عبد اللطيف المكي : عضو مجلس شورى النهضة: قانون المصالحة لا يخدم المصلحة الوطنية

• الشورى هو من يحدد موقف الحركة من القانون
تتعمق ضبابية المشهد العام في البلاد في ظل أزمة تعصف بكل المجالات

جعلت من التحالف الحكومي مهتزا وما زاد من اهتزازه تعارض مواقف مكوناته من قانون المصالحة، وابرز أعضائه حركة النهضة فهي بين خيارين لم تحسم احدها بعد في ظل تعارض في مضمون تصريحات قادتها، «المغرب» التقت بعبد اللطيف المكي القيادي بالنهضة لمحاورته بشأن الملفات الراهنة.

• ايام قبل حلول شهر رمضان وانتهاء السنة السياسية، هل تقيم حركتكم الوضع العام على انه يتجه الى الاستقرار ام انه مفتوح على كل الفرضيات؟
أولا أتوجه لقراء الجريدة ولكل التونسيين بالتهنئة بشهر رمضان وبتمنيات النجاح للتلاميذ في الامتحانات الوطنية، الوضع العام لاتزال به عناصر مقلقة واخطر ما فيه وضع الحكومة ككل، وهذا يزعج فالكل يعرف ان ابسط شروط التقدم في حل المشاكل الأساسية للبلاد يقتضي شيئا من الاستقرار، وبالتالي من الضروري على الفاعلين الأساسيين ومنهم حركة النهضة ان تقوم بتثبيت الثوابت وان تطمئن التونسيين على بلادهم وعلى مسار الحكم في البلاد وهذا يقتضي المصارحة الحقيقية بين الأطراف، فالعلاقة بين الأحزاب هي علاقة بين مختلفين وبالتالي هناك ضرورة للتصالح على أرضية مصلحة البلاد. وربما شهر رمضان ودخول فصل الصيف الذي تنخفض فيه وتيرة العمل السياسي هو مناسبة لتحديد الثوابت والوجهة السياسية الى غاية سنة 2019 وتوضيح الأجندة والاستعداد لها. هذه مسؤولية كبرى فالنصف الاول من المدة «عديناها كما عديناها» أما النصف الثاني فيجب ان يكون ايجابيا.

• تشير الى ان المرحلة القادمة تقتضي تحديد الثوابت وهذا يفرض سؤال هل ان الشركاء في الحكم يمكنهم تقاسم ثوابت محددة والحال انها مختلفة على كل شيء تقريبا؟
من بين الثوابت التي يجب ان تثبّت، هو تثبيت الفريق الذي سيقود البلاد إلى غاية 2019 ومنحه الثقة الكاملة فلا يعقل ان يقع إطلاق الرصاص من خلف مما يدفعه الى الاستدارة والارتباك، بالإضافة الى العديد من الأشياء التي يجب ان نتفق بشأنها، هذا اذا سلكنا سلوك المصارحة السياسية وابتعدنا عن المجاملات. فاليوم هناك عدد من النقاط يمكن التوافق عليها والسير في تنفيذها ومنها الاصلاحات الكبرى وسياسات تنقية المناخات العامة، فاليوم بات من الطبيعي ان يخرج رئيس حكومة سابق او غيره ليعلن ان الفساد يهدد كيان الدولة.
هذه هي الملفات التي يجب ان نتصارح بشأنها ولا توجد ملفات سرية.

• انت تتحدث وكأن الوضع الحالي قابل لأن يتطور لهذا، والحال ان نداء تونس بات يطالب اما بتغير الشاهد او بمنح الحزب حقائب اكثر في تحوير وزاري؟
هذه يبحث فيه، وعلى نداء تونس، وأنا اقول هذا باللطف الكافي، ان يرتب اموره الداخلية وان يتحدث بصوت ورؤية واحدة، لمناقشة اي مقترح، مع الإشارة الى ان المزاج العام اليوم يرفض تغيير رئيس الحكومة من جديد.

• تقول ان الوضع يقتضي الصراحة وليس المجاملة، إلا تعتبر ان حركتك تجامل رئيس الجمهورية في ملف قانون المصالحة رغم التجاذب الداخلي صلبها؟
هذا القانون حسب اعتقادي هو مصلحة فئوية وليس مصلحة وطنية، فمن طرح القانون لم يقنعنا بجدواه الاقتصادية ولا بجدواه في مسار المصالحة الوطنية، التي من شروطها ظهور الحقيقة وان نتعاتب ومن ثم نتصالح، هذا القانون لا توجد دراسة علمية تقنعنا بجدواه الاقتصادية. هذا القانون لا يضمن كشف الحقيقة فالاداري او الوزير الذي مارس تجاوزات من اعطاه التعليمات ومن مارس الانتهاك معه هذا لا نعرفه بالقانون الحالي.

اما بالنسبة لرئيس الحركة فهو يجيب عن العناوين الكبرى، نعم نحن مع المصالحة لكن التفاصيل هي المهمة، وموقف مجلس الشورى الذي صدر بعد تفاوض داخلي كان تعبيرا دبلوماسيا عن الصراحة القوية التي تم في أجوائها النقاش ولو نشر محضر الجلسة سيكتفي الجميع.

• ماذا ناقشتم؟
نقاشاتنا انطلقت من تقريرين علميين ، احدهما عن الجدوى الاقتصادية أعده الدكتور محمد النوري وهو مختص في الاقتصاد والثاني قدمه حسام الدين الدعبوري وهو خبير محاسب وتقرير ثالث سياسي قدمه الاخ عبد الحميد الجلاصي، هذه التقارير كانت صريحة.
نحن لسنا ضد المصالحة، اذ كنا دعاة لها في السجون والمهجر لكن يجب ان يحقق هذه القانون المصالحة فعلا وفي هذا المستوى هذا القانون ينقصه الكثير.

• رئيس الجمهورية قال انه منفتح على كل التعديلات الضرورية؟
رئيس الجمهورية في خطابه أراد التسويق للقانون، والخطاب في فقرته السياسية الأولى والفقرة الاخيرة التي تحدثت عن الجيش، هي نوع من التسويق ومحاولة تمرير هذا القانون باخراج الشارع من معادلة معالجة القانون، واقتصار الأمر على البرلمان، عملية إخراج الشارع سواء في قوله بترك المؤسسات تشتغل او بذكره للجيش في سياق تهديدي، وهذا فيه نوع من الإساءة للجيش، عبر تهديد الشعب به، والحال انه ليس دور الجيش.

اما عن قول رئيس الجمهورية انه لن يقوم بمراجعة مبادرته التشريعية وانه يترك الامر للجنة البرلمان، نأمل ان يكون الفريق المدافع عن المشروع في اللجنة على استعداد لإدخال التعديلات اللازمة، ففي المرة الفارطة وقع ادخال تعديلات عميقة على المشروع غيرت منه لكن رفض، ويبدو ان الدراسة العامة للتعديلات لم تقنعهم حينها بسبب يقينهم ان القانون خرج عن الاطر التي وضعت له فوقع تجميد القانون لمدة طويلة.

• الجهات المدافعة طرحت 22 نقطة للتعديل لكنها حافظت على جوهر القانون وعلى الشريحة المستهدفة؟
هذا القانون يتحدث عن موظفي الدولة وأنا اتحدي اي أحد ان يقدم قائمة بـ200 موظف مورطين في قضايا الفساد، لن يستطيع فعددهم قليل. ان المستفيدين من هذا القانون هم الوزراء وكتاب الدولة والسفراء والسياسيين ورجال الأعمال وكبار مسؤولي البنوك هؤلاء هم من يستفيدون من القانون اما الموظفون فيقع التذرع بهم وغير صحيح ان هناك امتناعا عن التوقيع من قبل الموظفين، لقد كانوا يمضون في 2012 و2013 فما بالك اليوم. القانون واضح والمسؤوليات واضحة وهم أناس مهنيون يعلمون كيف يشتغلون.

• إذن تعتبر القانون تطبيعا مع رجال النظام السابق؟
هل يعقل و في تونس 5000 سجين متهمين بالسرقة، يحكم عليهم بالسجن والحال ان مجموع ما سرقوه لا يضاهي ما سرقه احد المنتظر استفادتهم من قانون المصالحة، هذا لا يعقل لذلك يجب ان نتأنى وأن نتعمق في النقاش وان نخرج هذا القانون إن لزم الامر إخراجا يليق بمبادئ الثورة، التي من بينها المصالحة والشفافية ومقاومة الفساد وغيرها.

• هناك من يعتبر أنّ هذا القانون يهدف لأمرين، مكافأة من مول حملة النداء وتشجيعا لرجال النظام السابق على الالتحاق بنداء تونس لتعزيزه؟
انا أسأل ماذا يريد من بلغ 60و70 سنة من الحياة السياسية وهو من أخرجته الثورة منها، هذا في حد ذاته يدعو إلى الريبة والشك والخوف، لقد قامت ثورة في البلاد أزالت نظاما سياسيا ليس المسؤول عنه بن علي فقط بل حاشيته، التي عليها ان تحترم إرادة الشعب وان تبتعد عن الحياة السياسية.

وما يشير إليه البعض من ان رجال النظام السابق لديهم طموح لإعادة تشكيل قوى سياسية ، فهذا يدعو إلى المزيد من الريبة والشك واعتقد انه ستكون هناك حسابات خاطئة من رئاسة الجمهورية فهو المؤتمن على أحلام التونسيين.

• الا تعتبر ان النهضة ستتحمل مسؤولية تمريره من عدمه، فهي الكتلة الاولى في البرلمان بيدها الحسم؟
مشكل حركة النهضة أنها في «الوسط» فمن هو مع القانون يريد من حركة النهضة تمريره ومن هو ضده يريد من الحركة إسقاطه. حركة النهضة قالت انه بعد تغيير مضمون القانون واستجاب ذلك لشروطها ستصادق عليه.

• ماهي الشروط؟
شروط تقنية، تتعلق بالأساس بتقدير الثروات التي نهبت بعائداتها وعدم الاكتفاء بنسبة 5 % وإجبارية دفع الآداءات، ثانيا وضع الية موضوعية في تقدير الثروة وليس مجرد اعتراف من المستفيد، ثالثا السماح بالاحتراز كلما ما تبين ان هناك مخالفة من قبل المستفيد، عوضا عن النص الحالي الذي يحول دون التعقيب على الحكم بتاتا، رابعا توضيح كيف أخذت هذه الأموال ومن المسؤول عن ذلك ومن ساعده. هذه المفاصل الأساسية التي نعتبرها في النهضة ضرورية ليكون القانون مستجيبا ومتطابقا مع العدالة الانتقالية.

• اذن ليس لكم احتراز سياسي على القانون؟
لا هناك احترازات سياسية، ومنها ان القانون يشمل الجميع وان يصبح القانون مرتبطا هيكليا بالعدالة الانتقالية.

• قانون المصالحة اثار خلافا بين الجهاز التنفيذي والشورى في تقييم الموقف النهائي من القانون، ان عاد هذا الخلاف للبروز بقوة من سيحسم موقف الحركة؟
مجلس الشورى أعلى من المكتب التنفيذي، ولن يكون هناك موقف للتنفيذي مخالفا لمجلس الشورى، ووفق القانون الاساسي وتقليد حركة النهضة مهمة المكتب التنفيذي هي تنفيذ قرارات الشورى.

• متى يصدر الشورى قراره النهائي؟
هناك متابعة لتطورات الملف وسترفع اليه تقارير عن تطور النقاشات، كما ان هناك لجنة تنظر في التغييرات الممكنة، وكل ما ظهر شيء يستدعى انعقاد مجلس الشورى للحسم سيقع دعوته للانعقاد.

• اذن كل الفرضيات ممكنة؟
كل شيء وارد.

• رفض القانون قد يؤثر على علاقتكم بحليفكم نداء تونس؟
هو نقطة صعبة هم يعتبرونه امرا اساسيا وصعبا، ولكن ان وضعنا مصلحة البلاد والصالح العام سنتمكن من التجاوز.

• المنتدبون الجدد في النداء يعتبرون هذا القانون أساسيا؟
القيادات المنتدبة التي تشير اليها، لا يتحرك منها الا واحد فقط، ونحن نتعامل مع مواقف المؤسسات وليس مع ما يعلنه من يبحث عن معنى لوجوده بالتهجم على النهضة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115