أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بين الحيلة والاستحالة ..

تعقدت المسألة صلب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قبل ايام قليلة من اتخاذ مجلس نواب الشعب قراره في كيفية انتخاب رئيس الهيئة وحول عملية التجديد لثلثي الأعضاء وإجراء القرعة. هذا التعقيد جاء نتيجة تكرر الخلافات والحسابات بين الأعضاء التسعة، في وقت تستعد فيه الهيئة لإجراء انتخابات تشريعية جزئية في ألمانيا، لتكون الأيام القليلة القادمة كفيله بالتعرف على مصير هيئة الانتخابات.

أزمة بعد أزمة تعيشها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لكن هذه المرة ليست بسبب خلافات الفرقاء السياسيين في مجلس نواب الشعب على الشخصية الأنسب لترؤس هيئة الانتخابات. فقد تسبب الرئيس بالنيابة أنور بن حسن والذي يحظى أيضا بمنصب نائب رئيس، في تعميق الأزمة بين الأعضاء التسعة مرة أخرى. هذه الأزمة تزداد اتساعا يوما بعد يوم، وهو ما جعل مجلس الهيئة يفكر في حل قد يحسم الإشكالية نهائيا وذلك من خلال الاستغناء عن القرار السابق للمجلس الذي يعتبر استقالات شفيق صرصار الرئيس السابق والعضوين لمياء الزرقوني ومراد بن مولى تندرج ضمن عملية التجديد.

استشارة ثانية
لم ينتظر الرئيس بالنيابة أنور بن حسن اجتماع مكتب المجلس برؤساء الكتل البرلمانية يوم غد الاثنين من أجل التوافق حول مرشح من بين السبعة المترشحين لكرسي الرئاسة، حيث قام بمراسلة المحكمة الإدارية مرة أخرى في شكل استشارة عن طريق رئاسة الحكومة، يتساءل فيها هل أن نائب الرئيس معني بالقرعة مثله مثل الرئيس؟. هذه الاستشارة حسب مصادرنا المطلعة لـ«المغرب» تؤكد أنه تم رفضها من قبل، ولم يتم تمريرها إلى المحكمة الإدارية باعتبارها فاقدة للسند القانوني، فالنص القانوني المحدث للهيئة واضح جدا في فصله 32 ضمن باب الأحكام الانتقالية، «يتم التجديد لثلث مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كل سنتين، وفي المرتين الأوليين يحدد من يشمله التجديد بالقرعة من بين أعضاء أول مجلس للهيئة، ولا يكون رئيس الهيئة معنيا بالتجديد في المرتين الأولى والثانية».
الاستشارة التي قدمها بن حسن مستغلا بذلك غياب العضوين نبيل العزيزي ونبيل بفون المتواجدان في ألمانيا استعدادا للانتخابات التشريعية الجزئية هناك، من أجل تمرير الاستشارة حتى أن الأعضاء المتواجدون في تونس أيضا لم يكن لهم علم بذلك. هذا الأمر وضع بن حسن في موقع محرج للغاية، حتى أن زملاءه المنتخبون منذ سنة 2014، عارضوا هذه الاستشارة معبرين في ذلك عن استيائهم من هذه الخطوة التي تعطي صورة سيئة للرأي العام ولمجلس نواب الشعب وذلك أيام قليلة قبل تحديد موعد الجلسة العامة الانتخابية لرئيس الهيئة.

إجراء القرعة هذا الأسبوع
مجلس الهيئة حاول تدارك المسألة، وحاول البحث عن حل سريع وفض الخلاف المتعلق بالقرعة وتجديد ثلث أعضاء الهيئة خاصة في ظل تواصل الأزمات والصراعات الداخلية في مجلس الهيئة. وفي هذا الإطار، كان من المفروض أن يعقد مجلس الهيئة اجتماعا يوم الجمعة الفارط، إلا أن النصاب لم يكتمل بعد غياب كافة الأعضاء تقريبا بما فيهم عضوين متواجدين في ألمانيا، والبعض الآخر في عطلة مرضية وهو ما اعتبره البعض غيابا متعمدا من أجل عدم إجراء القرعة. لكن في الأخير، تم تحديد موعد ثان للاجتماع من أجل مناقشة كيفية إجراء القرعة سواء على 6 أو 7 أعضاء، بالإضافة إلى مناقشة عريضة تجريح في شخص العضو أنيس الجربوعي من قبل المترشح في نفس الصنف عادل الرزقي. وقد أكدت بعض المصادر أنه في حالة تواصل غياب أعضاء الهيئة، فإنه سيتم اتخاذ قرار إجراء القرعة خلال هذا الأسبوع بعد الحسم في الأسماء التي ستدخل في عملية التجديد. ويذكر أن الأسماء المستثنية من القرعة في حالة الإقرار بأن القرعة ستشمل 6 أعضاء فقط هم كل من محمد التليلي المنصري وعادل البرينصي ونبيل العزيزي. وفي حالة إقرار 7 أعضاء فإن المنصري سيدخل القرعة نظرا للجدل القانوني الحاصل بأنه جاء في شكل سد الشغور تعويضا للعضو السابق كمال التوجاني في ظل تأكيد فرضية أن قراره المتعلق بالدخول في القرعة آليا يعتبر استقالة في حد ذاتها.

إمكانية الاعتراض على القرار
هذا القرار قد يجد معارضة شديدة من قبل الأعضاء الثلاثة الجدد الذين تم انتخابهم في إطار سد الشغور من قبل مجلس نواب الشعب، خصوصا وأن هناك بعض الآراء والتأويلات القانونية تعتبر أن التركيبة الأولى للهيئة المنتخبة سنة 2014 بقي منها 3 أعضاء فقط، وهو ما يعني أنهم معنيون بالتجديد، مع الاعتماد على الفصل الذي ينص على ان كل عضو يتم انتخابه لمدة 6 سنوات والاستثناء الوحيد يشمل أعضاء اول تركيبة وهي سنتين للثلاثة الأوائل وأربع سنوات بالنسبة للثلاثة الجدد اعتمادا على القرعة. كما اعتبروا أنه باستقالة الثلاثي الثاني من الهيئة أصبح خروج الثلاثة المتبقين من الهيئة لا يحتاج إلى المرور بالقرعة وإنما بالخروج بصفة آلية. وفي هذا الإطار يعتبرون أن الأعضاء الجدد هم أعضاء كاملي العضوية مثلما أقرته أحكام الدستور والقانون الأساسي للهيئة وتم انتخابهم لمدة ست سنوات.

استعدادات انتخابات ألمانيا
وبالعودة إلى آخر الاستعدادات للانتخابات الجزئية في ألمانيا فقد قدم 14 مترشحا قبل غلق باب الترشحات بيوم وهم من حركة مشروع تونس، وتيار المحبة، التيار الديمقراطي، نداء التونسيين بالخارج، حزب القراصنة، الحزب الديمقراطي، الحزب الجمهوري، حزب المستقبل. وقال العضو نبيل العزيزي مباشرة من ألمانيا في تصريح لـ»المغرب» أنه هذه القائمة تعتبر قائمة أولية في انتظار البت في الترشخات والتثبت من مدة صحة الشروط للمترشحين على أن يتم الإعلان عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات الجزئية التشريعية في ألمانيا يوم 27 أكتوبر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115