قبل إقرار عقد الدورة البرلمانية الاستثنائية من عدمها: أحزاب سياسيّة تبحث عن مخرج لتأجيل الانتخابات البلديّة والمجتمع المدني يطرح البديل

مساعي عديدة من أجل تأجيل موعد الانتخابات البلدية من قبل أحزاب سياسية سواء بالتنسيق أو التوحد من أجل هدف وحيد. لكن في المقابل، تجندت منظمات المجتمع المدني من أجل وضع خطة والمحافظة على يوم 17 ديسمبر، بعد تأكيد هيئة الانتخابات ورئاستي الجمهورية والحكومة استعدادها لتوفير كافة الضمانات اللازمة،

وهو ما قد يتجسم اليوم في مجلس نواب الشعب في حالة إقرار عقد دورة استثنائية.

بين مطالب أحزاب سياسية ومطالب المجتمع المدني، تختلف الرؤى والمواقف إزاء الاستحقاق الانتخابي، ليجد مجلس نواب الشعب نفسه في حيرة من عقد دورة استثنائية تخصص للمصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية من عدمها، في ظل تشبث الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بموعد 17 ديسمبر كيوم للاقتراع، وكذلك رئاستي الجمهورية والحكومة. لكن الاجتماع المرتقب اليوم وغير المعلن للعموم بين الأحزاب المساندة لمبدأ تأجيل الانتخابات قد يكون لها موقف آخر ومجال كبير للضغط في حالة وجود إجماع كبير أو نية لتصعيد المسألة خصوصا أن أغلبها ممثلة في البرلمان والحكومة.

أحزاب سياسية بالرغم من مضيها قدما نحو إعداد قائماتها الانتخابية في معظم الدوائر البلدية، وتطوير المشاورات في ما بينها من أجل التوصل إلى تحالفات أو قائمات مشتركة تعزز حظوظها لهذا الموعد، إلا أن تطالب بتأجيل الانتخابات متعللة في ذلك بعدم جاهزية الهيئة وكذلك غياب المناخ الانتخابي الملائم. هذه العوامل تتلخص حسب الأحزاب السياسية في إشكالية عدم المصادقة على مشروع مجلة الجماعات المحلية من قبل مجلس نواب الشعب، بالإضافة إلى عدم تمكن البرلمان من استكمال عملية سد الشغور صلب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وعدم تركيز المحاكم الإدارية الفرعية في الجهات، وهو ما من شأنه أن يدخل نوعا من الارتباك في المسار الانتخابي.

أحزاب تجتمع اليوم للضغط لتأجيل الانتخابات
وعلى إثر ذلك، قررت مجموعة من الأحزاب وأغلبها من مساندي مطلب التأجيل إلى شهر مارس 2017، عقد اجتماعات تنسيقية في ما بينها من أجل مطالبة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومجلس نواب الشعب والضغط نحو تأجيل الانتخابات ووضع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أمام الأمر الواقع، وهو ما سيتم في صباح اليوم في العاصمة. هذه الاجتماعات لن تكون علنية على ما يبدو للحفاظ على صورتهم أمام الرأي العام لكونهم جاهزين للانتخابات، في حالة تم رفض مطالبهم والمحافظة على موعد 17 ديسمبر. ومن جهتها، صرحت النائبة عن كتلة الحرة لمشروع تونس خولة بن عائشة أن حزبها راسل رئاستي الجمهورية والحكومة وهيئة الانتخابات من أجل توضيح أسباب تأجيل الانتخابات البلدية، لكن السؤال المطروح اليوم من له الجرأة والمسؤولية للإعلان عن ضرورة تأجيل الانتخابات ببضعة أشهر، لأنه ليس هناك أي طرف يسعى إلى تحمل مسؤولية قرار التأجيل أمام الرأي العام.

لكن في المقابل، وبالرغم من تشابه مطالب المجتمع المدني مقارنة بمطالب المجتمع المدني، إلا أن هذه العوامل من الممكن تداركها في الآجال والالتزام بالروزنامة التي وضعتها الهيئة في حالة توفر الإرادة السياسية، فالمجتمع المدني يعتقد أنه لا مجال لمزيد من التأخير في ظل الوضعية المتدهورة للبلديات والجهات على جميع المستويات تقريبا، فالمرحلة باتت اليوم دقيقة تقتضي تفعيل الباب السابع من الدستور المتعلق بالسلطة المحلية. وفي هذا الإطار، عقد يوم أمس عدد من مكونات المجتمع المدني وهم كل من كلنا تونس والجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد»، ومنظمة «بوصلة» ندوة صحفية من أجل تقديم الحلول المتاحة لتهيئة المناخ الملائم لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها.

من الممكن احترام كافة الآجال
منظمات المجتمع المدني أكدت أنه من الممكن إجراء الانتخابات في موعدها، ولا سبيل إلى وجود جدلية حتمية تقضي إما بإجراء الانتخابات أو المصادقة على مجلة الجماعات المحلية، فتاريخ 17 ديسمبر لا مجال للنقاش فيه اليوم حسب ما أكده رئيس جمعية كلنا تونس معز عطية، باعتبار أن الهيئة اليوم بلغت نصف المسار الانتخابي بعد انتهاء عملية التسجيل وفتح فترة الطعون، ثم سيتم الإعلان عن القائمات النهائية للناخبين. وفي هذه الحالة، فإن أي تأخير، قد يدخل نوعا من الإرباك على العملية الانتخابية وكافة المسارات الانتخابية القادمة بما فيه انتخابات سنة 2019، لذلك ترى الجمعيات أنه للمحافظة على هذا التاريخ فإنه يجب الانطلاق في إجراء دورة برلمانية استثنائية في أقرب الآجال، تكون أولوياتها استكمال عملية سد الشغور صلب هيئة الانتخابات، والمصادقة على مجلة الجماعات المحلية، والعمل على إصدار الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات قبل يوم 9 سبتمبر 2017.

من جهته، وضح نائب رئيس جمعية «عتيد» بسام معطر أنه لا يمكن استعمال القانون القديم في الانتخابات البلدية، خصوصا أن هذا التعطيل سببه السلطة التنفيذية ومجلس نواب الشغب، خصوصا وأنه كان من الممكن استغلال العطلة البرلمانية من أجل استكمال النقاش صلب لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح، أو الاستغناء عن العطلة تماما. أهمية المجلس تكمن حسب الجمعيات في أنها المرتكز الأساسي التي على إثرها سيتم تقديم البرامج الانتخابية بعد التعرف على صلاحيات واختصاصات كافة الأطراف المتداخلة في العمل البلدي والجهوي.

حلول ومقترحات..
ولمزيد تدعيم موقفهم، وعدم ترك المجال أمام مجلس نواب الشعب والأحزاب السياسية من أجل التعلل فقد قدمت منظمة «بوصلة» يوم أمس مقترحات من أجل استكمال المصادقة على المجلة وسد الشغور حتى قبل انطلاق الحملة الانتخابية. وقالت رئيس منظمة «بوصلة» شيماء بوهلال أن التجربة السابقة للمصادقة على مشروع قانون البنوك حينها الذي يضم تقريبا نفس عدد فصول مجلة الجماعات المحلية البالغ عددها أكثر من 350 فصلا، تمت المصادقة عليه في ظرف وجيز اي في 51 ساعة عمل، مقابل ذلك أنه يوجد إلى حد الآن 328 ساعة عمل أمام لجنة تنظيم الإدارة من أجل استكمال مناقشة المجلة، ليتبقى قرابة 104 ساعة عمل بالنسبة للجلسة العامة من أجل المصادقة على المجلة برمتها. هذا إلى جانب وجود عديد الحلول الأخرى من أجل كسب الوقت تتمثل في تشريك بقية اللجان حسب الاختصاص فمثلا في الفصول المتعلقة بالمالية تتم إحالتها على أنظار لجنة المالية والمتعلقة بالعقارات على لجنة الصناعة وإعداد التقارير النهائية ومدها للجنة المختصة من أجل الحسم فيها، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أنه من الممكن مناقشة قانون المالية للسنة المقبلة بالتزامن مع انعقاد الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على مشروع المجلة.

الجهات الرسمية بعيدة عن هذا الجدل
كل هذا الجدل المطروح بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، لم يحرك ساكنا بالنسبة للجهات الرسمية ومنها بداية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تواصل أعمالها إلى حد الآن دون أية توقف حتى أنها شارفت على نشر دليل تقديم الترشحات وتأكيدها في عديد المناسبات أنه لا مجال للتأجيل وتواصل عملها وفق الرزنامة، أضف إلى ذلك أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد التقى يوم الجمعة الفارط رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وقد أكدا خلال هذا اللقاء التزامهما بموعد الانتخابات البلدية، على أن يتم إصدار النصوص الترتيبية والأوامر الحكومية المتعلقة بهذا الاستحقاق. كما سيقعد صباح اليوم مكتب مجلس نواب الشعب اجتماعا من أجل تحديد موعد الدورة الاستثنائية من عدمها، خصوصا وأن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر طالب بضرورة استكمال المجلة قبل يوم 15 أكتوبر. بدورها كتلة حركة النهضة سارعت عشية أمس بعقد اجتماع للكتلة من أجل تباحث مسالة الدورة الاستثنائية وجدول أعمالها في علاقة بالموعد الانتخابي، حيث توجهت الكتلة نحو تأييد مطلب عقد الدورة، على أن يتم تحديد جدول أعمالها وفق لمتطلبات المرحلة الانتخابية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115