سمير الطيب وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية: «البعض يزعجه نجاح الحكومة.. والحرب على الفساد مهمة المجتمع»

• الفلاحة ستكون في قلب منوالنا التنموي
• تحلية مياه البحر هي الحل لمواجهة الجفاف ونقص المياه

تعاني تونس من ازمات هيكلية في قطاع الفلاحة والمياه، منذ سنوات، ازمات تصيب القطاع ان سجلت نقصا في المنتوج أوفي وفرته، على غرار ما جد في صابة القوارص، ليعود الجدل بشأن الاصلاح الهيكلي للقطاع الفلاحي، اصلاح اكد سمير الطيب وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية ان وزارته بصدد الاعداد له وصياغة نصوصه المنظمة، بالاضافة الى عرضه لسياسة الوزارة لتطوير القطاع، وكيف ستعالج نقص المياه في تونس، سواء الصالحة للشراب او للاستعمال الفلاحي والصناعي،

• تواجه الفلاحة التونسية ذات الأزمات كل سنة إما نقص حاد في الإنتاج أو فائض يرافقه عجز في تصريف المنتوج في ظل غياب تصور وإستراتيجية واضحة ؟
الموضوع أعمق ممّا يراه البعض وهو موقع الفلاحة في المنوال التنموي التونسي اليوم. هي في موقع هامشي مقتصرة على إنتاج لتلبية حاجيات السوق الداخلية بأسعار ترضي المستهلك مما أدى إلى معالجة كل الأزمات الاجتماعية على حساب المستهلك ورغم ذلك كانت تأثيرات القطاع واضحة فكلما سجلنا أرقاما جيدة انعكس ذلك في ارتفاع نسبة النمو وباقي مؤشرات التنمية، والحكومة منذ تشكيلها أعلنت عن عزمها جعل الفلاحة في قلب المنوال التنموي الجديد وهذا يعني أننا نفكر في اقتصاد الفلاح وكيفية تحقيقه لعائد جيد وكسر حلقة الفراغ والمديونية التي يعيشها . فالفلاح يجب أن يتوقف دوره على الإنتاج فالفلاحة في تونس ضعيفة في خلق القيمة المضافة عبر صناعات تحويلية صناعات تركز في مواقع الإنتاج ليقع بعث وحدات تحويل إمّا من قبل الفلاح نفسه أو التعاضديات أو مستثمر .
اليوم على الجميع إدراك أن الفلاحة والصناعات التحويلية هي التي ستحقق التمييز الايجابي في الجهات عوضا عن تنقل المنتوج لوحدات التحويل وتدخل أطراف من خارج المنظومة حال دون تحقيق الفلاح لربح ولتجاوز دور الإنتاج.

• الصناعات التحويلية تتطلب المنتوج الوفير أي أراضي كبيرة وليست ملكيات مشتتة ضعيفة المردودية ؟
الأراضي موجودة وتونس لها مخزون كبير من الأراضي الدولية التي ستندرج في منظومة الصناعات التحويلية أمّا بالنسبة للملكيات الصغرى فإنّها لا تعيق، إذ يمكن قيام وحدات تحويلية صغيرة أو إنشاء تعاضديات أو شركات تجمع أصحاب الأراضي.
وأودّ أن أشير إلى أن أزمة الحليب اليوم في باجة تحلّ بإحداث وحدات صغرى لصناعة الأجبان هذه الوحدات الصغرى تخلق قيمة مضافة وترسي منظومة فلاحية جديدة .

• أشرت إلى الأراضي الدولية والحال أن هناك أزمة تسيير هذه الأراضي ؟
لقد استرجعنا العديد من الأراضي الدولية الفلاحية وأحلناها إلى « الديوان» الذي للأسف غير قادر بإمكانياته الحالية وتعدد مهامه أن يتولى إدارة أراضي دولية وقع استرجاعها لذلك نحن نتجه إلى كرائها إما لشركات إحياء فلاحية أو تعاضديات وسنحرص على أن يرتبط ذلك برؤيتنا للاقتصاد الاجتماعي التضامني .
أي أن هذه الأراضي الدولية وأراضي الفلاحين الصغار سنقدم لهم امتيازات وتشجيعات ليلتحقوا بمنظومة الصناعات التحويلية وعصرنة الفلاحة وتشبيبها في ظل معدل أعمار للفلاحين يتجاوز 60سنة

• الصناعات التحويلية لن يكون بمقدورها حل أزمة تصريف المنتوج الفلاحي ؟
إنّ السوق التونسية صغيرة وان سجلنا ارتفاعا في الإنتاج نواجه أزمة توزيعه كما حدث في صابة القوارص وقد نواجه في السنوات القادمة ممّا يفرض علينا التوجه للتصدير إذ لم نشتغل في السابق على إيجاد أسواق المنتوجات الفلاحية التونسية وقد فوجئت يوم تسلم الوزارة بعدم وجود إدارة للتعاون الدولي تتولى ذلك.
إذ أن تونس ليس لمنتجاتها الفلاحية كالقوارص مثلا إلا السوق الفرنسية والحال أن هنالك أسواق عديدة واعدة كالسوق الروسية التي توجهنا إليها والكندية إضافة إلى استرجاع أسواق قديمة كالسوق الألمانية

• التوجه إلى أسواق جديدة في ظل انتقادات لجودة المنتوج لن يكون حلاّ ؟
إنّ خلق القيمة المضافة في الفلاحة سيكون له تأثير في جودة المنتوج كما إشراك الفلاح في المنظومة. اليوم الفلاح يعتبر نفسه الحلقة الأضعف في سلسلة التصدير ويعتبر أن المصدر يقدم له أسعارا رخيصة مما يجعله يقدم له منتوجا «مخلط» دون تصنيفه ممّا يؤثر لاحقا على جودة المنتوج لهذا لابّد من إحداث هيكل يجمعهما ينظم المسالة بينهما وينهي تحفظات كل طرف منهما فكل منهما يعتبر الآخر «معرقلا» وعليهما أن يدركا أن السوق التونسية لا يمكنها استيعاب «الصابة»

• ليس هذا فقط ما يؤثر على الجودة إنما غياب المرافقة للفلاحين في كل المراحل من الزراعة إلى التوزيع ؟
إنّ النصوص والتشريعات الأخيرة في مجلة الاستثمار وبإجماع الكل تقريبا اكبر مستفيد منها هو الفلاحة . إذ لتطوير القطاع وتعصيره وجعله يقدم قيمة مضافة وتحسين جودة المنتوج وقع سنّ تشجيعات لتطوير أدوات الإنتاج والياته ومن ذلك تعديل الأمر المتعلق بحوافز مكننة القطاع وجعله يشمل كل الفلاحين / المستثمرين كما وقع رفع سقفه من 100 ألف دينار إلى 500 ألف دينار
ثانيا اليوم نشتغل على دعم مكاتب الإرشاد الفلاحي وتطويرها ودفع النقابات الفلاحية إلى لعب دور في الإرشاد والتكوين لمساعدتنا
هذه الإجراءات والبرامج تنصب في تحقيق رؤيتنا الجديدة للفلاحة والأهداف منها . إنهاء الأزمات التي نواجهها في القطاع سواء كانت هنالك وفرة في الإنتاج أو قلّة . وإنهاء عملية إتلاف منتوج فلاحي أو رضوخ الفلاح لأصحاب وحدات التحويل.
أي أن عملية تغيير الأهداف هي القادرة على قلب الأوضاع اليوم وتطوير الفلاحة .

• تصوركم والأهداف التي تشيرون لضرورة تحديدها يستوجب نصا تشريعيا متطورا ؟
هناك نصوص تشريعية نعمل على تعديلها. ولا يطرح الأمر أي إشكال

• النص يترك فراغات ويقدم آليات قديمة لمشاكل حديثة كشركات الأحياء والتعاضديات ؟
النص موجود المشكل هو كيفية تطبيق القانون ومن نمنح الامتياز التعامل في السابق كان بالولاء وللعائلات المتنفذة اليوم تونس شهدت ثورة ونحن سنصدر قائمات بالأراضي التي سنعرضها للمستثمرين بكل شفافية .
ثانيا نحن نشتغل في الوزارة من اجل إرساء الاقتصاد التضامني الاجتماعي وإحياء تجربة التعاضديات بشكل جديد ،إذ هذه التجربة موجودة في كل الدول الكبرى تقريبا بإشكال متعددة.

• التعاضديات لها وقع « مرير» في أذن التونسي بعد تجربة بن صالح
لقد راجعنا النقائص وعملنا على تجاوزها من ذلك أننا رفعنا في مساحة الأراضي التي تمنح على وجه الكراء لمجموعة من الفلاحين إذ أنها قد تصل 500 هك بعد أن كانت في السابق 50 هك .
إضافة إلى أن الأراضي التي سيقع تخصيصها للتعاضديات أراضي خصبة في مواقع جيدة لضمان نجاح المشروع كما سنصاحبهم بالدعم المادي وتسهيل الاقتراض إضافة لوضع مهندسينا وخبراء الوزارة على ذمتهم لإرشادهم.

• وجود النص لا يعني انه يوفر حلولا وأجوبة على الإشكاليات ؟
اليوم القوانين تمكننا من الاشتغال وهذا لا يعني أننا لسنا في حاجة إلى تطويرها قد وجدت لدى النواب فهما وحرصا على تحقيق ذلك والمصادقة على مشاريع القوانين التي سنقدمها والتي نراهن على أنها ستساعد على تغيير واقع الفلاحة والفلاح في تونس

• الفلاحة تواجه أزمة مياه والوضع ينبئ بأن القادم لا يبشر وان المرور بأزمات كبرى أمر وارد جدا ؟
ملف المياه هو اكبر ملف يسترعي اهتمامنا وله نصيب كبير من جهد الوزارة واستثماراتها
إذ برمجنا 39 مشروعا كبيرا في المياه بقيمة 3.8 مليار دينار ضمن مخطط التنمية 2016 - 2020 لإدراكنا أهمية الملف إذ تونس تعتبر دولة فقيرة مائيا وان لم يكن أحد يدرك ذلك فبفضل حسن التصرف في المياه وهي سياسة الدولة الوطنية .
سياسة قامت على منظومات مياه اهترأت وبلغت حدودها ويجب اليوم تحديثها

بالنسبة للوارد في ملف المياه نتعامل وفق أولويات الأولى هي المياه الصالحة للشراب وهنا لنا إشكالية قدم المنظومة وتراجع مخزون المياه التي قامت عليها المنظومة التقليدية.
اليوم سنغير المنظومة وسنباشر الاعتماد على مصادر مياه غير تقليدية منها تحلية مياه البحر بعد تطور التكنولوجيا التي عالجت الإشكالية القديمة المتمثلة في رفع درجة ملوحة المياه
وقد شاركنا في تركيز وحدات تحلية مياه البحر وتحصلنا على تمويلات أجنبية لتمويل هذه المشاريع التي ستعالج إشكالية المياه وعملية البحث عن مصادر بديلة تشمل معالجة المياه المستعملة وإعادة استغلالها في الفلاحة والأنشطة الصناعية وللأسف في تونس نحن متأخرون في هذا المجال

• ليست قلة المياه ما يمثل إشكالا فشبكة التوزيع بدورها مهترئة ؟
اجل شبكة التوزيع بعضها يتجاوز 20 إلى 30 سنة . نحن في إطار تحديثها وأول قرض تحصلت عليه الوزارة منذ استلمتها كان مخصصا لهذا الأمر

• ننتقل إلى الملف السياسي وفي ظل تحديد موعد الانتخابات البلدية .كيف استعددتم في حزب المسار لها ؟
نحن في إطار مناقشة الأمر والنظر فيه لم نتخذ أي قرار بعد ولا وضعنا تصورا نهائيا بشأنها .
هناك توجه عام في الحزب بان تكون القائمات البلدية قائمات مواطنية تضم المجتمع المدني وبالأساس الجمعيات البيئية والتنموية.

 

• وماذا عن التحالفات ؟
لا احد اليوم يمكنه الحسم وإعلان انه عقد تحالفا مع أي طرف آخر إن كل الأحزاب التونسية اليوم تدرس خياراتها وتبحث عن صياغة تصور في ظل إدراكها أنها غير قادرة بمفردها على الذهاب للانتخابات البلدية وتقديم أكثر من 7000 مرشح ونحن من هذه الأحزاب بل حتى حركة النهضة غير قادرة على الذهاب بمفردها
وهذا يجعل من كل الأحزاب تدرس خيار تشجيع النخب في الجهات على الترشح في قائمات ونحن ندرس هذا الخيار ونعمل اليوم على توسيع النقاش مع النخب والنشطاء لتكوين تصور مشترك عن الانتخابات البلدية وهي خطوة أساسية لتحديد كيف سنخوض الانتخابات هل في إطار التحالف أم قائمات مواطنية أم نكتفي بدعم قائمات مواطنية دون الترشح.

• تشير إلى أن الأحزاب تدرس خياراتها فهل تدرسون الخيار الذي اقترحه رئيس حركة النهضة القائل بتشكيل قائمات مشتركة ؟
نحن لا نتحالف إلا مع أحزاب من عائلتنا السياسية وهنا أشير إلى أن حكومة الوحدة الوطنية واتفاق قرطاج ليست تحالفا هي انجاز لمهمة ضرورية وتشكيل لحكومة الفرصة الأخيرة لإنقاذ البلاد وهذا كان واضحا في المبادرة منذ بدايتها يوم اقترحناها نحن من المسار كفكرة

على رئيس الجمهورية الذي طورها وقدمها لكل الأطراف بعضها رفض الالتحاق والبعض الآخر انسحب لاحقا

• لكن التحالف بين النهضة والنداء أمر شبه محسوم وقد يؤكد في الانتخابات البلدية؟
لا دخل لي بالأحزاب الأخرى ولكن السؤال هنا أي نداء ستتحالف معه الحركة وفق علمي لا احد يريد أن يتحالف معها

• أشرت إلى أن البعض انسحب من اتفاق قرطاج وهذا يفقد حكومتكم صفتها ؟
إن حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة الفرصة الأخيرة لذلك على البعض أن يعي بان عدم وضوح موقفه أو إعلانه الانسحاب وتمزيق وثيقة قرطاج واختيار أن يكون معارضا للحكومة لا يفقدها ذلك صفة الوحدة الوطنية فهذه الحكومة سبقها إعداد برنامج شاركت فيه جلّ الأطراف السياسية إلا من أقصى نفسه .

• لكن الحكومة لم تطبيق الأولويات التي أعلنتها كمحاربة الفساد وفقدت نفسها الإصلاحي في الميزانية ؟
رغم عدم مرور فصول من قانون المالية إلا انه كان بصفة عامة خطوة أولى في مسار الإصلاح الذي تنتهجه الحكومة التي نجحت في فتح ملفات لم تخاطر أي من الحكومات السابقة بفتحها لقد تحلت حكومة الوحدة الوطنية بالشجاعة ونجحت في مهام أساسية لها ابرزها الانطلاق في الإصلاحات وهذا النجاح يزعج البعض

• لكن ملف الفساد فشلت في معالجته ؟
إن مقاومة الفساد ليست مهمة الحكومة بمفردها فالحكومة سنت القوانين وخصصت الاعتمادات المالية وأعلنت عن جملة من الخطوات
إن هذا فقط لا يحارب الفساد في ظل غياب دور المجتمع المتعايش مع الفساد بل أقول إننا كلنا فاسدون فكل القطاعات تعاني من فساد ولكنها تنتفض ضد اي قرار يحارب الفساد وترفضه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115