الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة: القواعد النقابية تهدد الاتفاق المبدئي بين المركزية والقصبة

يمكن أن تختزل العلاقة بين الحكومة واتحاد الشغل في الصورة الغلاف، توافق بين رئيس الحكومة والأمين العام مقابل غضب النقابات الأساسية وإتباعها سياسة التصعيد، ضد الحكومة

سواء بإعلان سلسلة من الإضرابات أو التصريح برفض مضمون إصلاحات الصناديق الاجتماعية، أي أن الاتفاق المبدئي بات مصيره معلقا بما ستقرره المركزية النقابية، هل تلتزم بالاتفاق أم تستجيب لضغط القواعد حتى وان كانت غير راضية عن خيارهم.

سلسلة من الإضرابات والتحركات التصعيدية أعلنتها النقابات الأساسية المنضوية تحت سقف اتحاد الشغل، خلال الأيام الفارطة، كلها تحت شعارات متقاربة وان اختلفت النقابات الداعية لها، رفض قانون المالية لسنة 2018 أو فصول فيه، رفض الترفيع في سن التقاعد، والمطالبة بتطبيق الاتفاقيات المبرمة سابقا (انظر إلى مقالي كريمة الماجري، ومجدي الورفلي).
هذا الوضع المتأزم اليوم بين الحكومة والنقابات الأساسية التي تخير الطرف الحكومي بين التصعيد او الاستجابة لجملة من المطالب سيكون لها انعكاس مادي، تطور جاء عقب نجاح الحكومة في الوصول إلى توافقات مع المركزية النقابية، في اجتماع الثلاثاء الفارط، وتخصّ أساسا الزيادة العامة في الأجور في الوظيفة العمومية والقطاع العام والزيادة في الأجر الأدنى المضمون وتسوية وضعية عمال حضائر ما بعد 2011 بالإضافة إلى إصلاح القانون العام للوظيفة العمومية والمنشآت العمومية.

لكن بالأساس كان الاتفاق الأهم، هو ملف التقاعد والصناديق الاجتماعية الذي كان محل تجاذب بين الطرفين، فالحكومة التي أعلنت قبل أسبوعين أنها تمكنت من الوصول الى توافق مع الاتحاد ووجهت بنفي من القيادات المركزية.

نفي كان سببه الأساسي ان للاتحاد تصورا يضع «الإصلاحات في حزمة واحدة» اي انه لن يلتزم بها إن لم يكن شاملا والمقصود هنا ليس مبدأ الترفيع في سن التقاعد بسنتين إجباريا وبثلاث اختياري، إنما كيفية التصرف في عائدات الضريبة التضامنية، ومن هي الجهات التي ستساهم فيها.
فالاتحاد الذي يرى بان توجه كل عائدات الضريبة التضامنية إلى الصناديق الاجتماعية لسد عجزها، أي أن يقع التنصيص صراحة على ذلك، كما التنصيص على أن الضريبة التضامنية تقتطع من الأجراء ومن المؤسسات الاقتصادية على حد السواء.

هذه المقاربة التي يقول الاتحاد أنها تعكس الاستعداد المطلق للمساهمة في عملية إصلاح الصناديق الاجتماعية من خلال الترفيع الإجباري في سنّ التقاعد بسنتين كأحد الإجراءات في ظل حزمة من الإجراءات تجسد «التضحيات المشتركة» من قبل الجميع، والقصد هم الأعراف.
مطالب لبتها حكومة الشاهد سواء بشكل صريح أو بالإحالة لمجلس النواب، وبذلك مكنت حزمة الاتفاقات اتحاد الشغل مما كان يريده، والهدف هو ضمان دعم المنظمة النقابية للحكومة وخياراتها الإصلاحية، وهذا جوهر الاتفاق بين الطرفين.

لكن هذا الدعم بات محل تهديد من قبل النقابات الأساسية خاصة في سلك التعليم الثانوي، التي لم تقتصر على رفض مشروع قانون المالية لسنة 2018 إنما ألحقت رفضها للاتفاق المبدئي بين المركزية والحكومة بشأن الترفيع في سن التقاعد.

أزمة تقول المركزية أنها ستتجاوزها، وستصل الى حل مع حكومة الشاهد في اطار الاتفاق المبدئي بينهما، والحل تشدد المركزية على انه سيراعي وضع الصناديق الاجتماعية المالي الذي يشهد صعوبات. تلميحات ترتبط بإشارة إلى أن المركزية «غير راضية» عن النقابات الأساسية، سواء نقابة التعليم أو نقابة المالية.
وان كانت في حالة نقابة المالية أعلنت رفضها وتنصلها من الإضراب المعلن، فإنها مع نقابة التعليم تمسك العصا من منتصفها، اي تتجنب تصعيد الخطاب او إعلان»الغضب» في وسائل الإعلام مع البحث عن ضبط النقابة ومنع التصعيد الذي لوحت به في الأسابيع القادمة.

الحل الوسطي وفق المركزية النقابية سيكون في إطار مناقشات الترفيع في سن التقاعد، فهي وان أقرت بقبولها المبدئي للترفيع الإجباري بسنتين في سن التقاعد وبثلاث اختياريا، ستحرص على أن تكون مناقشة الأمر وفق الأسلاك والقطاعات.

مناقشات تأمل المركزية النقابية بان تمكنها من الوصول لحل يراعي التزامها مع الحكومة ومطالب نقابة التعليم الثانوي، التي تريد ان يقع إعفاء المنضوين تحتها من مراجعة سن التقاعد، وهو ما يقابله إقرار من المركزية النقابية بإمكانية الوصول اليه.
في ظل هذا التجاذب الداخلي في الاتحاد، تتخذ الحكومة موقف حذرا، فهي لم تصدر اي موقف مما يحدث تاركة الأمر بيد المركزية النقابية للاتحاد لانقاذ الاتفاق المبدئي بينهما، فالحكومة تعتبر أنّ عملية إصلاحها لا يمكن ان تتجزأ وتسقط في الاستثناءات التي قد تتسع رقعتها ان قبلت بانتهاج هذا المبدأ.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115