بالرغم من القرار الصادر عن المحكمة الإدارية وانسحاب المعارضة: مجلس نواب الشعب يصادق على تنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء

صادق مجلس نواب الشعب في جلسة عامة عقدت يوم أمس ومع انسحاب نواب المعارضة، على تنقيحات قانون المجلس الأعلى للقضاء بـ120 نعم 12 إحتفاظ و02 رفض، لينهي بذلك أزمة دامت لأكثر من 4

أشهر من انتخاب أعضائه، ما لم يتم الطعن فيه من قبل المعارضة أو تعارضه مع قرار المحكمة الإدارية الصادر أول أمس. جلسة عامة عرفت عديد الانتقادات من قبل المعارضة، مقابل تجند الاطراف المقابلة من أجل الدفاع عن هذه المبادرة.

بعد تأخير دام أكثر من ساعة نظرا لانعقاد اجتماع مكتب المجلس، انطلق الصراع الحجاجي بين نواب الشعب خلال النقاش العام، للدفاع عن موقف ضد الآخر بخصوص تنقيح مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء، مع انقسام النواب إلى شقين اثنين.الشق الأول يدافع عن المبادرة التشريعية المذكورة ويضم كتلة حركة النهضة وكتلة نداء تونس ، بالرغم من صدور حكم عن المحكمة الإدارية يقضي بأن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لا تزال موجودة قانونيا، حيث كان من الأفضل على رئيس الحكومة إمضاء الترشحات التي تقدمت بها الهيئة. في حين تجند الشق الثاني ضد المبادرة ويضم كلا من كتل الجبهة الشعبية والديمقراطية والاتحاد الوطني الحر، والذين انسحبوا من الجلسة العامة بعد إصرار الشق الأول على المرور الى التصويت على التنقيحات. كما أن هناك شق ثالث تبدو مواقفه منذبذبة وغير منسجمة بين نوابه ويضم كتلة مشروع تونس وكتلة افاق تونس.

دحض لحجج المعارضة
نواب حركتي النهضة ونداء تونس حاولوا تقديم الحجج اللازمة أمام الاتهامات التي أطلقتها المعارضة، ومن بينها مسألة تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية في السلطة القضائية، والنزول بالنصاب القانوني إلى الثلث. وقال النائب عن حركة نداء تونس حاتم الفرجاني أن كتلته تساند المبادرة بصرف النظر عن التجاذبات بين الهياكل القضائية، لان الهدف يتمثل بالأساس في إرساء الهيئات الدستورية مع انسداد الحلول من أجل تجاوز الخلافات. وأضاف أن هذه المبادرة ستحسم النقاشات والتجاذبات، لكن مع تواصل غياب التوافقات فإنه لا يمكن للسلطة التشريعية السكوت عن ذلك خصوصا وأن المحكمة الدستورية مرتبطة من حيث تركيزها ارتباطا عضويا بالمجلس الأعلى للقضاء. كما استغرب في نفس الوقت من الأصوات المنادية بتدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية، وفي نفس الوقت تطالب رئيس الحكومة بإصدار الأوامر، مشيرا إلى أن النزول بالنصاب القانوني إلى الثلث سيفضي الى مرونة أكثر لعقد الجلسات.

مجلس نواب الشعب يبحث عن الانسجام
أغلب التدخلات صلب النقاش العام انحصرت بين نواب الشق الأول، الذين قسموا الأدوار في ما بينهم كل حسب اختصاصه من أجل الدفاع عن المبادرة ضاربين بذلك قرار المحكمة الإدارية عرض الحائط، حيث قالت النائبة عن كتلة آفاق تونس هاجر بالشيخ أحمد أنه يجب الخروج من المؤقت والدخول في الدائم من خلال المصادقة على هذه المبادرة، باعتبار أن النص القانوني لم يضع آليات لتفادي مثل هذه الأزمات، مشيرة في نفس الوقت إلى أن التفريق بين السلط لا يعني التفرقة وإقامة الحواجز بينها، بل يقوم على التوازن والتعاون والرقابة، لذلك فإنه من الطبيعي أن يبحث مجلس نواب الشعب على الانسجام بين السلطتين التنفيذية والقضائية. كما بينت أن هناك فرقا بين تنظيم القضاء من خلال سن القوانين والتدخل في عمل القضاء وتسييره.

وبالدخول إلى الحجج التقنية والقانونية البحتة، تدخل النائب عن حركة النهضة الحبيب خضر الذي فسر كل نقطة خلافية باعتماده الفصول الدستورية، ليفند بذلك كافة الحجج السابقة الصادرة من قبل نواب المعارضة. واعتبر خضر أن تركيبة المجلس استكملت يوم 14 نوفمبر 2016 بإعلان النتائج النهائية للانتخابات، حيث لم يعترض احد على الشغور الذي كان موجودا، وبهذا فإنه لا معنى لكل الأصوات المرتفعة التي تطالب من رئيس الحكومة بالتسوية، باعتبار أنه ليس من حقه دستوريا بان يسمي بل توكل المهمة إلى رئيس الجمهورية بعد الترشيح من قبل المجلس. وحول تدخل السلطة التنفيذية، فقد قال خضر أن المبادرة لا تسعى إلى تحديد الأعضاء الذين سيكونون في المجلس القضائي أو الضغط في اتخاذ القرارات، إلى جانب أنه من حق السلطة التنفيذية تقديم المبادرات التشريعية مثلها مثل نواب الشعب الذين يدافعون عن المبادرة المقدمة من قبل عدد من القضاة، متسائلا في ذلك عن أسباب عدم تبينها، من قبلهم. وأضاف أن تدخل السلطة التشريعية يتمثل في دعوة رئيس المجلس لانعقاد المجلس الأعلى للقضاء، وليس له الحق في ترؤس الاجتماع أو اتخاذ أي قرار. إضافة إلى أن الدعوة غير قابلة للطعن لاعتبار وحيد وهو أن الدعوة ليست بقرار يمكن الطعن فيه وذلك تفاديا للطعن بهدف التعطيل. كما أن النزول بالنصاب إلى الثلث يعتبر أمرا عاديا خصوصا وأن مجلس نواب الشعب يجتمع بنفس النصاب.

المطالبة بسحب مشروع القانون
من جهة أخرى، فإن الشق الثاني تجند من أجل دحض كل هذه الحجج، واتهام السلطة التنفيذية بمحاولة الهيمنة على السلطة القضائية بمعية السلطة التشريعية، خصوصا وأن رئيس الحكومة يعتبر المسؤول الوحيد أمام هذا التعطيل باعتباره لم يقم بإصدار الأوامر. وفي هذا الإطار، قال النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية أن الانقسام لا يزال متواصلا إلى حد الآن بين الهياكل القضائية، حيث كان من الأفضل إصلاح هذا القطاع قبل هذه المبادرة، مشيرا إلى أن هناك من يريد تدجين القضاء ويعيده إلى بيت الطاعة من أجل استعماله ضد خصومه من السياسيين. كما أكد أن القانون صيغ على القياس بهدف ضمان مصالح بعض الأطراف، خصوصا وأن الحكومة تبدو منحازة إلى شق معين وليس لوحدة القضاء واستقلاليته. نواب المعارضة طالبوا بضرورة سحب مشروع القانون وعدم المصادقة عليه، خصوصا بعد صدور الحكم من قبل المحكمة الإبتدائية، معتبرين أن الحكومة تحاول التملص من مسؤوليتها من خلال سن هذه المبادرة. وقالت النائبة عن التيار الديمقراطي سامية عبو أن حكم المحكمة الإدارية يقر بأن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لا تزال تباشر مهامها، وهو ما يؤكد أن هذه المبادرة تعتبر محاولة التفاف على القضاء. وبينت أنه لا يمكن النظر في مشروع قانون تم الطعن فيه من قبل المحكمة الإدارية.

«قرار المحكمة الإدارية لن يغير شيئا»
احتجاجات نواب المعارضة لم تثن وزير العدل غازي الجريبي عن تقديم كافة الدلائل والبراهين المدافعة عن هذه المبادرة، حيث اعتبر أن الفصل 73 من قانون المجلس الأعلى للقضاء يلزم رئيس الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بدعوة انعقاد المجلس بمجرّد تلقي نتائج الانتخابات، إضافة إلى ان هناك محاولات من قبل بعض القضاة لانعقاد الجلسة الأولى إلا أن هذه المحاولة تمّ تأجيلها. كما أضاف أن تقصير الهيئة الوقتية في سد الشغور وتغاضيها عن الدعوة لانعقاد أول جلسة ومن ثم استقالة رئيسها أدى إلى طريق مسدود، مضيفا إلى أن الهيئة الوقتية خرقت كذلك مقتضيات الفصل 107 من الدستور المتعلق بنقل وعزل القضاة. وبين أنه لا يمكن التشكيك في انتخابات المجلس القضائي، والادعاء بكونها مسيسة خصوصا وأن الهيئة العليا للانتخابات قد أشرفت عليها. وبخصوص الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية، بين الوزير أنه لا يوجد أي تغيير في الواقع القانوني على اثر القرارات التي اتخذتها المحكمة، معتبرا في ذلك أن أحكام المحكمة الإدارية لا علاقة لها بمناقشة المبادرة المتعلقة بإتمام وتنقيح هذا القانون.

لكن في المقابل، فإن رد وزير العدل لم يقنع المعارضة أو يعدل من موقفها، وهو ما جعلها تتخذ نفس الموقف السابق في لجنة التشريع العام، لتعلن انسحابها قبل الانطلاق في مناقشة فصول مشروع القانون. وبذلك مرت الفصول الأربعة المنقحة دون أي تنقيح يذكر أو تعطيل ليصادق مجلس نواب الشعب على تنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء برمته في وقت وجيز. وتتلخص الفصول الأربعة في تسهيل انعقاد أول اجتماع للمجلس القضائي من خلال تعويض ضرورة انعقاد نصف الأعضاء بالثلث، بالإضافة إلى كيفية انتخاب الرئيس ونائبه في صورة وجود شغور، برئيس مؤقت إلى حين سد الشغور. كما حملت المقترحات المسؤولية لرئيس مجلس نواب الشعب ونائبيه للدعوة إلى انعقاد المجلس القضائي في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، مع التنصيص على عدم الطعن في هذه الدعوة بأي وجه من الأوجه ولو بدعوى تجاوز السلطة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115