الحرب على الفساد: الآلة القضائية تتحرك وتفتح الملفات

• ختم الأبحاث في أكثر من 500 ملف
يبدو ان حرج السلطة القضائية من تباطؤ معالجتها لملفات فساد، قد يرفع في الأيام القادمة بعد ان بات «محرك» القضاء في طور العمل مستقلا بذاته ليعالج ملفات فساد تراكمت منذ 2011، إذ تعددت الانابات القضائية المتعلقة بمشتبه بتورطهم في ملفات فساد، وانتقلت

سرعة معالجة الملفات بشكل ملفت للانتباه، وهو ما تعتبره الحكومة والأحزاب البرلمانية مؤشرا إيجابيا يفيد بانتقال الحرب على الفساد إلى أطوار جديدة.

لدى إطلاقها لحملتها على الفساد تجنبت حكومة الشاهد ان تنتقد علنا سير القضاء ومعالجته لملفات الفساد، وان كانت في كواليسها تعتبر ان القضاء احد معوقات أي معالجة جدية للفساد، بل خيرت ان تتصرف انطلاقا من قراءات جعلتها تفضل ان تدفع بالسلطة القضائية إلى التحرك ذاتيا والانطلاق في معالجة ملفاتها المتراكمة، والرهان على ان لقانون الحركة سلطته على البشر.

رهان أعلن عنه عضو بحكومة الشاهد، طلب حينها كما اليوم عدم ذكر اسمه، ويعتبر ان الحكومة نجحت في كسب رهان انخراط القضاء في الحرب على الفساد، فكرة الثلج التي أطلقتها الحكومة تدحرجت على التل لتجبر القضاء على أن يلتحق بها بل وان يتحرر في مبادرته ويسارع بمعالجة جملة من الملفات العالقة لديه. ملفات تجاوزت 1200 لدى القطب القضاء الاقتصادي والمالي بمفرده.

مؤاخذات عدة كانت توجه إلى القضاء إن تعلق الأمر بنسق معالجته لملفات تراكمت منذ 2011، ولكن منذ اقل من الأسبوع بات المؤاخذات تتوارى ويحل محلها تثمين لتحرك القضاء وإثارته ملفات فساد بمعزل عن حملة الحكومة.
تغيير انطلق مستندا الى قرارات قضائية تقضي بإيقاف كل من سمير الوافي بتهمة جرائم تبييض الأموال والتحيل، وإيقاف مدير أمن الوحدات بالإدارة العامة للسجون والإصلاح عماد الدريري، بتهمة الرشوة وفق ما أكده الناطق الرسمي للمحكمة الابتدائية بمنوبة. قبل ان يلتحق به رجل الأعمال خالد القبي بتهمة الارشاء لمدير سجن وفق بلاغ للمحكمة الابتدائية بمنوبة، صدر يوم امس.

هذه القضايا وان كانت محدودة العدد فان لها دلالات هامة أبرزها ان القضاء بات منخرطا بشكل مستقل في الحرب على الفساد، وانه امسك بزمام المبادرة في هذا الملف تاركا للحكومة مجالها في الإجراءات الإدارية .
ليعلن سفيان السليطي، المتحدث باسم قطب القضاء الاقتصادي و المالي، ان القرارات الأخيرة عن النيابة العمومية واو عن القطب القضائي هي تحركات مستقلة عن قرارات الحكومة مشددا على ان القضاء يتحرك بمعزل عنها.
تغيير في سرعة عمل القضاء لم يشأ السليطي التعريج عليه ليكتفي بالإشارة إلى إن القضاء يتحرك متى توفرت معطيات في الملفات المحالة إليه، منوها أن تحركات القضاء الأخيرة ليست مناسباتيه وإنما هو أمر عادي من طبيعة عملهم.

موقف يتقاسمه سفيان مع أنـــس لحمادي نائب رئيس جميعة القضاة الذي شدد على ان مكافحة الفساد هي من من صميم دور القضاء وان الانخراط في الحملة ضده أمر عادي، لكنه هنا يشدد على ضرورة أن يقع إتباع إستراتيجية بعيدة المدى وغير انتقائية تدمج ما بين جهد أجهزة الدولة ومنها السلطة القضائية التي طالب بدعمها بالإمكانيات البشرية والمادية اللازمة، ومنها إصدار الاوامر التطبيقية للقطب القضائي.

لحمادي شدد على ان الجمعية دعت في مناسبات عدة القضاة الى يسارعوا في معالجة ملفات الفساد الكبرى وان يبذلوا جهدهم، كما دعا القطب القضائي الى نشر الاحصائيات والمعطيات المتعلقة بملفات الفساد، مشيرا الى ان غياب إستراتيجية اتصالية أدى إلى انطباع سيء لدى الراي العام عن القضاء في نما يتعلق بالحرب على الفساد وان معالجته للملفات تعاني من نقص.

اذ ان لحمادي شدد على ان القطب القضائي ختم الأبحاث في أكثر من 530 ملفا، مشيرا إلى ان هذا الرقم يجمع بين القضايا التي أحيلت للقضاء للبت فيها وبين الملفات التي حفظت مطالبا وزارة العدل بنشر إحصائيات عن سير ملفات المفاسد.
دعوة قال انها تاتي في صميم عمل القضاء الذي شدد على انه لا يعيش في عزلة عن واقعه، في تعليق على ترابط حملة الحكومة على الفساد وانطلاق معالجته من قبل القضاء، وفق لحمادي القضاء يتفاعل مع محيطه وهم كجمعية طالبوا القضاة بالتركيز على ملفات الفساد الكبرى على الأقل نظرا للحجم الكبير للملفات.

تحرك الة القضاء تباركه الاحزاب وان رفضت التعليق عن توقيت تحركها، لكن عصام الشابي الامين العام للحزب الجمهوري ذهب بعيدا في تعليقه الى حد الاستدلال بالمؤشرات الايجابية لتحرك القضاء في ملفات الفساد، اذ يعتبره بمثابة الاعلان عن ان محاربة الفساد ستكون في اطار القانون وتحت سلطة وإشراف القضاء أي الخروج من الاجراءات الاستثنائية إلى إجراءات قانونية، ثانيا ان القضاء تقدم خطوة في اتجاه الراي العام وتواصل مع مطالبه في الحرب على الفساد، مشيرا الى ان القضاء عليه ان يلعب دوره كسلطة مستقلة تحارب منظومة الفساد التي تسللت الى كل اجهزة الدولة ومنها القضاء. ليشير الى ان السلطة القضائية تعافت وعليها العمل لإعلاء دور المؤسسة القضائية وتطهيرها من كل الشوائب في اشارة الى «الفساد».

معالجة ملفات الفساد يبعث كما اشار الشابي برسائل جيدة خاصة وان الحرب فتحت على اكثر من واجهة وانخرطت فيها اجهزة عدة، اما في صفها او ضدها، مما يعنى ان نحاج الحملة سيكون رهين ما تتخذه السلطة القضائية من خطوات الى الامام في الحرب وتسريع نسق حربها الخاصة على الفساد سواء في بيتها الداخلي او خارجه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115