اتحاد الشغل واتحاد الأعراف: مؤاخذات عدّة على مشروع قانون مالية 2018

يقف الشريكان الاجتماعيان لحكومة الشاهد، اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف، في منتصف الطريق، فلاهما أعلنا رفضا صريحا لمشروع قانون المالية لسنة 2018، ولا أعربا عن دعمهما لما تضمنه القانون، حالة الانتظار التي تعلنها المنظمتان الاجتماعيتان لم تحل دون التعليق على ما بلغهما من ملامح القانون، تعليق وان كان متحفظا فانه حمل بالانتقادات المباشرة للقانون وتوجهاته.

اتضحت ملامح قانون المالية المنتظر أن يصل إلى مجلس نواب الشعب قبل يوم الغد، ولكن نص المشروع برمته لم يقدم بعد الى الاحزاب والمنظمات الداعمة للحكومة، وفق الاتفاق الاولي الذي عقد بينهم، انتظار جعل المنظمات تتصل بوزير المالية للحصول على نسخة من المشروع لتحديد موقفها الرسمي والنهائي من القانون. عدم الحصول على النسخة هو ما جعل اتحاد الشغل وعلى لسان ناطقه الرسمي سامي الطاهري يؤكد انه كان ينتظر ان تقدم الحكومة إليه القانون قبل عرضه على مجلس الوزراء امس، ليطلع عليه ويقف على التعديلات التي تعهدت بها الحكومة، في ظل وعدها لداعميها بان تقدم مشروع قانون متكاملا.

مشروع القانون يقول الطاهري انه «مجهول» وان الاتحاد لا يعلم بدقة مضمون الإجراءات الواردة فيه ليقع الحكم عليها، ان كانت تتضمن البعد الاجتماعي الذي تحدث عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد ام هي على العكس منه، جهل بمضمون القانون لم يحل دون ان يوجه القيادي بالاتحاد انتقادا لبعض ملامحه التي عبر عنها رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حواره التلفزي ليلة الخميس الفارط، كما اعتبر ان الحوار لم يحمل الجديد وان المعلن عنه غير كاف للحكم عن المشروع.

ما ينتظره الاتحاد هو ان يطلع على المشروع بمجمله ليقف عند حدود اخذ الحكومة بمقترحاته الـ21 التي تقدم بها منذ أسابيع، مقترحات جعلها الاتحاد مقياس تفاعله مع الحكومة ومشروعها، خاصة انه قد أعرب عن قبوله لخطة إصلاح الصناديق الاجتماعية والترفيع في سن التقاعد وما تبعه من عناصر حزمة الإصلاحات المقترحة من الحكومة.
الترقب لم يحل دون ان ينتقد الاتحاد مشروع الحكومة خاصة في جانبه المتعلق بالإنعاش الاقتصادي، حيث شدد الطاهري على أن مراهنة الحكومة على الاستثمار والتصدير في ظل معرفتها بالظروف الداخلية والإقليمية والدولية في جوانبها السياسية والاقتصادية غير ذي جدوى خاصة وان صندوق النقد الدولي قال انه ولمدة خمس سنوات لا يجب أن نراهن على قدوم الاستثمار.

أما عن التصدير فيشدد الطاهري على انه محرك معطل نتيجة عدة عوامل، ليختزل بقوله ان «الحكومة تستند على عكازين معطبين» والحال أنها يجب ان تركز على حلول أخرى ، ومن أبرزها دور الدولة كدافع للاستثمار/ مشددا على انه ليس بمقدور اي مستثمر أخر لعب هذا الدور في الوقت الراهن حتى بعد حزمة الحوافز الجديدة المعلن عنها في إطار قانون المالية لسنة 2018.

الانتقادات لا تقف هنا بل تشمل أيضا التوجه لمراهنة الحكومة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، شراكة يقول الطاهري ان الاتحاد يرفضها في شكلها الحالي الذي لم يراع عدة اعتبارات تحفظ حق الدولة على عكس ما هو في القانون الحالي الذي اشار ال انه «خوصصة مقنعة».

المؤاخذات لا تصدر من بطحاء محمد علي مقر المنظمة النقابية، بل من مقر الاعراف، الذين أكدوا أنهم ينتظرون إرسال وزارة المالية لنسخة مشروع القانون لدراستها وتقديم موقفهم النهائي، وفق ما اعلنه توفيق العريبي عضو المكتب التنفيذي للمنظمة، الذي أشار الى ان الاعراف اعترضوا في النسخة السابقة على بعض النقاط واعتبروا ان المشروع لا يوجد فيه تشجيع على الاستثمار والمبادرة الفردية، وأضاف انه بلغهم انه وقع تعديلها في المشروع الحالي.

في انتظار وصول النسخة لا يمكنهم الجزم او تقديم موقف، هذا ما شدد عليه القيادي بمنظمة الأعراف لتجنب المواقف غير الدقيقة، لكن في المقابل علق على ما تقدم به رئيس الحكومة من إجراءات في حوار تلفزي، ليشير إلى قانون المالية السابق تضمن إجراءات شبيهة، خاصة في صندوق دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة، لكن لم ينجز الكثير في ظل شروط تعجيزية للتمتع بالدعم.

شروط حالت دون إنفاق جزء كبير من الاعتمادات المرصودة والتي تقدر بـ200 مليون دينار، تلميح العريبي إلى ان رصد الأموال دون توفير ظروف النجاح وشروطه غير ناجع بقوله ان الاجراءات على الورق لا تكفي بل يجب ان ترتبط بجهد حقيقي للتطبيق وبشروط موضوعية.

شروط قال انها يجب ان تتوفر في ملف التصدير، فهو ورغم ترحيبه بمضاعفة حجم ميزانية صندوق دعم التصدير الا انه اشار الى انه غير كاف في ظل تعطيلات إدارية وخدمات شحن بالموانئ البحرية غير ناجعة تتسبب في خسائر للمستثمرين، خدمات لوجستية اعتبر عملية عصرنتها واصلاح الادارة هو الشرط الاساسي لنجاح سياسة التصدير. الشرط الاخر لنجاحها هو مجازفة رجال الاعمال بالاستثمار وفتح اسواق جديدة بعيدا عن الاسواق التقلدية التي تشهد كسادا، اضافة الى العمال وضرورة مضاعفتهم للجهد وتحسين قيمة المنتوج.

«على الحساب حتى اقرأ الكتاب» قاعدة لم تطبق بحذافيرها من قبل المنظمتين، اللتين اطلعتا وان جزئيا على قانون المالية، هما فقط ينتظران قراءة القانون للوقوف على حجم التضحية التي قدمها كل طرف، حينها وان تاكد ان الجميع ضحى فان ردود الفعل ستكون هادئة لكن ان تبين لهما العكس فالرفض سيكون اقل الشرور.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115