في جلسة عامة للحوار مع محافظ البنط المركزي الشاذلي العياري: الاقتصاد التونسي يعيش معضلة على جميع المستويات

كشفت جلسة الحوار يوم أمس بمجلس نواب الشعب مع محافظ البنك المركزي، عن حقيقة وضع السياسة النقدية والمالية في تونس والأزمة التي تعيشها على جميع المستويات. الجلسة العامة لم تتطرق إلى الحلول والإشكاليات خصوصا وأن المسألة تقنية بحتة،

بل اقتصرت على تقييم دور البنك المركزي ومهامه في التعامل مع هذه الأزمة.

عقدت الجلسة العامة المسائية يوم أمس جلسة حوار مع مُحافظ البنك المركزي التونسي، طبقا لأحكام الفصل 80 من القانون الأساسي عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي. وينص الفصل على أن «يعدّ البنك المركزي تقريرا سنويا يبين إنجازه لمهامه في مجال السياسة النقدية والمساهمة في الاستقرار المالي والرقابة على البنوك والمؤسسات المالية. ويقدّم المحافظ هذا التقرير إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة في أجل لا يتجاوز 30 جوان من السنة الموالية لمجلس نواب الشعب، بطلب منه أو بمبادرة من المحافظ، الاستماع للمحافظ للشهادة أو للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالوضع الاقتصادي والمالي للبلاد ونشاط البنك المركزي وكل المسائل المرتبطة باختصاصه وذلك مرة كل ستة أشهر على الأقل. ويقدّم المحافظ إلى مجلس نواب الشعب المعطيات والمؤشرات الكمية والنوعية المتعلقة بتنفيذ مهامه المنصوص عليها بالفصل 8 من هذا القانون.

البنك المركزي لا سلطة له على التشغيل والنموّ
جلسة الحوار مع المحافظ البنك المركزي كشفت بالأساس الصعوبات المالية والنقدية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث امتدت الأزمة الى قطاعات متعددة، بالرغم من أن أغلبها ليس من اختصاصات البنك المركزي. وقال الشاذلي العياري في مداخلته أن ما يحدث للدينار التونسي جاء في سياق اجتمعت فيه العديد من العوامل، حيث هناك 4 معطيات تتمثل في التضخّم وتوازن المالية وميزان الدفوعات وتطور الدين الخارجي، معتبرا أن البنك المركزي لا سلطة له على مؤشّر التشغيل وتحديد النموّ الإقتصادي.

من جهة أخرى، مثلت مسألة الديون الخارجية معضلة للاقتصاد التونسي باعتبار أن البلاد التونسية بحاجة إلى تسديد ديونها بالعملة الصعبة وهو ما ينعكس يوميا على السياسة النقدية، خصوصا وأنه منذ سنة 2011 شهدت البلاد التونسية ارتفاعا في نسبة التضخم المالي الذي من المنتظر أن يبلغ 5 بالمائة أواخر سنة 2017. وأمام هذا كله، حاول محافظ البنك المركزي تبسيط مهام البنك أمام هذه الأزمة، معتبرا أن المهمة الأساسية للبنك المركزي حسب نظامه الداخلي تتمثل في المحافظة على استقرار الأسعار.

النزيف المتواصل في العملة الصعبة
خطاب الشاذلي العياري تميز بالمصارحة في كشف حقيقة السياسة النقدية المالية لتونس، حيث بين أن ميزانية الدولة تشهد عجزا بسبب التداين، وهو ما ينجرّ عنه تمويل البنك المركزي للأسواق الداخلية بملايين الدينارات، حيث بلغت نسبة تمويل البنك المركزي للأسواق الداخلية بلغت 9 مليار دينار، في ظل الوصول إلى مستويات قياسية في العجز التجاري بسبب تباين نسبة الصادرات ونسبة الواردات المتغيرات المؤثرة في الاقتصاد اتسمت كلها بالسلبية مما يؤثر على احتياطي البلاد التونسية وسوق الصرف، حيث بين العياري أن النزيف المتواصل في العملة الصعبة قلّص من قدرة البنك المركزي على التدخّل في السوق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن سعر الصرف يحدد من قبل البنوك حسب نسبة العرض والطلب ولا يحدد من قبل البنك المركزي.

جلسة متأخرة...
النقاش العام بين نواب الشعب لم يدم طويلا، إلا أن أغلب النواب أعادوا تقريبا نفس المؤشرات التي طرحها محافظ البنك المركزي في حين حمّل البعض الآخر المسؤولية إلى البنك المركزي. وقال النائب عن حركة النهضة سليم بسباس أن هذه الجلسة جاءت متأخرة نوعا ما، في ظل الأزمة التي شهدها الدينار في شهر افريل. في حين أرجع عدد من النواب من بينهم النائب عن حركة نداء تونس المنصف السلامي أسباب ارتفاع نسبة التضخم إلى أن الاستهلاك الذي تشهده البلاد استهلاك أجنبي وليس تونسيا حيث لا بد من العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدّ الأشخاص الذين لديهم ديون متخادة بذمتهم. في حين انتقدت المعارضة سياسة البنك المركزي في التعامل مع الأزمة كالنائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية الذي اعتبر أن البنك المركزي التونسي لا يخضع لرقابة دائرة المحاسبات، إلى جانب أن قيمة الدينار في نزول لأن البنك المركزي تخلى عن القيام بمهامه. محافظ البنك المركزي حاول جاهدا إقناع نواب الشعب بأنّه لا دخل للبنك المركزي في ما يحصل على غرار نسب النمو والتشغيل، حيث قال في رده على تدخلات النواب أن هناك العديد من الأشياء يعود القرار فيها للحكومة على غرار تحديد نسبة النموّ، معتبرا أنه لا يوجد أي بنك مركزي في العالم يقرر نسبتي النمو والتشغيل، نافيا في ذلك وجود أيّة إملاءات حتى من قبل صندوق النقد الدولي بل هي مجرد معاملات طبيعية بحكم علاقات العمل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115