في انتظار استكمال المصادقة على مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة: نساء تونس نساء ونصف

الى حد كتابة اسطر المقال يبدو أن قانون القضاء على العنف ضد النساء، وخاصة مبدأ رفض إسقاط العقوبة عن المغتصب ، في طريقه للمصادقة دون أي انتكاسة أو تغيير قد يمس من جوهر التوافقات السياسية

بين الكتل البرلمانية. لكن ذلك لم يحل دون التقاذف والتلاسن المبطن بين النواب لكشف من هو أكثر دفاعا عن المرأة وحقوقها.

مسار مناقشة مشروع قانون القضاء على العنف ضد المرأة في طريقه لنهايته السعيدة، بان توافقت الأحزاب السياسية في المجلس بل بلغ الأمر ان انتقل رئيس حركة النهضة بنفسه إلى المجلس للحديث مع نواب حزبه وحثهم على المصادقة على القانون يوم امس.

راشد الغنوشي لم يفته التأكيد أن كتلة حزبه ملتزمة بالقضاء على العنف ضد المرأة، التزام كتلة الحركة بالتوافقات التي انتهت إليها لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بخصوص مشروع القانون والتي تتعلق، أساسا، بتجريم العنف المسلط على النساء دون تحفظ.

من ذلك أن إسقاط التتبع من طرف الضحية لن يكون سبيلا للإفلات من العقاب، إضافة إلى التأكيد على مبدإ رفض إسقاط العقوبة بالنسبة لمواقعة قاصر دون رضاها، باعتبار الاغتصاب «جريمة لا ينبغي لمرتكبها الإفلات من العقاب». الغنوشي قال في تصريحه الصحفي ما أعلنه القيادي بالحركة الصحبي عتيق في مداخلته من ان قانون القضاء على العنف لا يتعارض مع روح الإسلام ومقاصد الشريعة بل يشجع عليه.

رفض إفلات المغتصبين من العقاب هو ما اجمع عليه النواب في مجل مداخلاتهم، في انتظار ان يقترن الفعل حينما يقع التصويت على القانون فصلا فصلا ، لكن الانتظار لا يحجب حقيقة «النصر» المحرز للناشطات والناشطين في الجمعيات المدافعة عن المرأة بتمرير القانون، الذي ينهي مهزلة إفلات المغتصب من العقاب إن قبل بالتزوج من ضحيته، وهو ما تكرر في تونس منذ 5 عقود، افلت فيها المئات من المغتصبين من الملاحقة القضائية بزواجهم من ضحاياهم.

ضحايا من بينهن قاصرات قرر أهلهن أن يزوجوهن من مغتصبيهن بمقتضى الفصل 227 مكرر لتجنب الوسم الاجتماعي السلبي لكن لم يفكروا في أنهم يقضون على ما تبقى من إنسانية الضحية، ليتقاسموا المسؤولية الأخلاقية مع المشرع الذي اجاز هذا الإفلات من العقاب.

لكن اليوم امام المجلس والنواب فرصة للمصادقة على القانون يمنح التونسيين حق الافتخار بان بلادهم قطعت نهائيا مع منطق شاذ يجعل من ضحية الاغتصاب تعاقب عوضا عن اخذ حقها، هذه الخطوة الهامة التي يجب ان تخطوها تونس نحو تمكين المرأة وضمان حقها في نيل العدالة ان تعرضت لانتهاك لا يقتصر على الاغتصاب وإنما كل أشكال العنف المادية والمعنوية.

عنف في المنزل ومقرات العمل والشارع ومؤسسات التعليم لن يكون القانون على أهميته ورمزيته كافيا للقضاء عليه، بل وجب ان يترافد سن القانون مع تغيير في الثقافة الذكورية السائدة في المجتمع الذي يعتبر المرأة كائنا دونيا يجوز امتهانها وامتلاكها ومعاملتها على أنها كائن غير عاقل.

ثقافة تستند للعرف ولقراءة رجعية للمتن الديني بعقل ذكوري لا يزال يحرك اليوم الكثير من الفاعلين في الشأن السياسي بمن فيهم من دافع امس في البرلمان عن القانون الذي سيكون محرك حراك نسوي جديد يصبو للتحرر الكلي من سطوة الماضي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115