Print this page

حكومة الوحدة الوطنية: آفاق تونس، المسار وسيناريوهات البقاء والخروج

«من شهرين إلى ستة» هو العمر المتبقي لحكومة يوسف الشاهد وفق ما تتوقعه أحزاب صلب الحكومة ذاتها، قراءة تقوم على عناصر عدة أبرزها أن الشاهد بات غير مرغوب فيه من قبل حركتي النهضة والنداء، وما تبقى أمام بقية الأحزاب إلا أن تقرر مصيرها، هل تتحمل مسؤولية تسريع إسقاط الحكومة أم تصمد إلى حين زوالها وخروجهم معها.

لم تعد خطابات قادة حركتي النهضة ونداء تونس في الأسبوعين الأخيرين تطمئن شركاءهم في حكومة الوحدة الوطنية، فرغم خطاب التهدئة والطمأنة الصادر عن الحركتين بشان «دعمهما» و«مساندتهما» و«وقوفهما» خلف حكومة الوحدة الوطنية و«التزامهما» بوثيقة قرطاج، تنظر بقية الأحزاب إلى الأمر بريبة وتتعاطى معه على انه هدوء ما قبل العاصفة.
الأحزاب المتوجسة بشكل أساسي هما آفاق تونس، المسار الديمقراطي الاجتماعي وحركة مشروع تونس، وان لم تكن ممثلة بشكل صريح في الحكومة، وبدرجة اقل حزب المبادرة، الذي يبحث عن مخرج يقيه الصدام مع الجميع والبقاء في الحكومة.

هاجس البقاء والمغادره يهيمن بدرجة كبيرة على النقاشات الداخلية في المسار وآفاق تونس، في ظل رؤيتين تتفقان على تشخيص الوضع وعلى قرب رحيل الحكومة التي لا يتوقعون أن تصل إلى شهر ماي القادم، وكذلك عن المستفيدين من سقوط الحكومة، لكنهما تختلفان في كيفية إدارة الأزمة عبر سيناريوهين ينطلقان من توقع سقوط الحكومة الفترة القادمة.
فالعمر المتبقي لحكومة الشاهد وفق توقع الحزبين بات قصيرا ويقاس بالأسابيع وفي أفضل الحالات لم يبق من عمرها أكثر من 6 أشهر، وما إعلان التهدئة الضمني من قبل النداء والنهضة إلا محاولة لإعادة ترتيب الأوراق وتعزيز تحالفيهما ودعمه بالاتحاد الوطني الحر.

هذه القراءة تجعل الخيارات المتاحة أمام الحزبين محصورة في اثنين، البقاء والصمود مع الحكومة ومحاولة تأخير إسقاطها الذي بات حتميا من وجهة نظرهم، او الخيار الثاني وهو الخروج من الحكومة الآن وعدم انتظار إسقاطها.

لكن الخيارين لهما تداعيات مباشرة وغير مباشرة على الحزبين، فالأول وهو البقاء وانتظار سقوط الحكومة وهذا يعني تجنب تحمل مسؤولية إسقاطها أمام الرأي العام الذي تعتبر الأحزاب انه يدعم جزئيا الشاهد وحربه على الفساد والاحتكار ومحاولة القيام بالإصلاحات، حتى وان كانت الأحزاب تعارض بعض هذه الإصلاحات وغير راضية عنها.

خيار الخروج يطرح أيضا من زاوية أن البقاء في ظل إدراك ما يخطط للحكومة امر غير ذي جدوى وان الأفضل أن تنسحب الأحزاب وتترك للنهضة والنداء المجال لتشكيل حكومتهما وان تتجه إلى البحث عن بدائل أخرى. هذا الخيار يقوم على اعتبار ان الحكومة ستتلقى ضربات في الفترة القادمة لن تكون قادرة على الحد من تداعياتها سواء على الراي العام أو قصر قرطاج، الذي ينظر إليه على انه المحدد في الملف.

هذا النقاش الداخلي يصل صداه إلى أروقة القصبة التي تنشغل اليوم بتمرير قانون ماليتها دون فقدان حلفائها او جوهر مشروعها، في الوقت الذي تراقب فيه بدورها تحركات النداء والنهضة التي لا يبدو انها اطمأنت هي الأخرى لخطابهما ولا للتهدئة المعلنة.

المشاركة في هذا المقال