أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات: النهضة ونداء تونس تلتقيان في الأصل وتختلفان في التفاصيل

لا حدود لسريالية المشهد اليوم في تونس، الكل منشغل بالاستحقاقات الانتخابية القادمة والحال ان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لا يعلم إن كان في عمرها بقية أم أن أيامها معدودات، فالخلافات بين أعضائها والحل «السحري» للخلافات القائم على إلغاء قرعة تجديد الثلث واعتبار أن سد شغور الاستقالات الثلاثة يجّبها، ليس إلا بداية فصل جديد من أزمة جعلت

المشهد برمته «ضبابي» ليس على من يراقب بل على أعضاء الهيئة ومجلس نواب الشعب.

لم يكن البيان المشترك لكل من حزب المسار، حركة مشروع تونس، الحزب الجمهوري، البديل التونسي، حزب الوطن إلا إشارة جديدة على ما بلغه الوضع من غموض ان تعلق الأمر بالانتخابات والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نتيجة الصراعات الداخلية بين أعضاء الهيئة. كل ذلك دفع بالأحزاب إلى إعلان تخوفها من انحراف الهيئة العليا وفقدانها لاستقلاليتها والمصداقية ان لم تقم بتجديد ثلث أعضائها بعد إجراء القرعة فيما بينهم.

5 أحزاب اصطفت خلف طلب القيام بقرعة التجديد التي وقع تجاوز اجلها القانوني بأكثر من أسبوع، كان ذلك عقب إعلان مجلس الهيئة انه وقع التصويت على خيار جديد يتمثل في اعتماد سد الشغور الحاصل بعد الاستقالات الثلاث كرديف للقرعة والتجديد، قرار صادق عليه 6 أعضاء من أصل تسعة، يراد به أنّ يقع تجاوز الخلاف بين أعضائها على من تشملهم القرعة. لكنه وضع الهيئة في وضع أكثر حرجا. صورة الهيئة ومصداقيتها هما ما بات مهدد اليوم بتجاهل أعضاء منها لمضمون النص القانوني الذي وقع التشديد عليه في استشارة المحكمة الإدارية، انتخاب الرئيس ومن ثمة إجراء القرعة بين الأعضاء الستة، الثلاثة من التركيبة الأولى والثلاثة الجدد.

هذا الوضع المربك ألقى بتداعياته على تماسك الهيئة ومصيرها في الأسابيع القادمة، يرى أسامة الصغير عضو مجلس نواب الشعب عن حركة النهضة أنّ الخروج منه ضروري، واعتبر أن أولى خطوات طريق معالجة الأزمة تكمن في الوصول إلى توافق بشان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فانتخاب الرئيس سيوفر قدرا من الاستقرار الضروري للهيئة مما يسمح لها بانجاز الاستحقاقات الانتخابية في أسرع وقت. وإلا فانه لن يقع إجراء الانتخابات البلدية في موعدها 25 مارس القادم.

حل انتخاب الرئيس لتجاوز أزمة الهيئة يعتبره أسامة حلا ينسجم مع مضمون استشارة المحكمة الإدارية التي نصت على ضرورة انتخاب رئيس الهيئة أولا، تجنبا للدخول في مسار سد شغور جديد معقد يتطلب الكثير من الوقت ان وقع الذهاب الى اجراء القرعة قبل انتخاب الرئيس.

ولم يغب عن القيادي بحركة النهضة ان يذكر بما شهدته عملية التجديد الأولى التي تمت في بداية السنة الحالية، حيث قبل المجلس ان يعتمد استقالة عضو على انها مكملة لعملية القرعة التي تمت، واعتبر انه من الممكن ان يقر مجلس الشعب ما اقترحته الهيئة من اعتبار سد شغور الاستقالات بمثابة إجراء القرعة، قائلا انه لا يجوز للمجلس مناقضة نفسه فقد سبق له ان اعتمد الاستقالة كمكان شاغر.

لكن هذا لا يعنى ان حركته تتبنى هذا الحل، كل ما تتمسك به النهضة اليوم ويعلن عنه أسامة هو الوصول الى توافق ينهي حالة التجاذب السياسي، الذي أشار الى انه قد يصبح دوريا كل سنتين، ان لم تستوعب الأحزاب والكتل فلسفة القانون الأولى، وهي التوافق لمنع اي حزب من الهيمنة على الهيئة» توافق قال انه بات قاب قوسين او ادنى إذ أن الأحزاب باتت تفصلها ساعات على الوصول الى اسم توافقي يشغل خطة رئيس الهيئة.

من جانبها اعتبرت ابتسام الجبابلي ان الصراعات الداخلية صلب الهيئة وتعدد المواقف المصرح بها من قبل أعضائها يجب ان يقع إنهاؤه، وذلك بان يتحمل كل طرف مسؤوليته، لتشير الى ان ما يقع اليوم هو من تداعيات استقالة شفيق صرصار من منصبه الذي احدث ارباكا في الهيئة وجعل الوضع يتجه الى التعقيد اكثر خلال الايام القادمة.
تعقيد تعتبر الجبابلي ان تجاوزه مرتبط بتغليب اعضاء الهيئة للمصلحة العامة وان يصلوا الى توافقات بينهم، مشيرة الى ان مجلس نواب الشعب له مساعى جدية لتجاوز الازمة، التي لم تعد قانونية يمكن تجاوزها باتباع اجراءات قانونية فقط، ففي هذا الجانب سبق لمجلس نواب الشعب ان طلب من الهيئة القيام بقرعة التجديد وينتظر ان تتفاعل ايجابيا معه.
هذه عناصر الحل وفق الحزبين الاغلبيين، حزب يرى ان انتخاب الرئيس ياتي اولا ومن ثمة النظر في قبول مقترح اعضاء الهيئة واعتماد سد الشغور كتجديد ثلثي، او اتخاذ خيار اخر، فيما يقتصر تصور نداء تونس على ان الازمة ستتفاقم والحل في التوافق بين اعضائها، دون ادراك ان الاعضاء قدموا مقترحا جديدا يخالف الاجراءات القانوية الصريحة وحجته ان المجلس قبل من قبل.

ازمة الهيئة انشغلت عنها الاحزاب واقتصر الاهتمام بها على تصريحات وبيانات يغيب عنها فهم ان بنيان الهيئة اهتز وبات تماسكها مرتبطا بمزاجية بعض أفرادها، وقبول مجلس نواب الشعب لتجاوز القانون بداعي ان الاستحقاق الانتخابي مستعجل وضروري.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115