أمام الانزلاق الحاد للدينار واتساع العجز التجاري: الحكومة تتجه نحو التقليص من واردات الكماليات.. واتحادا الشغل والأعراف سيطرحان مبادرة تنظيم حوار اقتصادي

أمام التراجع الكبير للدينار خلال هذا الأسبوع وتراجعه في أربعة أيام فقط (من 17 إلى 20 أفريل الجاري) بـ 3.4 % أمام اليورو وبـ1.9 % أمام الدولار، عاد الحديث يطرح من جديد عن الحدّ من الواردات كحلّ لمجابهة الانهيار الحاد للدينار أمام العملات الرئيسية

إجراء تمّ اتخاذه منذ الحكومات السابقة لكن لم يحقق نتائج تذكر، حيث أكد رئيس الحكومة يوسف الشاهد على هامش زيارته لولاية صفاقس أن الحكومة بصدد دراسة ملف الواردات لمجابهة الهبوط الحاد للدينار وسيعقد مجلس وزاري الأسبوع المقبل للبحث في التفاصيل .
وفق بعض المصادر الحكومية فإن الحكومة ستتخذ جملة من التدابير للتقليص من الواردات للسلع الكمالية والمواد الغذائية غير الأساسية، المواد التي لها مثيل في تونس مع مراعاة احتياجات الاقتصاد الوطني، فالتركيز سيتوجه نحو التقليص من واردات المواد الكمالية بصفة عامة والتي لن يكون لها تأثير على السوق المحلية، مشددة على أن الحكومة تعمل على هذا التمشي منذ مدة وليس هذا الأسبوع فقط بعد الجدل القائم بعد التراجع الكبير للدينار مع مراقبة كثيفة للميزان التجاري بالتنسيق مع الوزارات والهياكل المعنية.

إجراءات عاجلة مرتقبة في قادم الأيام
إجراءات عاجلة وفق مصادرنا سيتم الإعلان عنها في الأيام القليلة القادمة بعد المصادقة عليها من قبل مجلس وزاري سيعقد في الغرض، إجراءات تتمكن خلالها الدولة من التحكم فعليا في اتساع العجز التجاري الذي بلغ نهاية العام 2016 نحو 12.6 مليار دينار، علما وأنه وفقا للأشغال الدورية التي ينجزها المعهد الوطني للإحصاء حول المبادلات التجارية التونسية مع الخارج بالأسعار الجارية خلال الثلاثي الأول من سنة 2017 فقد أفرزت ارتفاعا في الواردات بنسبة مهمة قدرت بــ 20.3% لتبلغ 11411.5 مليون دينار، مقابل 9482.0 مليون دينار تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2016، في حين سجلت عائدات الصادرات ارتفاعا بنسبة 7.4 % فقط، وقد أدى هذا التفاوت بطبيعة الحال إلى تفاقم العجز التجاري ليصبح في حدود 3878.9 مليون دينار مقابل 2466.3 مليون دينار في نفس الفترة من سنة 2016. وسجلت نسبة تغطية الواردات بالصادرات تراجعا بـ 8 نقاط.

مقترحات عديدة تمّ تقديمها من قبل عدد من أعضاء الحكومة خلال مجلس وزاري مضيق عقد الشهر المنقضي وخصص للنظر في العجز التجاري وتفاقمه من أهمها مراجعة اتفاقيات ثنائية واتخاذ إجراءات جمركية للحد من توريد السلع الكمالية والمواد الغذائية غير الأساسية، وبالمقابل وأمام طرح إشكاليات توسع العجز في الميزان التجاري تقدم وزير التجارة والصناعة بمطلب تحرير توريد السيارات إلى جانب مطالب بتحسين النقل العمومي. ومن بين المقترحات المقدمة إيقاف عقد التنعيم franchise بالنسبة للملابس الجاهزة والذي ألحق ضررا كبيرا بالقطاع المحلي الذي استنزف في السنوات الأخيرة، علما وأن تركيا أضحت أكبر المساهمين في العجز التجاري الذي تعيشه تونس. ويشار إلى أن وزير الصناعة والتجارة زياد العذاري كان قد اجتمع أمس مع محافظ البنك المركزي الشاذلي العيّاري للتباحث حول سبل تقليص العجز التّجاري وترشيد الواردات. وقد كان اللقاء متمحورا حول تدارس الآليات العمليّة الكفيلة بالتحكّم في مستوى الواردات وتدعيم نسق الصادرات بما يمكن من تحقيق الأهداف المتعلّقة بميزان الدفوعات. كما اتّفق الطرفان على عقد جلسة عمل بداية الأسبوع المقبل لضبط حزمة الإجراءات العاجلة المزمع عرضها على مجلس وزاري مضيق قصد المصادقة والتفعيل.

مبادرة اتحادي الشغل والأعراف
من بين الحلول المقترحة إلى جانب التقليص من الواردات العشوائية المقترح من الحكومة، تنظيم حوار اقتصادي أسوة بالحوار الوطني الذي تمّ في مرحلة سابقة ونجح في الخروج بالبلاد من الأزمة التي عرفتها في ذلك الوقت، مبادرة تنظيم حوار اقتصادي وفق ما أكدته بعض المصادر المطلعة لـ»المغرب»، طرحت ونوقشت بين هياكل الاتحادين، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد العام التونسي للشغل على أعلى مستوى وذلك بالنظر إلى الصعوبات الاقتصادية والمالية للبلاد وانهيار العملة الوطنية أمام العملات الرئيسية، المبادرة مازالت قيد التشاور بين الاتحادين في انتظار تحديد الشكل والخطوط العريضة لها، بالنسبة للمنظمتين، تنظيم حوار اقتصادي بات اليوم ضرورة قصوى ومستعجلة. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأعراف كانت قد عبرت عن انشغالها العميق

للتراجع الكبير الذي شهدته قيمة الدينار التونسي في اليومين الأخيرين، بشكل أصبح يمثل خطرا حقيقيا على الاقتصاد التونسي وعلى المؤسسة الاقتصادية، حيث ستكون له تداعيات سلبية جدا على الاستثمار والقدرة التنافسية للمؤسسات والتضخم وعجز الميزان التجاري وارتفاع نسبة المديونية وخدمة الدين وعلى التوازنات المالية الكبرى للبلاد وعلى صندوق الدعم باعتبار أن أغلب المواد الأساسية المدعومة موردة من الخارج. ودعا في بيان له الحكومة والبنك المركزي إلى الإسراع بتوضيح الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع والخطة التي سيقع اعتمادها لوقف نزيف العملة الوطنية الذي أصبح يهدد ديمومة المؤسسة التونسية وتنافسيتها وقدرتها على الاستثمار والتشغيل وعلى مستوى عيش المواطن التونسي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115