بعد الاتفاق على الترفيع في الرشد الجنسي من 13 إلى 16 سنة: مجلس نواب الشعب يصادق على مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة

إثر التوصل إلى صيغة توافقية بالفصل 227 جديد و227 مكرر ضمن الفصل 15 والذي تم التصويت عليه في 3 مناسبات، ظنّ نواب الشعب أن مشروع القانون قد حسم فعلا، إلا أن الخلافات حول

إعادة النظر في سنّ الرشد الجنسي في علاقتهم بالفصلين المذكورين سرعان ما تجددت صلب الجلسة العامة، وهو ما تسبب في تعطيل المصادقة على مشروع القانون في أكثر من مناسبة على امتداد يوم أمس.

واصلت الجلسة العامة خلال اجتماعها يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب، مناقشة مشروع القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، بعدما بلغت الجلسة الفارطة – الاثنين 24 جويلية- حدود الفصل 15 من مشروع القانون. مشروع القانون شهد عديد الخلافات والتشنجات بين نواب الشعب خصوصا في هذا الفصل بالتحديد، حيث انطلقت الجلسة العامة بمناقشة الفصل 15 المثير للجدل والذي يضم الفصل 227 جديد و277 مكرر في شكل فصول فرعية، ضمن الباب الثاني المتعلق بجرائم العنف ضد المرأة.

وبعد سلسلة من جلسات لجنة التوافقات تم التوصل إلى صياغة توافقية بين مختلف الكتل البرلمانية للفصلين المذكورين. الصيغة التوافقية تتمثل بالأساس في إعادة الحفاظ على الفصل 227 مكرر ضمن مشروع القانون المذكور، على أن تكون العلاقة الرضائية مع الفتاة القاصر والتي كيّفت على أساس أنها جريمة اغتصاب، حيث لم تعد هناك إمكانية لجبر الضرر عبر التزويج وبذلك يعتبر هذا شكل من أشكال العنف ضد المرأة.

الصيغة النهائية للفصل 227 مكرر
وفي هذا الإطار، تلغى أحكام الفصول 208 و226 ثالثا و227 و227 مكرر والفقرة الثانية من الفصل 218 والفقرة الثالثة من الفصل 219 والفقرة الثانية من الفصل 222 والفقرة الثانية من الفصل 228 من المجلة الجزائية وتعّوض بعدد من الأحكام، المحددة لمدة العقوبات السجنية والخطايا المالية. وبالمصادقة على الفصل 15 بـ 131 نعم 10 احتفاظ ودون رفض، لتكون الصيغة النهائية للفصل 227 مكرر «يعاقب بالسّجن مدّة 6 أعوام كلّ من واقع أنثى برضاها سنّها دون 16 عاما كاملة. يُعاقب بالسجن مدّة 5 أعوام كل من واقع أنثى برضاها سنّها فوق الستة عشرة كاملة ودون الثامنة عشرة كاملة ويكون العقاب مضاعفا في الصورتين المذكورتين : إذا كان الفاعل من أصول الضحيّة من أي طبقة أو كان معلّمها أو خدمتها أو أطبائها، إذا كان للفاعل سلطة على الضحية أو استغل نفوذ وظيفته، إذا ارتكبت الجريمة مجموعة من الأشخاص بصفة فاعلين أصليين أو مشاركين، إذا كانت الضحية في حالة استضعاف مرتبطة بصغر أو تقدم السن أو بمرض خطير أو بالحمل أو بالقصور الذهني الّتي تُضعف قدرتها على التصدي للمعتدي والمحاولة موجبة للعقاب، عند ارتكاب الجريمة في الصورتين المذكورتين من قبل طفل تطبّق المحكمة أحكام الفصل 59 من مجلة حماية الطفل».

المصادقة على الفصل 277 جديد
من جهة أخرى، صوتت الجلسة العامة على الفصل 227 جديد يعد اغتصابا كل فعل يؤدي إلى إيلاج جنسي مهما كانت طبيعته والوسيلة المستعملة ضد أنثى أو ذكر بدون رضاها. ويعاقب مرتكب جريمة الاغتصاب بالسجن مدة 20 عاما. ويعتبر الرضا مفقودا إذا كان سن الضحية دون 13 كاملة. يعاقب بالسجن بقية العمر مرتكب جريمة الاغتصاب الواقعة باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به، أو باستعمال مواد أو أقراص مخدرة أو مخدرات، ضد طفل ذكرا كان أو أنثى دون 10 أعوام كاملة، سفاح القربى باغتصاب طفل المرتكب من الأصول وإن علوا والفروع وإن سفلوا، الإخوة والأخوات، شخص وابن احد إخوته أو أخواته أو مع احد فروعه، الأم أو الأب أو زوج البنت أو زوجة الابن أو أحد فروعه، والد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب أو فروع الزوج الأخر، أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو أخت، ممن كانت له سلطة على الضحية أو استغل نفوذ وظيفته، من مجموعة أشخاص بصفة فاعلين أو مشاركين، إذا كانت الضحية في حالة استضعاف مرتبطة بصغر أو تقدم السن أو بمرض خطير أو بالحمل أو بالقصور الذهني التي تضعف قدرتها على التصدي للمعتدي.  وتجرى آجال انقضاء الدعوة العمومية بخصوص جريمة الاغتصاب عند طفل بداية بلوغه من الرشد.

التقليص في العقوبات
كما اتجهت الجلسة العامة نحو التخفيف من عقوبة مضايقة امرأة في مكان عمومي من سنة سجنا إلى عقوبة مالية لا غير، باعتبار أن مفهوم مضايقة المرأة هو أي شكل من أشكال الاعتداء اللفظي أو المادي أو المس من كرامتها. وفي هذا الإطار، تمت المصادقة على الفصل 17 المتعلق بمضايقة المرأة في الأماكن العمومية، بعد التوصل إلى صيغة توافقية « يعاقب بخطية من 500 د إلى ألف دينار كل من يعمد إلى مضايقة امرأة في فضاء عمومي، بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها ان تنال من كرامتها أو اعتبارها أو تخدش حياءها». كما تم قبول الفصل 18 في صيغة توافقية والذي ينص على أنه يعاقب بخطية بألفي دينار مرتكب العنف أو التمييز الاقتصادي بسبب الجنس إذا ترتب عنه حرمان المرأة من مواردها الاقتصادية أو التحكم فيها، التمييز في الأجر عن عمل متساوي القيمة، التمييز في المسار المهني بما في ذلك الترقية والتدرج في الوظائف. وتضاعف العقوبة في صورة العود.

السجن لكل من يشغل الأطفال
ومن أهم الفصول التي تمت المصادقة عليها الفصل 19 الذي ينص على المعاقبة بالسجن من 3 إلى 6 أشهر وبخطية من ألفين إلى 5 آلاف دينار، ضد كل من يتعمد تشغيل الأطفال كعملة منازل بصفة مباشرة أو غير مباشرة. كما ينص الفصل على تسليط العقاب ذاته، على كل من يتوسّط لتشغيل الأطفال كعملة منازل، إضافة إلى مضاعفة العقوبة في صورة العود. كما تم تعديل الفصل 20 من خلال التنصيص على السجن من شهر إلى عامين وبخطية قدرت من ألف دينار إلى 5آلاف دينار من تعمد ارتكاب التمييز على معنى هذا القانون، في حالة حرمان الضحية من التمتع بحقوقها أو الحصول على منفعة أو خدمة.

خطأ في الفصل 277 جديد !!
في المقابل، شهدت بقية الفصول من 21 إلى 42 توافقا واسعا بين مختلف الكتل البرلمانية، حيث تم التصويت عليها دون أي تعديل يذكر. هذا التوافق سرعان ما سقط من جديد وفي الفصل 277 جديد بالتحديد الذي شاءت الأقدار أن يتجدد الخلاف حوله بعد التفطن إلى خطأ، وبذلك لا ينسجم هذا الفصل مع 227 مكرر. وفي هذا الإطار دخلت الجلسة العامة في تشنجات بعد الخلاف حول السن المحددة لممارسة الجنس بالرضاء حيث صادقت الجلسة العامة في الفصل 227 جديد على أن السن ما فوق 13 سنة، يعتبر ممارسة بالرضاء ولا يدخل في باب الاغتصاب، وهو ما اعتبره النواب أي هذا السن يدخل في باب الطفولة، حيث يجب الترفيع في سن الرشد الجنسي إلى سن 16 سنة، الذي تم التنصيص عليه في الفصل 227 مكرر.

التصويت على الفصل 15 ثلاث مرات
وبعد توقف الجلسة العامة، حاول نواب الشعب رفقة جهة المبادرة ولجنة الحقوق والحريات إصلاح هذا الخطأ والسهو، من خلال تقديم وزيرة المرأة والأسرة والطفولة نزيهة العبيدي مقترح تعديل في الغرض حسب الفصل 123 من النظام الداخلي يصلح الخطأ من خلال التنصيص على أن يعتبر الرضا مفقودا إذا كان سن الضحية دون 16 كاملة وليس 13 سنة، بالرغم من تأكيد الوزيرة أن مجلة الطفل تعتبر أن سن الخروج من الطفولة هو 18 سنة. الخلافات حول إعادة النظر في سنّ الرشد الجنسي تسبب في رفع الجلسة للتشاور لأكثر من ساعتين من أجل إعادة صياغة الفصل من جديد، وتجنب الخلافات القانونية من خلال التصويت على كل مقترح على حدة، ثم إعادة الفصل برمته من جديد، والابتعاد عن المزايدات السياسية صلب الجلسة العامة.

وفي الأخير تم التصويت على الفصل 227 جديد بعد الترفيع في السن إلى 16سنة بـ 144 نعم 01 احتفاظ ودون رفض، ثم المصادقة على الفصل 15 برمته بـ 146 نعم 01 احتفاظ ودون رفض. لكن الطريف في الأمر أن مجلس نواب الشعب اكتشف مرة أخرى أنه ارتكب خطأ ثالثا في نفس الفصل 15 لكن هذه المرة في الفصل 228 الفقرة الثانية ضمن الفصل 15، لتتم إعادة التصويت مرة ثالثة على الفصل 15 معدلا بـ 148 نعم واحتفاظ 2 دون اعتراض، لتتم المصادقة على مشروع القانون برمته بـ146 دون احتفاظ ودون رفض.

لخبطة في جدول الأعمال
هذا التعطيل والتوقف من حين إلى آخر، وفي سابقة من نوعها يصادق مجلس نواب الشعب على الفصل ثلاث مرات، تسبب كل هذا في لخبطة جدول أعمال الجلسة العامة التي كانت من المفروض أن تنهي النظر في مشروع القانون خلال الفترة الصباحية، على أن يتم الانطلاق في ما بعد بمناقشة مقترح يتعلق بإتمام و تنقيح النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، ثم انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية وأعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في جلسة اليوم باعتبارها تستغرق وقتا لأن الانتخاب سري ويتم فرادى. على أن تخصص جلسة يوم الجمعة من أجل مشروع قانون أساسي المتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115