حصيلة أعمال لجنة المصادرة لممتلكات بن علي وأصهاره مصادرة مئات العقارات والشركات والحسابات البنكية والسيارات: إخلالات وفشل وسوء تصرف

• ثلثي عائدات التفويت في الأملاك المصادرة تمّ استغلالها لتسديد الديون

مصادرة مئات العقارات والشركات والحسابات البنكية والسيارات لعائلة بن علي وأصهاره والمقربين منه مصادرة ظلّت تمثل حملا ثقيلا على الدولة التي أصبحت تضخّ لها مئات المليارات سنويا في محاولة لضمان استمرارها وعدم إعلان الإفلاس، كذلك فإن ثلثي عائدات التفويت في هذه الأملاك يتم استغلالها لتسديد الديون عوضا عن تمويل الميزانية والتقليل من العجز، وضعية جعلت رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب يقرّ بالفشل في التصرف في الممتلكات المصادرة لذلك لا بدّ من البحث عن أحسن السبل لسدّ الثغرات القانونية المتصلة بهذا الملف الحارق، ثغرات نتجت عنها عديد الاخلالات وسوء التصرف.

 

559 عقارا بين المسجل وغير المسجل، 373 حسابا بنكيا، بلغت قيمتها 73 مليون دينار، وحوالي 58 مليون دينار من السيولة، 43 سلاح، محافظ مالية بقيمة 204 مليون دينار، 688 شركة بين المصادرة الجزئية والكلية وبصفة غير مباشرة، 14 يخت، علما وأن 4 يخوت قد تمّت سرقتها، 158 عربة بين السيارات الفخمة ذات النوع الرفيع وأخرى ذات الطراز القديم، 24 خيول و9 حسابات جارية للشركاء، هي حصيلة نتائج أعمال اللجنة الوطنية للمصادرة إلى غاية السداسي الأول من السنة الجارية، بينما تم حفظ 130 ملفا.

عدم إحكام التصرف في الممتلكات المصادرة
القضايا والنزاعات المنشورة أمام القضاء والمتصلة بالمصادرة ومرسومها، قدرتها لجنة المصادرة، حسب ما أكدته مقررة لجنة المصادرة هادية الهادفي خلال الملتقى الوطني حول «المصادرة كآلية للمحاسبة ومكافحة الفساد» نظمته أمس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ولجنة المصادرة، فقد قدرت بـ830 قضية موزعة بين المحكمة الإدارية ومحاكم الحق العام، أما نجيب القطاري الرئيس الأول لدائرة المحاسبات فقد أكد أن آليات المصادرة لم تعد آليات للمحاسبة ومكافحة الفساد خاصة أمام بطء الإجراءات وتعقيدها وحجم الخسائر المنجرة عن ذلك وإذا لم يتم إحكام التصرف فإنها تصبح منفذا للفساد بدل مكافحته، مشيرا إلى أن دائرة المحاسبات في تقريرها اهتمت باليات التصرف في الأملاك المصادرة فآلية المصادرة ثمّ آليات ما تمّ مصادرته وتمّ التوقف عند عديد الاخلالات والنقائص خاصة على مستوى عدم إحكام التصرف في الممتلكات المصادرة، مشيرا إلى أن الدولة كانت تنتظر عبر المصادرة ان تقوم بتمويل ميزانيتها والتقليل نوعا ما من العجز ولكن اصطدمت بالواقع الذي كان عكس ما انتظرته، ذلك أن كل الموارد المتأتية من التفويت تم استغلال ثلثيها لتسديد الديون. وأضاف أن كل من قام ويقوم إلى حدّ الآن بالتصرف في هذه الأملاك لم يحسن التصرف بطريقة تمكنه من مقاومة الفساد أضف إلى ذلك أنّ ما تمّت مصادرته تتعلق به عديد الأفعال التي ترتقي إلى درجة الفساد وبالتالي لا بدّ من إعادة النظر في هذه الآليات وتبسيط الإجراءات وتحميل المسؤولية وإعطاء القائم عليها كل الإمكانيات الضرورية للمصادرة والتصرف.

الخروج بتوصيات
القطاري أوضح أيضا أن دائرة المحاسبات كانت أشارت في تقريرها الأخير إلى عدم توصلها إلى غاية موفى شهر فيفري 2016، لمصادرة كل الأملاك المعنية بالمصادرة، حيث لم تتم مصادرة سوى 27 عقارا و 4 مساهمات في رأسمال 11 شركة بالإضافة إلى أرصدة بنكية. من جهته اعتبر شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن الممتلكات المصادرة أصبحت تمثل عبئا ثقيلا على الدولة، قائلا «فشلنا في التصرّف فيها وكان من المفروض أن يتم التعامل معها بطريقة أنسب وحسب البعض لو تمّ الإبقاء عليها على حالها لاستفادت منها الدولة ولا ندري إن كان ذلك عن حسن أو سوء نية». وبين الطبيب أن الهدف من تنظيم هذا الملتقى الذي تشارك فيه كل الأطراف المعنية بملف المصادرة ومجموعة من الخبراء هو التباحث في ملف مهم وحارق في علاقة بالحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وهو ملف المصادرة وتقديم مقترحات والخروج بتوصيات تخصّ الإطار التشريعي لآليات المصادرة وكيفية التصرف فيها.

مئات المليارات تضخها الدولة سنويا
وأوضح الطبيب أن الدولة تضخ لهذه الممتلكات مئات المليارات سنويا وتعتبر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نفسها قوة اقتراح فيما يتعلق بملف الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، مشيرا إلى أن الشركات المصادرة كانت تساهم قبل الثورة بما بين 15 و 20 في المائة من الناتج الوطني الخام لكن اليوم أصبحت عبئا ثقيلا على الدولة، مشددا على أن هذه الوضعية العبثية لا يمكن أن تتواصل، داعيا إلى ضرورة البحث عن أحسن السبل لسدّ الثغرات القانونية المتصلة بملف المصادرة، والاستفادة من أفضل الممارسات على مستوى التصرف والتفويت في الأملاك والأموال المصادرة، بالإضافة إلى طرح رؤية تشاركية ووضع دليل إجراءات في الغرض حتى لا تكون المصادرة آلية لتكريس الفساد.

تطوير التشريع المتعلق بنظم المصادرة
من جانبه أكد رئيس اللجنة الوطنية للمصادرة منير الفرشيشي أن اللجنة يجب ألا تبقى في حدود الدور الذي أوكله إليها القانون بمقتضى مرسوم المصادرة وهو الوقوف على استكمال الإجراءات القانونية والإدارية لإحالة ملكية الأموال المصادرة لأشخاص معنيين بالذات، مشيرا إلى أن الهدف من هذا الملتقى هو تدارس كيفية تطوير التشريع المتعلق بالنظم المصادرة كآلية موضوعية لمكافحة الفساد وبالتالي إصلاح الاقتصاد وتوفير عائدات جديدة للدولة وتوظيف هذه المعطيات فيما يساعد على تحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية. وشدد على أن أخطاء لجان التصرف في الشركات والأملاك المصادرة دائما ما تنسب إلى لجنته دون وجه حق، مشيرا إلى احتمال وجود فساد في الأملاك المصادرة و التصرف فيها، ولكن يتم التعامل مع الأمر على أنه خطأ في التصرف وليس فسادا وسط وجود ثغرات تشريعية تشجع على الفساد وسوء التصرف، وهذه تعد صعوبة تقنية باعتبار أنه لا توجد آلية تشريعية تحفظ الأموال قبل تحديد مكانها.

مقررة اللجنة هادية الهادفي وقبل تقديمها لحصيلة نتائج المصادرة، تحدثت عن التنظيم الداخلي لها، حيث تتوزع مهامها على 7 خلايا فنية، خلية الشركات وهي تعنى بالمساهمات بحثا واستقصاء وتمهيدا وخلية الشؤون العقارية تعنى بالبحث والاستقصاء عن الأملاك العقارية وغيرها إلى جانب ان خلية الحقوق المالية تتولى البحث والاستقصاء بالتنسيق مع البنك المركزي والشركات وخلية النزاعات تدافع عن قرار اللجنة في إطار القانون بالتنسيق مع المكلف العام بالنزاعات إضافة إلى خلية اللجان الجهوية وخلية المنقولات والخلية الإعلامية التي تتولى تحيين البيانات الرقمية وتجميعها وإعداد الإحصائيات بصفة دورية. ويذكر أن اللجنة عملا بأحكام المرسوم عدد 13 تتولى الكشف عن المكاسب والممتلكات الراجعة لـ114 شخصا مع جرد وضبط والتحقيق في حصول الذمة المالية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115