وزير خارجية اسبانيا ألفونسو داستيس في حوار خاص لـ « المغرب»: حان الوقت لإعطاء دفعة جديدة في العلاقات بين تونس واسبانيا

• سنواصل دعمنا لتونس في انتقالها الديمقراطي عبر تطوير العلاقات بين بلدينا

تطرق وزير خارجية اسبانيا ألفونسو داستيس في هذا الحوار الذي خص به « المغرب» عشية زيارته لتونس الى العلاقات بين تونس وبلاده وسبل تطويرها ، مشددا على مواصلة اسبانيا دعم الانتقال الديمقراطي التونسي . واكد على ضرورة اعطاء زخم جديد للعلاقات بين البلدين و في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والامنية ..تحدث داستيس ايضا عن رؤيته لما يحدث في ليبيا مشددا على ضرورة ارساء الحل السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة. وكذلك التحدي الذي يواجه الوحدة الاوروبية في ظل تصاعد ظاهرة الانفصال..
يشار الى ان ألفونسو داستيس، باشر مهامه كوزير للشؤون الخارجية والتعاون في نوفمبر الماضي، وهو متحصل على اجازة في القانون. وقضى مسيرته المهنية بالسلك الديبلوماسي متنقلا بين الوزارة ومؤسسات الاتحاد الاوروبي. وسبق ان عين سفيرا بهولاندا وبالتمثيلية القارة لإسبانيا لدى الاتحاد الاوروبي.

• في أي إطار تتنزل هذه الزيارة؟
هي زيارتي الاولى لتونس كوزير، بلد عزيز على اسبانيا وينتمي الى الدائرة الاكثر قرابة أي جوارنا المغاربي، تلك المنطقة الاستراتيجية بالنسبة الى اسبانيا. تونس تعتبر محاورا متميزا لنا، نتقاسم معها تاريخا وقيما ومصالح وذلك يجب ان يتأكد باطراد في العلاقات بين الحكومتين. اسبانيا كانت دائما الى جانب تونس، نحن شركاء تقليديون. لقد دعمنا وسنواصل دعمنا لمسار الانتقال الديمقراطي التونسي. هنا اريد ان اشير الى ان حلول الديمقراطية في اسبانيا، مثلما هو الحال في تونس، تزامن مع التهديد الارهابي والازمة الاقتصادية و كلنا نعرف التحديات التي تنجر عن ذلك. اسبانيا و تونس لديهما تجربة مشتركة ونحن على استعداد لإعانة السلطات التونسية.

• هل أنتم راضون على المستوى الذي بلغته العلاقات التونسية الإسبانية؟
يجب علينا ان نكون اكثر طموحا في جميع المجالات ومهيئين لاعطاء دفعة جديدة. في الحقيقة علي الاعتراف ان الوضعية السياسية المتغيرة في تونس والازمة الاقتصادية في اسبانيا وكذلك وضعيتنا الداخلية اثرت في علاقاتنا ولكن حان الوقت لإعطاء دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين. الحكومتان هما في سنتهما الاولى من التكليف. اقتصاد البلدين سيعرف نموا افضل في سنة 2017 كما لاحظنا وجود اهتمام كبير توليه الشركات الاسبانية لتونس. يجب الوصول الى تسوية بعض المسائل العالقة و توفير الشركات الاطار الملائم للعمل. خلال هذه الزيارة سنقوم ببعث الغرفة التونسية الاسبانية للتجارة والصناعة. نريد ان نتقاسم مع تونس تجاربنا في ميادين حققت فيها اسبانيا الريادة كالطاقة المتجددة والبنية التحتية والسياحة والصناعات الغذائية وغيرها. نحن على وعي بان الشعب التونسي يطالب باكثر مواطن عمل و خاصة في أوساط الشباب، ومن اجل ذلك اسبانيا تريد الاستثمار في تونس. وفي هذا الصدد فإن التزام الحكومة بتوفير ضمانات قانونية واسعة للمستثمرين سيساعد على تحقيق هذا الهدف.

• اذن ماهي سبل تطوير هذه العلاقات؟
نحن بصدد تحضير الدورة الثامنة للجنة المشتركة العليا ومناقشة جيل جديد من الاتفاقيات والآليات وصلت الى اشواط متقدمة. كنت قد تحدثت عن دفع العلاقات الاقتصادية خاصة وأن الحوار السياسي وتبادل الزيارات اصبحا اكثر كثافة. لاحظنا بارتياح ان العلاقات تنوعت لتشمل ميادين هامة كالعدالة والامن و الفلاحة. وكالة التعاون الاسباني ستواصل نشاطها في تونس و لكن باكثر كثافة من هنا فصاعدا وذلك بالمحافظة على خطوط العمل التقليدية، كدعم المرأة التونسية، وبفتح افاق جديدة. هذا الدفع الجديد يظهر كذلك من خلال علاقات اكثر وثاقة بين الجامعات، واسبانيا تريد تلبية الاهتمام المتزايد للتونسيين باللغة الاسبانية بفضل معهد ثربانتس وادماج تعليم اللغة الاسبانية في المعاهد.
في نطاق التعاون الاورو- متوسطي تونس واسبانيا تعملان بنشاط ضمن الحوار 5+5 و الاتحاد من اجل المتوسط. و يجب علينا اكثر فأكثر ادماج البعد الاوروبي، وتونس من أهم بلدان الجوار الجنوبي التي عرفت كيف تتصدر الريادة فيه لذلك نريد المساهمة في تمكين تونس من تحقيق العلاقة الفريدة التي تبحث عن ارسائها مع الاتحاد الاوروبي.

• انسحبت بريطانيا من الإتحاد الأوروبي منذ أشهر، ما رأيكم بهذا الإنسحاب؟ ونتائجه على الفضاء الاوروبي؟
تقنيا المملكة المتحدة لا تزال في طور مناقشة انسحابها من الاتحاد الاوروبي وذلك عبر المطالبة بتطبيق البند 50 من معاهدة الاتحاد الاوروبي. وما دام الاتفاق حول خروج المملكة المتحدة لم يدخل حيز التنفيذ، فإن كل الاطار المنظم للعلاقات بين المملكة المتحدة وباقي الدول العضوة في الاتحاد الاوروبي والهيئات يبقى ساري المفعول.
على كل حال ليس هناك شك في ان خروج المملكة المتحدة سيمثل خسارة مهمة للاتحاد الاوروبي في مجالات عدة و لكن مسار الاندماج سيتواصل بالطبع دون هذا البلد. وفي اسبانيا لدينا عزيمة مطلقة كي نواصل العمل بصفة ملتزمة ضمن الهيئات الاوروبية من اجل اوروبا اكثر اندماجا واكثر انفتاحا على العالم.

• هل ستسير برأيكم دول أخرى على خطى بريطانيا وتنسحب من الإتحاد الأوروبي؟
الاتحاد الاوروبي يمر بفترة عصيبة جراء تفاقم الاحزاب السياسية التي تعتبر ان الخروج من الاتحاد الاوروبي هو حل ممكن للمشاكل الداخلية. الوضعية مع المملكة المتحدة لها خصوصياتها بما ان هذا البلد له علاقة خاصة مع الاتحاد الاوروبي بحكم الاستثناءات العديدة تجاه السياسات المشتركة. وهي وضعية لا تحدث في بلدان أخرى تنتمي الى الاتحاد الاوروبي. بحيث، اذا استثنينا حصول فوز أحد هذه الاحزاب، من المستبعد ان يطلب بلد آخر الخروج.
و لكن نحن كحكومات لا نستطيع الاكتفاء فقط بمكاسب الماضي بل يجب علينا تحصين، و في بعض الحالات استرجاع، ثقة المواطنين في المشروع الاوروبي على اساس ان التحديات التي تواجهها اوروبا لا يمكن التصدي لها على انفراد بل تستوجب اجابة اوروبية موحدة.

• كيف تنظر إسبانيا إلى حالة الفوضى التي تشهدها ليبيا؟ وماهو تصورها للحل؟
ان حالة الشلل والتشتت في ليبيا تبعث على القلق. ولكن التزامنا مع هذا البلد لا يزال قائما بنفس قوة سبتمبر 2014 عندما دعونا فورا بعد حدوث الازمة الى عقد مؤتمر دولي من اجل البحث عن حل للنزاع وقد شاركت تونس فيه. خلال السنوات الثلاث الاخيرة يقيننا بقي ثابتا بانه لا يوجد بديل للحل السياسي الذي يحترم وحدة وسيادة ليبيا والذي يمر عبر الحوار بين جميع الاطراف و تحت رعاية الامم المتحدة. الاتفاق السياسي الليبي يجب ان يكون الاطار العام الذي يسمح لكل الليبيين بالبحث عن حلول ويمكنهم من تحديد مصيرهم بأيديهم.

• ما رأي إسبانيا في المبادرة التونسية الجزائرية المصرية للحل في ليبيا و ماهي فرص نجاحها؟
مبادرة الرئيس قائد السبسي بدعم الجزائر ومصر هي خطوة تكميلية ثمينة لجهود الامم المتحدة و تحظى بتأييد كامل من اسبانيا. تسوية الازمة في هذا البلد عبر الحوار والمصالحة بين جميع الليبيين هي حاجة اساسية للاستقرار في منطقتنا.

• ضرب الإرهاب في السابق بقوة في مدينة مدريد و خلف خسائر فادحة كيف السبيل برأيك لمحاربة هذه الآفة؟
لسوء الحظ لا احد في مأمن من هذا التهديد واسبانيا كذلك تعرضت الى ضربات قاسية. دولة القانون والتعاون الدولي من اجل مجابهة الارهاب واعلاء قيم الحوار والوسطية هي بعض المفاتيح لهزم الارهاب. لدينا مع تونس تعاون متزايد وعدة مشاريع مهمة في طور الانجاز. هذه الزيارة ستكون فرصة لمزيد التقدم في كل هذه المجالات.

• هل هناك تعاون بين تونس و إسبانيا في مجال مكافحة الإرهاب؟
لدينا تجربة عريقة و نحن بصدد تقاسمها مع تونس. اسبانيا تنتمي الى مجموعة الكبار 7 + 6 و لدينا برنامج انشطة مكثف. نحن نولي اهتماما كبيرا نحو كل ما تقوم به تونس في هذا المجال وسنواصل دعمها.
للأسف تونس كما هو الحال مع اسبانيا تعاني ايضا آفة الارهاب. تونس تحركت لمجابهة هذا التهديد وهذا جعلنا في اسبانيا نغير توصياتنا للسفر نحو تونس لدعم السياحة في هذا البلد. نحن نعرف، كما هو الحال في اسبانيا، ان السياحة هي ركيزة اساسية للتنمية و النمو الاقتصادي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115