في البحث عن كيفية إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي: أي دور لمجلس نواب الشعب في تقريب وجهات النظر؟

بات من الضروري أن يعتمد إصلاح الضمان الاجتماعي في تونس على جملة من الإجراءات من ذلك تنويع مصادر التمويل لإنقاذ الصناديق الاجتماعية من الوضع المتردي الذي تمر به، وهو دور قد

يلعبه مجلس نواب الشعب خلال المدة القادمة من خلال التنسيق مع كافة الأطراف المتداخلة لتقريب وجهات النظر من خلال الأكاديمية البرلمانية ولجنة الصحة والشؤون الاجتماعية.

بمبادرة من قبل الجمعية التونسية للقانون الاجتماعي والعلاقات المهنية، أشرف رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر يوم أمس رفقة مجموعة من نواب الشعب عن مختلف الكتل البرلمانية على افتتاح ملتقى حول إصلاح الضمان الاجتماعي في تونس تحت عنوان «التحديات والحلول» والذي يتواصل إلى غاية اليوم بإحدى نزل العاصمة، وذلك بالشراكة مع المعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية والمؤسسة الألمانية «فردريشايبريت» وبالتعاون مع الأكاديمية البرلمانية بمجلس نواب الشعب. هذا وقد شارك في اللقاء كل من وزير الشؤون الاجتماعية ورئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وممثلون عن كل من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، ومدير المعهد الوطني للشغل والدراسات الاجتماعية.

هدفين أساسيين
اللقاء تناول في بدايته كيفية البحث عن إرساء توافق بين كل القوى المجتمعية السياسية والمدنية حول منظومة الضمان الاجتماعي، وذلك من خلال العمل في إطار عقد اجتماعي جديد بين كل الشرائح والأصناف الاجتماعية بعيدا عن الخلافات والحساسيات السياسية. هذا وقد أكد رئيس مجلس نواب من خلال كلمة ألقاها في افتتاح الملتقى على أن سياسات الضمان الاجتماعي تشكّل عاملا أساسيا في تحقيق التوازن بينها، حيث أن إصلاح النظام الاجتماعي في تونس يستوجب التشخيص الدقيق للوضع الراهن. وتطرق الناصر إلى الأزمة التي تواجهها منظومة الضمان الاجتماعي بسبب العجز المتراكم في توازناتها المالية، والى حرمان نسبة هامة من المواطنين من التغطية الاجتماعية رغم اتساعها بمقتضى القانون لتغطية مختلف العاملين في القطاع الصناعي والفلاحي وفي قطاع الخدمات، إضافة إلى ضعف جرايات التقاعد بالنسبة لبعض أصناف العملة وعدم قدرتها على تسديد أدنى الحاجيات الإنسانية للمواطن .

من جهة أخرى، تناول اللقاء بالأساس هدفين أساسيين من أجل إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي في تونس، مع تواصل عجز الصناديق الاجتماعية في ظل غياب إستراتيجية واضحة أو قرار تجاه هذه الأزمة، حيث بين الناصر أن الهدف الأول يتمثل في تحقيق التوازنات المالية لصناديق الضمان وتحسين مردوديتها، من خلال البحث عن مصادر جديدة لتمويل الصناديق. في حين يتمثل الهدف الثاني في بناء نظام لتغطية اجتماعية شاملة ومستدامة يوفّر حدا أدنى من الدخل والتغطية الصحية الشاملة في إطار ما يسمى بالأرضية العامة للحماية الاجتماعية التي أصبحت مرجعا للدول في منظمة العمل الدولية.

لكن في المقابل، فقد تطرق المشاركون في اللقاء إلى أن عجز الضمان الاجتماعي يعود اساسا الى عدم اتخاذ اجراءات ناجعة و شاملة لتحقيق التوازن المالي على الامد الطويل بل تميزت الاجراءات المتخذة بالوقتية. ومن بين الإصلاحات المقترحة الترفيع في بعض الضرائب الجبائية وشبه الجبائية بنسب تحال لتمويل الضمان الاجتماعي، بالاضافة إلى تخصيص ضريبة على القيمة المضافة الاجتماعية على السلع الاستهلاكية الموردة، والترفيع في المساهمات في القطاع العام.

«منظومة التأمين الصحي أثبتت عجزها»
كما تطرق اللقاء إلى ضرورة إيجاد الحلول العاجلة لمنظومة التامين على المرض من خلال تشخيص الواقع والبحث عن الإصلاحات وذلك من خلال تجميع كافة الأطراف الفاعلة في هذه المنظومة من المنظمات المهنية والحكومة ومجلس نواب الشعب. وفي هذا الإطار، قال رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية سهيل العلويني أن المنتدى يأتي في وقت حساس في ظل الإشكاليات التي تعاني منها ميزانيات الصناديق الاجتماعية، وهو أمر بات مستعجلا ولا يمكن السكوت عنه باعتبارها تتفاقم يوم بعد يوما. وبين أن لجنة الصحة ستعمل على تقديم المقترحات الضرورية خلال هذا اللقاء باعتبار أن منظومة التأمين الصحي في تونس أثبتت فشلها مع تفاقم الديون أمام القطاعين العام والخاص وباتت عاجزة عن تغطية كافة المصاريف.

إشكاليات متعددة في كافة القطاعات
كما كان للقطاع الفلاحي نصيب في اللقاء، حيث قال رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار في كلمة ألقاها أن 11 % فقط من الفلاحين يتمتعون بالتغطية الاجتماعية، نتيجة وجود عدد هام من الفلاحين خارج المنظومة الاجتماعية بالإضافة إلى خصوصية القطاع الفلاحي باعتباره قطاعا غير مُربح. وبين أن جراية التقاعد لا تتجاوز 170 دينارا، معتبرا أن منظومة التغطية الاجتماعية في قطاع الفلاحة والصيد البحري منعدمة ما يتطلب إدراج البعد الاجتماعي في جملة الحلول لإنقاذها.

إشكاليات متعددة تعيشها منظومة الضمان الاجتماعي في تونس، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في الحلول خصوصا وأن العديد من المشاركين اعتبروا أنه لا يمكن الاقتصار على تشخيص الوضع دون اتخاذ حلول عاجلة أو توصيات. ومن المنتظر أن تعمل لجنة الصحة بمجلس نواب الشعب على تقديم التوصيات، على أن يتم عقد لقاء مع أعمال اللجنة من أجل مزيد التعمق في هذا الموضوع.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115