مع تواصل مسلسل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السيناريوهات المطروحة والحلول اللازمة لإنهاء الأزمة

كثرت التساؤلات حول السيناريوهات والسبل الكفيلة لإنهاء مسلسل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، سواء من جهة مجلس نواب الشعب أو من جهة الهيئة نفسها، وذلك بعد القرارات الأخيرة الصادرة من قبل مكتب المجلس أول أمس. بين انتخاب رئيس الهيئة وتجديد الثلث في علاقة بتهيئة المناخ الانتخابي، يبدو أن المسالة ستبقى رهينة التوافقات ومدى الالتزام بالقرارات المتخذة في هذا الشأن.

يقترب مجلس نواب الشعب من فك معضلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، من خلال انتخاب رئيس لها في جلسة عامة حددها مكتب المجلس أول أمس في 17 اكتوبر، بعد فتح باب الترشحات لمنصب رئيس الهيئة بداية من أول أمس إلى غاية يوم الخميس 12 أكتوبر 2017. الكرة الآن بيد الأعضاء التسعة للهيئة باحتساب من تم انتخابهم مؤخرا، حيث من الممكن أن يسهل الأعضاء المهمة على مجلس نواب الشعب للتوافق حول المترشح الذي يجب أن يحصل على 109 صوتا. وذلك عن طريق التفاهم بين أعضاء الهيئة أنفسهم من أجل اختيار مرشح تتم تزكيته من قبل الأعضاء التسعة والأقرب أن يكون من بين الأعضاء الذين لم يقدموا ترشحهم لهذا المنصب سابقا. قرار المجلس بعدم إعادة انتخاب ما أفرزته الجلسات الفارطة أي المترشحين الاثنين من بين ستة تحصلوا على أكثر الأصوات، وهم كل من نبيل بفون وأنيس الجربوعي، يأتي على إثر عدم التوصل إلى اتفاق حول الاثنين بين الكتل البرلمانية، وهو ما يؤكد نتائج العملية الانتخابية مسبقا.
هذا السيناريو المطروح الذي قد يكون الحل الوحيد أمام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، خصوصا أنه تم اقتراحه بين الأعضاء في مناسبة سابقة، لكن لا توجد أية ضمانات في المقابل، يلتزم بها بقية الأعضاء بعدم تقديم أي عضو آخر لترشحه. في حين يبقى السيناريو الثاني وهو تقديم كافة الأعضاء وأغلبيتهم ترشحهم ويجبرون بذلك المجلس على مواصلة التوافقات من

جديد واختيار العضو الأنسب ليكون رئيسا، وذلك بعد اختيار الأعضاء الثلاثة الذين سيدخلون في قرعة تجديد ثلث أعضاء مجلس الهيئة قبل يوم 8 أكتوبر 2017 خصوصا بعد مراسلة مجلس نواب الشعب أول أمس للهيئة يذكر فيها للمرة الثانية على التوالي بحلول آجال إجراء القرعة لتجديد ثلث تركيبة مجلس الهيئة طبقاً لأحكام الفصلين 126 و148 من الدستور والفصل 32 من القانون الأساسي المحدث للهيئة.

القرعة قبل الرئيس
حتى لا تتحول المسألة إلى جذب ومسك بين الهيئة والبرلمان، في ظل التلميحات من قبل أعضاء الهيئة بأن يتم انتخاب الرئيس مقابل إجراء عملية تجديد الثلث بالتزامن مع وجود استشارة من قبل المحكمة الإدارية تفيد بأن الجميع معني بالقرعة بما فيهم الأعضاء الجدد، الأمر الذي يستوجب التوافق حوله. في المقابل، يطالب مجلس نواب الشعب بضرورة تحديد القرعة قبل انتخاب الرئيس وإن لم يقر بذلك صراحة، لكن قرار التذكير قد يطرح سيناريو ثالثا. السيناريو الثالث أيضا مطروح بقوة ودافعت عنه بعض الكتل في المجلس، باعتباره قد يقلص من الاختلافات السياسية نوعا ما في حالة إجراء القرعة قبل انتخاب الرئيس، وهو ما قد يزيح ثلاثة أعضاء من السباق نحو رئاسة الهيئة، مع العلم أن رئيس الهيئة غير معني بعملية التجديد. لكن هذه المسألة بحاجة إلى مزيد من الوقت لأن عملية انتخاب رئيس الهيئة ستتوقف في انتظار إجراء عملية القرعة، ثم فتح باب الترشحات لتعويض المغادرين الثلاثة من قبل لجنة فرز خاصة في مجلس نواب الشعب، ثم في مرحلة أخيرة يتم انتخابهم صلب الجلسة العامة، وهو ما يستوجب مزيدا من الوقت.

معضلة هيئة الانتخابات لا تزال مستمرة في انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة، والأقرب أن يتم تقديم الترشحات في اليوم الأخير من الآجال وذلك تفاديا للدخول في صراعات سياسية واتهامات على حد تعبير أعضاء الهيئة مثلما حصل في الجلسات العامة الانتخابية الفارطة حين انحصرت الرئاسة على مستوى التصويت بين العضوين أنيس الجربوعي ونبيل بفون.

من جهة أخرى، فإن مجلس نواب الشعب مجبر اليوم على تذليل الصعوبات أمام الهيئة وتجاوز هذه المسألة في أقرب الآجال من أجل تنفيذ أول عنصر من عناصر تهيئة المناخ الانتخابي استعدادا للانتخابات البلدية بعد تحديد موعد ثان لها قدر يوم 25 مارس 2018، لينطلق فيما بعد في المرحلة الثانية وهي الالتزام بالمصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية. لكن في المقابل، يصعب إعداد روزنامة أو جدول أعمال للمصادقة على مجلة الجماعات المحلية وتحدد بذلك تواريخ وآ جال مضبوطة، وفي نفس الوقت استكمال فض إشكاليات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، باعتبار إمكانية عدم توصل المجلس إلى انتخاب الرئيس في الجلسة القادمة. لكن يكمن التحدي أيضا في كيفية الالتزام بهذا الموعد أي 25 مارس 2018 حتى لا تتلاحق المواعيد الانتخابية في ما بينها وتختلط مع الانتخابات التشريعية والرئاسية والجهوية والبلدية.

ضرورة مواصلة الأعمال
الهيئــة العليا المستقلـــة للانتخابات، مجبرة اليوم على مواصلة أعمالها والاستعداد للانتخابـات البلديــة وإعداد تصوراتها بخصوص الانتخابات الجهوية أيضا، بالإضافة إلى تحضيرها للانتخابات الجزئية التشريعية في دائرة ألمانيا، في ظل هذا التنافس على كرسي رئاسة الهيئة والتنافس أيضا لا يزال على أشده حول عملية القرعة باعتبار أن كافة الأعضاء القدامى سيكونون من ضمنها وما فيهم الأعضاء الذين تم انتخابهم على أساس تجديد الثلث لأنهم سيكملون مدة الأعضاء المستقيلين أي كل من شفيق صرصار ومراد المولهي ولمياء الزرقوني الذين انتخبوا سنة 2014، مثلهم مثل وضعية نبيل بفون وأنور بن حسن ورياض بوحوش، الأمر الذي لا يحبذه الأعضاء الذين تم انتخابهم في إطار عملية سد الشغور.
في انتظار ما ستسفر عنه الايام القليلة القادمة، من تحديد وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سواء من جهة مجلس نواب الشعب أو من جهة الهيئة العليا المستقلة نفسها، تبقى كافة السيناريوهات المطروحة رهينة التوافق بين الكتل البرلمانية من جهة، وبين توافق أعضاء الهيئة من جهة أخرى في اختيار مرشح يترأس الهيئة والالتزام بإجراء القرعة المتعلقة بالتجديد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115