خطة الحكومة لاستباق الاحتجاجات: الانتقال للجهات، الحوار في بداية الأزمة، ضرب الاحتكار

تسابق حكومة يوسف الشاهد الأحداث لتجنب أزمات قد تعكر أوضاعها أكثر مما تعانيه، خاصة إن تعلق الأمر بالاحتجاجات الاجتماعية غير المؤطرة التي حلّ موسمها السنوي، أشهر الشتاء والحرص على تجنبها عبرت عنه خطوات عدة للحكومة ورئيسها لكن يبدو انها لن تكون كافية.

اظهر تقرير المناخ الاجتماعي العام لشهر أكتوبر الفارط الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية أن الإضرابات في القطاع الخاص انخفضت بأكثر من الثلث لتسجل 10 اضرابات تمثل نسبها 5،62 % من مجموع الإضرابات المسجلة في القطاعين الخاص والعام البالغ عددها 16 إضرابا.
فيما شهدت المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية و التجارية انخفاض عدد أيام العمل الضائعة خلال شهر أكتوبر المنقضي باكثر من ¾ وهي ذات النسبة في عدد العمال المشاركين في الاضرابات مقارنة بشهر سبتمبر2016.

تقرير استقبلته الحكومة بأريحية، فهو يعني ان سياستها لاحتواء الأزمات الاجتماعية قد أثمرت، واشار محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية في تصريح لـ«المغرب» ان الحكومة تتعاطى مع الاحتجاجات الاجتماعية المنظمة وفق خطة تعتمد بالأساس على الحوار.
كما يشير الوزير إلى تحسن مؤشرات المناخ الاجتماعي العام في فترة العودة الاجتماعية، اي شهري سبتمبر واكتوبر، اللذين ترتفع فيهما نسبة الاضرابات والاحتجاجات بصفة عامة.

فوفق محمد الطربلسي، تتعامل حكومة الشاهد مع صنفين من الاحتجاجات الاجتماعية، الاول احتجاجات منظمة سواء من قبل النقابات او اية هياكل اخرى تمثل منظوريها، في هذا الصنف تعتمد الحكومة على الحوار والنقاش وفق الوزير بالاستناد اما للحوار الثنائي ان كان الامر يتعلق بالقطاع العام او الثلاثي ان تعلق بالقطاع الخاص. قطاعين تمتلك الحكومة اطرا للحوار والنقاش تمكنها من الوصول الى اتفاقات.

لكن ما لا تمتلك الحكومة له حلولا جاهزة هي الاحتجاجات غير المؤطرة فهي احتجاجات عفوية تفاجئ الحكومة في اغلب الأحيان وان التقت في مطلبها وهو التشغيل. حل الحكومة الذي يشير اليه الطرابلسي هو التنقل الى مناطق الاحتجاج والتحاور مع المحتجين بهدف الوصول الى حل في حدود الامكانيات كما يشير.
لكن الحكومة هذه السنة اختارت ان تستبق الاحتجاجات الاجتماعية العفوية، فقررت التنقل في الجهات إضافة إلى إصدار أوامر للسلطة المحلية للتحرك والبحث عن حلول لازمتها قبل التفاقم، وهو ما تقوم به الحكومة بعقدها للقاءات جهوية شارك فيها الطرابلسي، في الفترة الأخيرة على غرار اجتماع مدنين وسيدي بوزيد اضافة الى اجتماع مبرمج الاسبوع القادم في قابس.

خطوات الحكومة التي تريد بها منع انتشار الاحتجاجات الشعبية تقوم على امتصاصها قبل ان تتشكل، لكن هذا لم يحل دون ان تحافظ الاجتماعات الشعبية غير المنظمة على نسقها وفق ما اشار اليه مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريح لـ«المغرب» اكد فيه انه وعلى عكس الاضرابات حافظت الاحتجاجات في شهري سبتمبر واكتوبر الفارطين على معدلاتها.

بل اشار الى ان شهر سبتمبر شهد ارتفاعا في الاحتجاجات، في انتظار استكمال بيانات شهر نوفمبر الجاري الذي يلمح الى انه شهد تراجعا في التحركات الاحتجاجية رغم حدوث تحرك الناجحين في مناظرة الكباس .

البحث عن تطويق الاحتجاجات يعتبر المسعودي انه لن يكون كافيا باتباع سياسة فرجوية، فرغم إشارته إلى أن مقاومة الاحتكار التي أطلقتها الحكومة للضغط على الأسعار هي بادرة تلقى الاستحسان لدى الشارع لكن رئيس الحكومة لن يكون قادرا على فعل كل شي بمفرده ان لم تصبح هذه سياسة متبعة من قبل السلطات المحلية والجهوية.
تشديد المسعودي على ان الحملات المركزية المناسباتية لن تكون علاجا للازمات المتفاقمة تقابله اشارة الى ان هذا سيكون له انعكاسات على الوضع الاجتماعي، لذلك يشّدد على ان الحكومة يجب ان تجعل لنفسها تصورا وتوجها لحل الازمات الاجتماعية وليس اتباع سياسة «مشهدية».
سياسة مشهدية هي الوصف للحملات التي تطلقها الحكومة ولا تستمر فيها، وهي ما يعتبره المسعودي خطرا ان لم تكن سياسة فعلية تتبناها السلطة المركزية والجهوية لحل الاوضاع المتردية.

اوضاع تدرك الحكومة ان تفاقمها سيؤجج الاحتجاجات في الجهات ضدها وما تدركه اكثر ان تكرار الاحتجاجات في الولايات الداخلية كما تم في 2016 الذي شهد تحرك 14 ولاية قد يكون ورقة في يد خصومها للاجهاز عليها، لذلك فهي تريد تحييد الشارع بقدر المستطاع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115