يوسف الشاهد رئيس الحكومة يوجه جملة من الرسائل أمام مجلس نواب الشعب: لـم نعتمد سياسة إرضاء الجميع...

حمل خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد في افتتاح الجلسة العامة المخصصة لمناقشة قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2018، ثلاثة رسائل أساسية، من أجل تنفيذ الاصلاحات الكبرى التي بدورها ستنعكس إيجابا

على الوضع الاقتصادي والاجتماعي. رسالة أولى وجهت بالأساس إلى القطاعات المهنية من أجل تنفيذ الإصلاحات، والرسالة الثانية وجهت أساسا إلى الطبقة السياسية المطالبة بضرورة مساندة الحكومة ودعمها من أجل تحقيق الأهداف المنشودة، أما الرسالة الثالثة فهي موجه إلى الفاسدين والمحتكرين.

انطلقت الجلسة العامة بإلقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد بيانه بمناسبة انطلاق مجلس نواب الشعب في مناقشة مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2018. خطاب الشاهد حمل عديد الرسائل الهامة والموجهة أساسا لبعض الفئات المعنية بالإجراءات المضمنة في مشروع قانون المالية، وأيضا الإصلاحات الهيكلية الأخرى من بينها الصناديق الاجتماعية والجباية. رسائل الشاهد في خطابه على غرار تقديمه لبعض المؤشرات والأرقام المتعلقة بتحسن الوضع الاقتصادي في البلاد، وجهت بالأساس إلى القطاعات المهنية في إشارة منه إلى الإصلاحات الجبائية، حيث أعلن أن الصعوبات لن تقف هذه المرة عائقا أمام تفعيل القرارات الإصلاحية، باعتبار أنه في أغلب الأحيان يتم الاتفاق بين الجميع حول التشخيص، لكن خلال عملية اتخاذ القرارات الضرورية يتم التغافل عنها، وتحضر بذلك الفئوية والقطاعية، وتكثر الهجومات على مشاريع الإصلاح، وفي آخر المطاف لا ينفذ شيء منها.

لكن يبدو أن الشاهد هذه المرة ومن خلال خطابه أنه سيمضي في الإصلاحات مع مواصلة الحوار بين كافة الأطراف، دون اعتماد سياسة إرضاء الجميع، قائلا « من يريد إرضاء الجميع لن يعمل شيئا». الشاهد شدد على مواصلة الاصلاحات دون أي ضغوطات أو تأثير من أية جهة كانت، موجها في ذلك رسالة ثانية إلى الطبقة السياسية مطالبا الساسة بضرورة الابتعاد عن التجاذبات السياسية الضيقة، والابتعاد عن الحسابات الفئوية والقطاعية، حيث يجب التفكير جمعيا من أجل المضي قدما على أن تبقى المعارك السياسية الضيقة حول صندوق الاقتراع، وذلك من أجل المصلحة الوطنية. الرسالة الثالثة كانت حول موضوع مكافحة الفساد، حيث بين الشاهد أن الحرب على الفساد ستتواصل دون أية تصفية لحسابات سياسية، بل تستهدف بالأساس كل الفاسدين والمحتكرين والمضاربين من أجل حماية الديمقراطية والاقتصاد الوطني.

مطالب للحكومة..
وبالعودة إلى أشغال الجلسة العامة، فقد كان لرئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر خطاب صريح موجه بالأساس إلى الحكومة وذلك إثر افتتاحه الجلسة، حيث دعا الحكومة إلى توظيف البوادر الايجابية التي برزت في بعض جوانب البعد الاقتصادي. كلمة محمد الناصر اتسمت هذه المرة بالواقعية، حيث وجه خطابه بالأساس إلى رئيس الحكومة التي طالبها بضرورة تقديم خطة واضحة وحلول واقعية ورؤية مستقبلية مطمئنة، باعتبار أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تستوجب ضرورة استغلال كافة الطاقات حتى تتحقق الأهداف التنموية في الجهات والاستثمار والتشغيل والحد من المديونية وتحقيق التوازنات العامة، المجلس واعي بدقة التحديات خلال هذه الفترة، وذلك من خلال العمل على كسب أكثر توافق ممكن بخصوص الخطوط العريضة للميزانية.

مجلس نواب الشعب تفاعل حسب الناصر مع أسباب إنشغال الرأي العام التي تنقسم إلى ثلاثة عوامل، حيث يتمثل العامل الأول في الارتفاع المتواصل لحجم التداين مما دفع الكثير من النواب إلى مطالبة المجلس بتحديد سقف الديون الخارجية، أما العامل الثاني فيكمن في عدم وضوح الرؤية المستقبلية مما يدعو الحكومة إلى وضع خطة متكاملة وبعيدة المدى ترمي إلى فتح آفاق الإدماج الاجتماعي للشباب المهمّش، في حين ينحصر العامل الثالث في غياب قوة الانصهار المجتمعي المبنية على الشعور بالمصير المشترك.

تحسن الوضع الاقتصادي
من جانبه، تطرق رئيس الحكومة يوسف الشاهد مباشرة إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تمر به البلاد، خاصة وضع المالية العمومية، حيث يمثل تحسين المؤشرات الاقتصادية أهم أولويات الحكومة طيلة السنة الأولى من أعمالها. وبيّن أنه بالرغم من الصعوبات، فقد تم تحقيق تقدم في الإنتاج كالفسفاط الذي تحسن بنسبة 23 % في حدود شهر نوفمبر، حيث بلغ الإنتاج 4 مليون طن، مشيرا إلى أن الصادرات ارتفعت أيضا بنسبة 18 % مقارنة بسنة 2016. الشاهد عدد أهم المكاسب الاقتصادية التي حققتها حكومة الوحدة الوطنية منذ توليها أعمالها، ومن بينها القطاع السياحي الذي شهد انتعاشة مهمة على حد تعبيره خاصة من حيث عدد الوافدين بعد تسجيل ارتفاع بحوالي 28 % مع ارتفاع المداخيل السياحية بنسبة 18 %. الاستثمار المباشر الخارجي بدوره ارتفع بـ 13.6 %، والاستثمارات الفلاحية بـ 66 % والاستثمارات الصناعية بـ 10 % والخدمات بـ 40 %.

الأرقام التي قدمها الشاهد خلال الجلسة العامة، ستمهد الى تطور نسبة النمو بعد ان تجاوزت 2 %، على أمل ان ترتفع إلى حدود 2.2 %، شريطة تحقيق الأهداف التي رسمتها حكومة الوحدة الوطنية والمتمثلة في ثلاث نقاط وهي أن لا يتجاوز عجز الميزانية 3 %، وأن لا تتجاوز المديونية 70 %، وكتلة الأجور في حدود 12.5 %، ونسبة نمو في حدود 5 % في أفق سنة 2020. وفي هذا الإطار، بين الشاهد أنه يجب العمل على تحديد أهداف واضحة ومرقمة باعتبار أن الحكومات السابقة كانت تفتقد إلى غياب التخطيط المتوسط وطويل المدى، حيث سيساهم مشروع قانون المالية الحالي في تراجع العجز بالنسبة للميزانية، الأمر الذي سيرفع في نسبة النمو إلى حدود 3 %.

محاور مشروع قانون المالية
من جهة أخرى، قدم رئيس الحكومة أهم المحاور الأساسية في قانون المالية للسنة المقبلة، التي ترتكز بالأساس على 4 محاور أساسية أولها، إجراءات لدفع الاستثمار والتشجيع على الادخار، وثانيا التصدي للتهرب الجبائي ومكافحة الفساد، ثم ثالثا دعم العدالة الجبائية، وأخيرا تحسين الخدمات والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن. لكن في المقابل، فقد بين الشاهد أن السياسة الاقتصادية للدولة لا تنحصر في قانون وميزانية، فبرنامج الانتعاش الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه سابقا سيكون له دور كبير في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. هذا البرنامج الذي يحمل 4 أبعاد وهي كل من المؤسسة والتصدير والجهات والتكنولوجيا الحديثة، حيث يضم البرنامج مجموعة من المشاريع في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى مجموعة من المبادرات الحكومية من أجل دفع النمو والاستثمار، وعدد من البرامج القطاعية والجهوية والإصلاحات في المجالين المالي والصرف. هذا كله، دون الحديث عن الإصلاحات التي تم تنفيذها، من بينها مصادقة مجلس النواب على قانون يتعلق بالتقاعد الاختياري، وأيضا مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون يتعلق بالمغادرة الاختيارية في الوظيفة العمومية المعروض حاليا على أنظار البرلمان، إلى جانب مشروع قانون المالية لسنة 2018 الذي يتضمن إطارا لإصلاح الصناديق الاجتماعية بإقراره مساهمة اجتماعية تضامنية لتحسين توازن الوضعية المالية للصناديق.

10 مبادرات حكومية لإنعاش الاقتصاد و دعم النمو
قدم رئيس الحكومة يوسف الشاهد خلال بيانه الحكومي في مجلس نواب الشعب 10 مبادرات حكومية لإنعاش الإقتصاد ودعم النمو وهي على التوالي :
1 - رفع الحواجز أمام الاستثمار
2 - تحسين تمويل المؤسسات الصغرى و المتوسطة
3 - إعداد برنامج وطني استثنائي لدعم التصدير
4 - برنامج طموح للتنمية في الجهات يقوم على تعزيز البنية التحتية وتقديم مقاربة جديدة
للمشاريع الكبرى من خلال إعداد مخطط مديري للمشاريع المزمع إنجازها في إطار الشراكة بين القطاعين العام و الخاص. إضافة إلى مخطط وطني يجمع خارطات الطرق السيارة والمناطق الصناعية و الأقطاب التكنولوجية
5 - دفع برنامج تونس منصة رقمية 2020
6 - إطلاق البرنامج التونسي للطاقة الشمسية
7 - الانطلاق في الدراسات لإنجاز الأرصفة 8و9 بميناء رادس
8 - تفعيل الكتاب الأبيض المتعلق بمديونية القطاع السياحي وإطلاق إستراتجية جديدة لدعم القطاع
9 - دعم آلية الإفراق لدى المؤسسات (essaimage)، انطلاقا من مشاريع المجموعات الاقتصادية الكبرى العمومية أو الخاصة
10 - تدعيم وإعادة هيكلة شبكة إسناد و دعم باعثي المؤسسات

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115