من قبل مصالح الاتحاد الأوروبي بقائمة الدول غير المتعاونة جبائيا وتصنيفها ضمن القائمة السوداء

لتتتالى البيانات الرافضة لهذا التصنيف الذي سيضرّ بصورة البلاد وستكون تداعياته جدّ وخيمة عليها، فهو ضربة موجعة للاقتصاد الوطني وكذلك للاستثمار والترقيم السيادي للبلاد مع دعوة الحكومة إلى التعامل بجدية مع هذا الملف ووضع كل الثقل والإمكانيات لإصلاح الوضع في أقرب الأوقات.

سفير الاتحاد الأوروبي بتونس باتريس برغاميني كشف أن تونس كانت قد أرسلت تقريرها التوضيحي حول آليات محاربتها التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب متأخرا عشية يوم الاجتماع، مشددا في تصريح للإذاعة الوطنية على أن القائمة ليست نهائية باعتبار أن اجتماعات دورية تحصل كل شهر وربما ستتغير. وبين أنه سيتم التوصل مع الجهات التونسية للعمل على خروجها من القائمة السوداء لجنات التهرب الضريبي وذلك في جانفي المقبل. وتابع السفير أن الاتحاد الأوروبي مقتنع انه سيتم إيجاد خطة لإنهاء الأزمة بسرعة وسحب تونس من القائمة.

لقاء الشاهد بسفراء الاتحاد الأوروبي بتونس
من المنتظر أن يلتقي رئيس الحكومة يوسف الشاهد اليوم الخميس بـ 28 سفيرا للاتحاد الأوروبي المتواجدين في تونس في محاولة للبحث عن حلّ لإخراج تونس من القائمة السوداء التي ضمت أسماء الجهات المختصة بالضرائب التي لم تتعاون مع الاتحاد الأوروبي خلال الحوار الجاري منذ أكثر من سنة، وشملت القائمة إلى جانب تونس كلا من البحرين والإمارات وجزيرة ساموا الأمريكية وجزيرة بربادوس ودولة غريناد وجزيرة غوام وكوريا الجنوبية ومنطقة ماكاو وجزر مارشال ومنغوليا ونامبيا وجمهورية بالاو وبانما وسانت لويسا وساموا وترينيداد وتوباغو وفي المقابل تم تصنيف المغرب والرأس الأخضر في القائمة الرمادية التي تتضمن هذه الدول التي تعهدت بالالتزام بمعايير الاتحاد الأوروبي الضريبية بعد أن كانت ضمن القائمة السوداء.

حسب تقرير نشر في «وول ستريت جورنال» فإن تونس لم تنجح إلى حد الآن فيتشكيل مجموعات ضغط دبلوماسية في دول بعينها لتفادي مثل هذه الإجراءات التي يتم استخدامها كورقة ضغط خاصة وأن عددا من الدول يفترض أن تكون ضمن هذه القائمة السوداء إلا أنها نجحت في الانسحاب منها بفضل الضغوطات والأوراق التي ربما استخدمتها ضمن ما يعرف بـ «لوبيات ضغط». علما وأنه تمّ إعداد هذه القائمة باعتماد 3 معايير تتعلق بالشفافية الضريبية والعدالة الجبائية وتطبيق إجراءات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

7 مراسلات
وزير المالية رضا شلغوم أكد خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب أمس ردا على تساؤلات النواب أن تصنيف تونس على لائحة الجنات الضريبية لا يتماشى مع طبيعة علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، مشددا على أنه ستتم الدعوة إلى حوار حول هذا الملف، وبين أن الوزارة قامت منذ أكتوبر الفارط بتوجيه 7 مراسلات للاتحاد الأوروبي لتوضيح الجوانب التي أثارها الاتحاد. وأضاف أن الجانب الأوروبي اعتبر أن المنظومة الجبائية التونسية تتميز إجمالا بالشفافية ومطابقة لمبادئ مدونة السلوك الجبائية الأوروبية إلا أن ممثلي الاتحاد الأوروبي أبدوا تحفظا بخصوص مدى تطابق نظام التصدير ونظام الخدمات المالية لغير المقيمين مع مقتضيات مدونة السلوك الأوروبية، مشيرا إلى أن الجانب الأوروبي طالب بإلغائها في أجل أقصاه موفى 2018 إلا أنه قام بتصنيف تونس بالقائمة المذكورة واعتبر أن الأنظمة التفاضلية أنظمة مضرة لاقتصاديات الاتحاد الأوروبي بالأساس.

مراجعة التصنيف في أقرب الآجال
عبّرت وزارة الخارجية عن استياء تونس واستغرابها من هذا التصنيف الذي لا يعكس الجهود المبذولة من أجل الالتزام بالمقتضيات الدولية للشفافية الجبائية ومن بينها الانخراط، بصفة شريك، في الإطار الشامل للإجراءات المتعلّقة بالحدّ من تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح(BEPS) . وأكدت الوزارة في بيان أصدرته أمس أن تونس كانت قد قدّمت للمصالح الفنية للاتحاد الأوروبي كافة البيانات والتوضيحات المتعلقة بمطابقة المنظومة الجبائية التونسية لمبادئ «مدونة السلوك» الأوروبية في المجال الجبائي، مشيرة إلى أن المصالح المذكورة أقرّت بتطابق هذه المنظومة مع قواعد الشفافية . ودعت الوزارة في ذات البيان إلى مراجعة هذا التصنيف في أقرب الآجال، مجدّدة استعدادها لإيجاد الحلول للإشكالات التقنية والإجرائية المتعلّقة بنظام الامتيازات الجبائية، وذلك من منطلق حرصها على تمتين علاقاتها الإستراتيجية والتقليدية مع الاتحاد الأوروبي.

اتحاد الشغل..ينبه إلى ضعف أداء الدبلوماسية الاقتصادية التونسية
الاتحاد العام التونسي للشغل بدوره ندد في بيان له بتصنيف تونس ملاذا ضريبيا، معبرا عن أسفه من إدراج تونس ضمن «القائمة السوداء» التي تشمل 17 ملاذا ضريبيا، واعتبره غير مُنصف لتونس رغم ما تحتاجه منظومتها الجبائية من إصلاحات، وهو تصنيف يمثّل ضربة للمسار الانتقالي الذي تمرّ به البلاد ولبنائها الديمقراطي». وأضاف أن هذا التّصنيف قد تنجر عنه عقوبات اقتصادية، «في وقت تستعدّ فيه بلادنا لخوض جولة جديدة من المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقية التبادل الحرّ ولتعبئة موارد الاقتراض الخارجي لميزانية 2018، ممّا سيشكّل ضغطا إضافيّا على هذه المفاوضات». ودعا اتحاد الشغل الحكومة إلى التعاطي الجدّي والمسؤول مع هذا الملفّ والتدقيق في الأسباب الموضوعية لهذا التصنيف في كنف التشاركية والمضيّ قُدما في إصلاح جبائي يقطع مع التّمييز الضريبي ويكرّس مقوّمات الشفافية في مجال الجباية طبق المعايير الدولية. كما نبهت المنظمة الشغيلة إلى «ضعف أداء الدبلوماسية الاقتصادية التونسية وتقصيرها في التعامل مع هذا الملف المطروح للنقاش صلب المفوضية الأوروبية منذ جوان 2015»، وفق نص البيان.

منظمة الأعراف..دعوة إلى استئناف الحوار
أما بالنسبة لمنظمة الأعراف فقد عبرت هي الأخرى عن شديد استغرابها من قرار وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، مشيرة في بيان لها إلى أن إدراج تونس ضمن قائمة سوداء للملاذات الضريبية له تداعيات «سلبية جدا» على علاقات تونس مع الاتحاد وعلى صورتها رغم نجاحها في عملية الانتقال الديمقراطي وعلى الاستثمار الأجنبي وترقيمها السيادي إضافة إلى برامج التعاون الثنائي. وشددت المنظمة على ضرورة الكشف عن كل الملابسات التي أدت إلى اتخاذ القرار داعيا الحكومة إلى الإسراع باتخاذ الخطوات اللازمة لاستئناف الحوار مع الاتحاد الأوربي حول هذا الموضوع ووضع كل الثقل والإمكانيات لإصلاح الوضع في أقرب الأوقات.
البنك المركزي..الملف ليس من مهامنا بل من مشمولات وزارة المالية

البنك المركزي التونسي اعتبر أن قرار إدراج تونس بالقائمة الأوربية السوداء لا يهم البنك المركزي التونسي بصفة مباشرة، وفق تصريح للمديرة العامة للرقابة المصرفية بالبنك المركزي نادية قمحة على هامش ندوة حول مواصفات «بنك الغد» والإصلاحات لتستدرك فيما بعد بقولها إن هذا الملف من مشمولات وزارة المالية المعنية بالملف الجبائي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115