التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لسنة 2016: استغلال نفوذ..انتدابات غير قانونية..اختلاسات ..ارتشاء وتلاعب بالصفقات العمومية.. أغلبية مؤسسات الدولة ينخرها الفساد

كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لسنة 2016 والذي يعدّ الأول من نوعه منذ إحداث الهيئة، سنة 2011

عن أن غالبية ملفات الفساد تهم مؤسسات الدولة خاصة منها الشركة التونسية للكهرباء والغاز «الستاغ» والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه «الصوناد» والصناديق الاجتماعية وشركة الخطوط التونسية ومؤسستي الإذاعة التونسية والتلفزة الوطنية..، شبهات فساد تعلقت بالانتدابات بين الانتداب خارج نطاق القانون والتلاعب بالمناظرات وتشغيل أشخاص من الأقارب لا تتوفر فيهم الشروط العلمية إلى جانب شبهات في الشراءات والصفقات العمومية والاختلاسات ومنح امتيازات ومنح لأعوان دون وجه حق والحصول على رشاوي من شركات مقاولة لتسند لها الصفقة العمومية وغيرها من شبهات الفساد التي مازالت وفق الهيئة مستشرية إلى حدّ اليوم وأن الأشخاص التي تعلقت بهم شبهات الفساد مازالوا يواصلون مهامهم وهناك من تمت ترقيته.

تحتل المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية المرتبة الأولى في ملفات الفساد المالي والجرائم الاقتصادية، حيث يبلغ عدد الملفات المتعلقة بها 805 ملفات أي ما يمثل 46 بالمائة من مجموع حالات الفساد في حين أن الفساد المالي لدى الأفراد العاديين يمثل 36.7 بالمائة من المجموع، ومن بين الملفات الواردة على الهيئة سنة 2016 وعددها الجملي 3433 ملفا، هناك 1671 ملفا بصدد المعالجة و1048 ملفا في وضعية متابعة، أما الملفات التي تمّ البت فيها نهائيا بالحفظ فتبلغ 460 ملفا أما المحالة على القضاء فعددها 94 ملفا فيما أحيل 108 ملفات إلى الهياكل الإدارية ذات النظر و47 ملفا إلى هيئة الحقيقة والكرامة.

انتداب أشخاص مقربين من سلطة القرار
تلقت هيئة مكافحة الفساد 9027 عريضة، منها 5594 وردت على الهيئة على الرقم الأخضر، و275 عن طريق البريد الالكتروني، فيما تم تسجيل 2200 منها بمكتب الضبط، وإحالة 958 منها من رئاسة الحكومة، مشيرا إلى أن عدد الملفات التي ورثتها الهيئة عن لجنة تقصّي الحقائق للمرحوم عبد الفتاح عمر تجاوز 9 آلاف ملف تمّ البت في 4680 وقد تمت إحالة 459 ملفا على القضاء وقد تعهدت هيئة مكافحة الفساد بالنظر في 5308 ملف. وقد كشف شوقي الطبيب رئيس الهيئة خلال ندوة صحفية عقدتها الهيئة أمس لعرض تقريرها السنوي والذي جاء في 480 صفحة عن وجود ملفات تخص شبهات متعلقة بالانتدابات والصفقات العمومية تهم عديد الإدارات و الهياكل العمومية، على غرار انتدابات بالمجلس الوطني للاعتماد، حيث لاحظت الهيئة شبهات فساد كبيرة في المناظرات خاصة الخارجية بغرض انتداب أشخاص مقربين من سلطة القرار دون اعتماد معايير الكفاءة والجدارة إلى جانب التلاعب بالأعداد المسندة بورقة التقييم وكذلك المركز الوطني البيداغوجي من خلال الانتداب على أساس المحاباة واستغلال النفوذ والتدخلات من داخل المؤسسة وخارجها، أما بالنسبة

للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإن الانتدابات تمت بالاتفاق مع أطراف نقابية، انتدابات خارج نطاق القانون بتواطئ مع المسؤولين الإداريين إلى جانب تحايل والتفاف على القانون باعتماد صيغة التعاقد المباشر تحت تعلة سدّ الشغورات للصبغة الاستعجالية وترسيم متعاقدين قبل انتهاء المدة المنصوص عليها بالعقود فضلا عن التلاعب بالمناظرات وتمرير أشخاص من الأقارب لا تتوفر فيهم الشروط العلمية والكفاءة للترشح، نفس الشيء بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، حيث تعهدت الهيئة بالتقصي في شبهة فساد نسبت إلى إطار سام سابق بوزارة الشؤون الاجتماعية تمّ تكليفه لاحقا بخطة رئيس مدير عام الصندوق الوطني للتقاعد تعلقت بالتدخل لفائدة أقرباء له لانتداباتهم للعمل بالصندوق وكذلك لفائدة ابنته لترسيمها بمركز البحوث والدراسات في مجال الضمان الاجتماعي.

3 أعضاء في لجنة الانتدابات تلاعبوا بإجراءات المناظرة
فساد في الانتدابات صلب مؤسسات الدولة، انتداب عدد يفوق العدد المصادق عليه، انتدابات مباشرة دون الخضوع لمناظرة واحترام لجنة المناظرات..انتداب الأقارب..عدم احترام شروط الانتداب..وغيرها من الشبهات ولكن وفق تقرير الهيئة فإن المؤسسات المعنية لم تقدم توضيحات حول كيفية الانتدابات المباشرة ولا حتى نشر نتائج المناظرات والأهم من كل هذا هو أن 3 من أعضاء لجنة الانتدابات يشتبه في تلاعبهم بإجراءات المناظرة بهدف انتداب أقاربهم، ناهيك عن شبهات الفساد في الانتدابات التي تمت صلب الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، سوء تصرف وانتدابات زائدة ممّا ألحق ضررا ماليا بالشركة عبر تمتيع الأعوان بمنح وامتيازات دون وجه حق والجمع بين منح خاصة بالإطارات ومنح خاصة بأعوان التسيير وإسناد تسبقات بمبالغ مرتفعة وفي غياب أية سندات وتخصيص سيارات مصلحة لأغراض شخصية وإسناد ساعات إضافية غير واقعية وغير صحيحة.

افتعال نقص في التزود بالكهرباء
وفيما يتعلق بشبهات الفساد في الصفقات العمومية، فقد تلقت الهيئة 140 شكاية تتعلق بالصفقات العمومية، وتحدث التقرير عن شبهة فساد بالشركة التونسية للكهرباء والغاز أنّه تم افتعال نقص في التزود بالكهرباء لإبرام صفقات مع شركة معيّنة لتركيز محطات توليد الكهرباء، هذا وتعلقت شبهة فساد بصفقات عمومية مبرمة من طرف إدارة المصالح الكهربائية بديوان الطيران المدني من خلال التعاقد مع وكيل شركة تربطه علاقة صداقة متينة مع مسؤول بديوان الطيران المدني والمطارات وإعداد كراس الشروط لا يعتمد على مبدأ المنافسة الشريفة بين الشركات. أما بالنسبة للصوناد فتعلقت شبهات الفساد بعدم اعتماد المعايير المعتمدة في تونس بخصوص سكب مادة «كبريتات الألومين» السائلة والصلبة في أحواض السدود لتخليص الماء المعد للشرب من الشوائب العالقة به إلى جانب سرقة العدادات التي زال الانتفاع بها والمعدة للبيع.

إعفاء شركة من الأداء على القيمة المضافة
شوقي الطبيب تحدث أيضا عن شبهة فساد تعلقت بمدير عام إحدى الشركات التابعة للخطوط التونسية «أماديوس»، الذي منح لنفسه أجورا لا يستحقها، وتواطأ مع شركة أخرى مساهمة أعفاها بمقتضى ذلك من الأداء على القيمة المضافة، مما حرم خزينة الدولة من 21 مليون دينار، كما شملت شبهات الفساد مؤسسات إعلامية عمومية على غرار مؤسسة الإذاعة التونسية، إذ تقصت الهيئة بخصوص صفقة أبرمتها المؤسسة المذكورة بتاريخ 30 جوان 2010 مع شركة اسبانية بغرض اقتناء تجهيزات لتجديد القاعة الفنية المركزية التابعة لمؤسسة الإذاعة. وقد أحالت الهيئة الملف إلى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية والتي تولت بدورها إحالته على القطب القضائي والمالي.

ملف اللوالب القلبية منتهية الصلوحية
شبهات فساد عديدة تحدث عنها التقرير ولا يمكن التطرق إليها جميعا في بعض الفقرات، تخص المركب الرياضي ببرج السدرية والمطعم الجامعي ابن عرفة بقفصة وعلي الدوعاجي بتونس والوكالة العقارية للسكنى بصفاقس وميناء سوسة التجاري والشركة التونسية للشحن والترصيف والبرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي ومعهد بورقيبة للغات الحية والمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس والعديد من المصحات الخاصة في علاقة بملف اللوالب القلبية منتهية الصلوحية، ملف تأخر اتخاذ الإجراءات الضرورية بشأنه رغم التفطن إلى استعمال هذه اللوالب من طرف لجنة التجاوزات بالصندوق الوطني للتأمين على المرض منذ سنة 2015 وقد تمّ استبدال الوثائق والملصقات للوالب منتهية الصلوحية بأخرى جديدة إلى جانب شبهات فساد تعلقت بسرقة أدوية من مؤسسات عمومية على غرار مصحة العمران، وقد كبدت هذه التجاوزات خسائر فادحة بالمؤسسة والمجموعة الوطنية بعشرات المليارات، وهي أدوية موردة في أغلبها، دون نسيان الغش في تزويد مطاعم المبيتات الجامعية بلحوم فاسدة وغير الصالحة للاستهلاك، وشركة بيع اللحوم بسوسة.

وزارات لم تحل أي ملف فساد..الداخلية والخارجية والنقل خاصة
هذا وعبر شوقي الطبيب عن استغرابه من عدم إحالة عدد هام من الوزارات، ومنها وزارات السيادة خاصة الداخلية والعدل والخارجية، لملفات الفساد التي ترصدها أجهزتها الرقابية على القضاء وكذلك وزارة الصناعة والنقل، مثمنا الجهود التي بذلتها خاصة وزارة الشؤون الاجتماعية التي أحالت 21 ملفا على القضاء ووزارة الفلاحة التي أحالت 13 ملفا، أمّا بالنسبة لوزارة التربية فقد أحالت 7 ملفات، فيما أحالت وزارة المالية 8 ملفات. كما رفعت الهيئة في تقريرها 125 توصية أبرزها ضرورة إخضاع الصفقات العمومية التي تفوق قيمتها 50 مليارا للتدقيق الخارجي وتفعيل دور المجلس الأعلى للتصدي للفساد واسترداد أموال الدولة والتصرف فيها ومراجعة التسميات والتعيينات والترقيات بالوظيفة العمومية التي تعلقت بها شبهات فساد وأضرت بمصلحة الدولة، ودعت الهيئة كل مستشار أو مسؤول حكومي أو مسير لإحدى المؤسسات العمومية، تمت إحالة ملفه على أنظار القطب القضائي الاقتصادي والمالي بسبب شبهة فساد إلى تقديم استقالته.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115