Print this page

لقد أخجلتمونا !

أطردت يوم أول أمس السلط الأمنية التونسية الأمير المغربي هشام المعارض للعائلة المالكة في بلده وذلك دون اعطائه أية توضيحات حول عملية الطرد هذه بعد أن دخل بلادنا بصفة عادية واستقر في نزل قصد المساهمة في ندوة حول الحوكمة والتداعيات الأمنية في ثلاث دول عربية وهي المغرب الأقصى واليمن ومصر بدعوة من الجامعة الأمريكية «ستاندفورد»..

لا يهمنا هنا كثيرا التفاصيل «التقنية» و«الأسباب» التي بموجبها قررت السلطة السياسية طرد «الأمير الأحمر» وهل كان ذلك بعد تدخل السلطات المغربية أم لا...
ما يهمنا في كل هذا أن من أقدم على هذه الفعلة قد طعن تونس وثورتها وقيمها في الظهر وذكرنا بأحلك فترات الحكم الفردي زمن بورقيبة والحكم المافيوزي زمن بن علي..
نحن نتهم من قرر ترحيل «الأمير الأحمر» لا فقط بالاساءة البالغة لسمعة البلاد بل وكذلك بغياب الكفاءة وحسن تقدير مصلحة البلاد..

ماذا جنينا من عملية الترحيل المهينة هذه؟ تجنب أزمة ديبلوماسية مع المغرب الشقيق؟ لا نعتقد فمولاي هشام ليس محل تتبع قضائي في المملكة الشريفية على ما نعلم وهو ليس من دعاة العنف ولا يقف وراء نزاع مسلح..

وحتى لو افترضنا جدلا أنه حصل تذمر من الديبلوماسية المغربية فقد كان بامكان ديبلوماسيتنا - لو تشبعت بالقيم الديمقراطية - أن تفسر لاشقائنا أن زمن ترحيل المعارضين السلميين قد ولّى وانتهى وأن البلاد لم تعد ذلك السجن الكبير الذي يحاسب فيه الناس على أفكارهم ومعتقداتهم ومواقفهم السياسية...
ولكن انظروا كم أضررتم بصورة البلاد وسمعتها...

فبعد صورة البلاد التي «تصدر» الارهابيين هاهي صورة البلاد التي تطرد المعارضين والمثقفين ولا تقيم لحرية الرأي وزنا وتتصرف ككل النظم الاستبدادية عربيا وإفريقيا...
فالبلاد التي تطرد فوق أراضيها مثقفا ومعارضا سلميا لا تنتمي للنظم الديمقراطية.. إنه سوء التقدير وانعدام الكفاءة في التصرف في المواقف الدقيقة.
نحن لا نريد أن نحدث اشكالا مع الدول الشقيقة والصديقة ولكن لا يمكننا أن نتنازل لها عن قيمنا وعن جوهر هويتنا السياسية بعد الثورة : إننا ديمقراطية ناشئة نحمي الحريات العامة والفردية لمواطنينا ولكل من يطأ أرضنا.. تلك هي تونس التي حلمت بها وناضلت من أجلها أجيال من الديمقراطيات والديمقراطيين واستشهد من أجل كرامة الانسان فوق ترابها شهداء

الحركة الوطنية وشهداء الثورة..
لقد أخجلتمونا بعد أن كنا نباهي ببلادنا ومنجزها الديمقراطي الأمم..

لقد قلتم للعالم أجمع أن عقلية الاستبداد مازالت كامنة في دوائر القرار الرئيسية وأنه لايزال هنالك من يُهان فوق أرضنا بسبب فكرة أو موقف..
نأمل - دون كبير وهم - أن يُحاسب كل من شارك في أخذ هذا القرار وكل من كان بإمكانه إبطاله ولم يفعل..
إن وصمة العار هذه لن تمّحي بأقل من ذلك.

المشاركة في هذا المقال