مع تأجيل النظر في الفصول الخلافية كمسألة التفرغ لرؤساء البلديات: لجنة تنظيم الإدارة تغيّر عنوان «مشروع مجلّة الجماعات المحلية» إلى «مشروع قانون يتعلق بالسلطة المحليّة»

بعد طول انتظار، استأنفت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح يوم أمس مناقشة مشروع مجلة الجماعات المحلية من خلال الانطلاق في عملية المصادقة على الفصول. اللجنة أجلت النظر في الفصول الخلافية من بينها مسألة التفرغ لرؤساء البلديات، في حين صادقت على الفصول التي ليس فيها أي جدل، مقابل تسجيل تغيير عنوان المجلة وهو الحدث الأبرز تقريبا في أشغالها.

انطلقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بمجلس نواب الشعب يوم أمس في مناقشة فصول مشروع مجلة الجماعات المحلية وسط غياب لافت لأعضاء اللجنة، حيث حضر فقط 9 نواب من جملة 22 عضوا، مع تسجيل حضور 3 نواب من خارج عضوية اللجنة. وبالرغم من الحضور الضئيل، فإن اللجنة انطلقت مباشرة في مناقشة الفصول الأولى للمجلة، باعتبار أنه لا مجال لمزيد من التأخير أو التأجيل، خصوصا وأن الاجتماع الأخير المزمع عقده يوم الثلاثاء قد تم تأجيله لانشغال النواب في الجلسة العامة.

غياب نصف اعضاء اللجنة
غياب النواب عن اللجنة يعود الى أنه لم يتم التنصيص على الاجتماع في جدول أعمال الدورة الاستثنائية، وفي نفس الوقت تم إعلام أعضاء اللجنة في ساعة متأخرة من ليلة أمس أي بعد انتهاء الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على مشروع قانون يتعلق بالمصالحة الإدارية. خصوصا وأنه تم الاتفاق على إرسال جدول مفصل يضم مقترحات التعديل حسب كل فصل والمقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني الذين تم الاستماع إليهم في جلسات سابقة من أجل دراستها وتبينها، قبل الانطلاق في مناقشة فصول مشروع المجلة.
رئيس اللجنة محمد الناصر جبيرة أعلن بدوره أنه يجب تسريع النظر في المجلة، حيث سيتم تخصيص بقية أيام الأسبوع لعقد جلسات صباحية ومسائية، ثم العمل بمعدل خمسة أيام في الأسبوع، حتى تتم المصادقة على مشروع المجلة في أقرب وقت، بغض النظر عن الجدل المطروح حول تأجيل الانتخابات البلدية من عدمها. وبين في نفس الوقت أن اللجنة ستعمل بعيدا عن أية تجاذبات سياسية، حتى تكمل مناقشة مشروع المجلة على أحسن وجه، ليبقى قرار تأجيل الانتخابات في أيدي الجهات المعنية ولا دخل للجنة في هذه المسألة.

تغيير عنوان مشروع المجلة
الخلافات الأولية بين أعضاء اللجنة انطلقت منذ البداية، وذلك من خلال مناقشة عنوان مشروع القانون الذي تم التصويت لتغييره، حيث اقترحت النائبة عن حركة النهضة منية إبراهيم تغيير العنوان ليصبح «مشروع قانون أساسي يتعلق بالسلطة المحليّة»، مستندة في ذلك الى المقترح المقدم خلال جلسة الاستماع لمنظمة «سوليدار». لكن في المقابل، اختلفت الآراء حتى بين أعضاء كتلة حركة النهضة أنفسهم، حيث اعتبرت النائبة عن الحركة بسمة الجبالي أن في تغيير العنوان تناغما مع الدستور، وهو أمر لا يهدّد مبدأ وحدة الدولة. في حين اعتبر زميلهم من نفس الكتلة محمد سيدهم أن إفراد السلطة المحليّة بقانون يخصّها يعدّ ضربا لمبدأ وحدة الدولة ونسف سلطة المركز.
من جهة أخرى، ساندت كتلة حركة نداء تونس مقترح تغيير العنوان، حيث اعتبر رئيس الكتلة سفيان طوبال أن الفصل 131 من الدستور ينصّ على «الجماعات المحليّة» في إشارة إلى السلطة المحليّة، وعليه فإنّ عنوان مشروع القانون لا يُعدّ متضاربا مع الدستور، إلى جانب أن الفصل 65 لا يجبر على ذكر السلطة المحليّة، ولكن كلّ قانون يهتمّ بالسلطة المحليّة يجب أن يكون في شكل قانون أساسي. كما اضاف طوبال في نفس الوقت أنّه يجب أن لا يختزل العنوان في السلطة المحليّة، إذ أنّ القوانين المعنيّة على سبيل المثال بالسلطة القضائيّة لا تحمل عنوان السلطة القضائيّة، مبينا أنّ القوانين الأساسيّة يجب أن تكون دقيقة في عناوينها على عكس القوانين العامّة. في حين اعتبر عدد من النواب أن التنصيص على كلمة «السلطة المحليّة» في عنوان مشروع القانون قد يجعل منها سلطة رابعة قائمة بذاتها على غرار السلطة التشريعيّة والقضائيّة والتنفيذية، والحال أنّ البلديات والجماعات المحليّة تتبع السلطة التنفيذية.

المصادقة دون تغيير
من جهة أخرى، انطلقت اللجنة في مناقشة الباب الأول المتعلق بالأحكام المشتركة، وبالتحديد في الفصل الأول المتعلق بأهداف المجلة بضبط القواعد المتعلقة بتنظيم هياكل السلطة المحلية وصلاحياتها و طرق تسييرها بما يحقق اللامركزية والديمقراطية التشاركية في إطار وحدة الدولة. كما صادقت اللجنة على الفصل الثاني ضمن فرع انفراد القانون بإحداث الجماعات المحلية، حيث تم تعريف الجماعات المحلية كذوات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالية الإدارية والمالية تتكون بالأساس من بلديات وجهات وأقاليم يغطّي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية. كما حافظت اللجنة على صيغة الفصل الخامس «تسيّر البلديات والجهات والأقاليم مجالس منتخبة».

تنقيح بعض الفصول
كما ناقشت اللجنة الفصل الثالث المتعلق بادماج الجماعات المحلية الذي تقرّه مجالسها المنتخبة بأغلبية ثلثي أعضائها، حيث يترتب عن عملية الإدماج انتقال جميع الالتزامات والحقوق لفائدة الجماعة التي أقرّ القانون وجودها. كما يصادق القانون على تغيير حدود الجماعات المحلية الذي تقره مجالسها المنتخبة بأغلبية ثلثي أعضائها، على أن ترفع النزاعات المتعلقة بحدود الجماعات المحلية إلى المحكمة الإدارية التي توجد الجماعة المحلية التي رفعت الدعوى في دائرة اختصاصها الترابي وفقا للإجراءات و الآجال المعمول بها بالقانون المتعلق بالمحكمة الإدارية. وفي هذا الإطار، تمت المصادقة على مقترح تعديل يقضي بالتنصيص على أن مجلس نواب الشعب هو الوحيد المخول له إصدار القوانين التي تنظم عمليات الادماج. كما تم التصويت على الفصل الرابع ضمن الفرع الثاني المتعلق بالتدبير الحر للجماعات المحلية بعد تعديل على مستوى الصياغة «تُدير كل جماعة محلية المصالح المحلية وفق مبدأ التدبير الحر طبقا لأحكام الدستور والقانون مع احترام مقتضيات وحدة الدولة».

التفرغ من عدمه لرؤساء البلديات
في المقابل، اختلف أعضاء اللجنة بخصوص الفصل السادس المتعلق برؤساء المجالس البلدية، حيث اعتبر عدد من النواب أن مبدأ تفرّغ رؤساء البلديّات فيما يخصّ البلديّات الكبرى والتي يتجاوز عدد سكانها 30.000 ساكنا. فيما اعتبر البعض الآخر أنّ مبدأ التفرّغ لا يُقدّر حسب عدد سكان المنطقة البلديّة وإنّما يجب أن يكون معمّما وشاملا للرّئيس ومساعديه حتّى يتحمّل كلّ مسؤوليّته. واعتبر رئيس اللجنة أنّ مبدأ التفرّغ يجب تعميمه على كل المجالس المحليّة، ذلك أنّ المجالس تندرج في إطار توزيع جديد للسلطة حسب نظام اللامركزية بانتقال عديد الصلاحيات من معتمد الجهة إلى رئيس البلديّة، وهو ما يجعل مبدأ التفرّغ أمرا ضروريّا إذ لا وجود لمعتمد لسدّ الخلل. ومن ناحية أخرى أكّد ضرورة وجود رئيس البلديّة ومساعديه وتفرّغهما في جميع البلديّات وذلك مراعاة لطبيعة كلّ منطقة وأولويّاتها ومشاغلها. كما طُرحت مسألة المنحة المُسداة لرؤساء البلديّات والتي قد تكون أقلّ من الأجر الّذي كان يتقاضاه الرئيس في عمله قبل أن يتفرغ لمهامّ رئيس البلديّة.
وبخصوص الفصل 7 تعرّض النوّاب إلى مسألة الكفاءة، حيث اعتبر البعض أنّ هذا المبدأ لا يستقيم وتركيبة المجالس المحليّة وفق مشروع هذا القانون، إذ أنّ المبدأ هو التناصف. وبين رئيس اللجنة محمد الناصر جبيرة أنّ معايير المناصفة ومعيار سنّ مساعد رئيس البلديّة يدخل في إطار مبدأ التدبير الحر لتلك المنطقة البلديّة.
اللجنة واصلت النظر في الفصول التوافقية أو التي لا يوجد فيها خلاف بالمرة، في حين أجلت مناقشة الفصول الخلافية وأبرزها المتعلقة بمسألة التفرغ لرؤساء البلديات والشروط. هذا ومن المنتظر أن تستكمل اللجنة أعمالها صباح اليوم من أجل استكمال المصادقة على بقية الفصول، مع العلم أن فصول مشروع القانون يبلغ عددهم 363 فصلا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115