أيّ سماء تظلّني وأيّ أرض تقلّني؟؟؟

وأخيرا نطق قضاؤنا المقدّس بحكمه في قضية الشهيد نقض.. نطق بما كنّا نتوجّس منه شرّا، وفي حكمه أبواب جهنّم فتحها في وجوهنا.

هل تدركون ما هي دلالات تبرئة من قتل الشهيد؟ هل تعلمون أنّكم قادمون على أيّام قاسية، وإن كنتم قد تعوّدتم على قساوتها منذ خمس سنوات فإنّها ستكون الأشدّ والأقسى والسبب بسيط:

• فالحكم بالبراءة يتضمّن اعترافا بالجناح العسكري لحركة النهضة، وأفسّر: نعلم جميعنا أنّ رابطة حماية الثورة تركيبتها مزيج من أنصار النهضة والمؤتمر ، وهم يمثّلون الصنف الأعنف، عانينا منهم ومازلنا نعاني أشكالا من الاعتداءات على المفكّرين والمثقفين وكلّ من ينطق بكلمة حرّة.. وجميعنا يعلم تاريخهم الحافل الذي بلغ أوجه سنة 2012 ، ابتداءا باعتداءاتهم على المتظاهرين بشارع الحبيب بورقيبة في 9 أفريل ، ثمّ مع الاعتداء على الشهيد لطفي نقض في أكتوبر 2012 ومن بعده بشهرين فقط على الاتحاد العام التونسي للشغل . وكان هؤلاء الجماعة بمثابة الجناح الرادع من كلّ زيغ، فهم حملة العلم الأصحّ والأسلم وعلى المجموعة الطاعة وإلاّ فالعصا أو السيف .. وظلّ هؤلاء يتفنّنون في بثّ سمومهم في المجتمع إلى سنة 2013 ، وبعد أن ضحّت تونس بالشهيدين بلعيد والبراهمي.. واتخذوا منذ خريف تلك السنة سبيل التقيّة، والاحتماء بجبّة التوافق والتحالف.. لكن السؤال، هل توقّف هؤلاء عن أنشطتهم؟ غبيّ وساذج من يصدّق هذا الرأي، لأنّهم ظلّوا يترصّدون كلّ بادرة تخالف برنامجهم وسياستهم، لينهالوا عليها عنفا باللسان .. ألقي بهذا الرأي حتى أجيب من اعتقد

انّ هذه الفرقة توقّفت عن العمل. فهي لم تسع سوى إلى تغيير طريقة تحرّكاتها لا غير. ألم تنكبّ طيلة هاتين السنتين على تنظيم عملها؟ وصارت أشدّ نضجا؟ هذه الرابطات صارت الآن أكثر انتشارا: غابت عن الشارع لتصير أشدّ حضورا في المواقع الاجتماعية تحارب الأفكار الحرّة، وتشنّع بكلّ مخالف ، وتسعى إلى دكّه وإسكاته ، وذاك نوع من أنواع العنف، وليس بأقلّ قيمة من الضرب أو السحل لأنّه يهاجم الفكر.. ورابطات حماية الثورة حاضرة في تحكّمها في وسائل الإعلام، حتى تدافع عن النهضة عندما تنتقد، وتوظّف ترسانة من المتكلّمين والمتكلّمات، هم أبعد ما يكونون في الظاهر عن النهضة، ولكنّهم مترصّدون لكلّ سلبية قد تلحق بهذا الحزب، ولكم أحسن مثال على ذلك ما عشناه طيلة الأربعة أشهر الماضية من مارس إلى ماي.. من تعنيف لكلّ قلم حرّ منبّه من العدول والانحراف.. وإن انتفضت هذه الرابطات فلأنّها مسهمة في نشر المشروع الإسلاموي الذي اختار تطبيع المجتمع في مرحلة أولى .. كانت في اختصار الجناح الساهر والرادع، ومن منظور أصولي كانت تمثّل مؤسسة الحسبة والمعروفة بمؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. الرابطات تقنعت يا سادتي بقناع الفنانين والممثلين وحتى الرياضيين، تكفّلوا بالهجوم علينا، ورُمينا بألسنة لاذعة.. هذا هو الوجه المكتمل لرابطات حماية النهضة.. والغريب المحزن أن سكتت عنها الأحزاب المحمولة على الحداثة طيلة هذه السنوات حتى قوي عودها.. واليوم نستفيق لننتبه إلى حضورها.

أعود إلى حكم القضاء بعد هذا السرد التاريخي السريع لأشير الى أنّ في تبرئتهم دلالة على قوّتهم مثلما هو دليل على الاعتراف الضمني بهم.. ألسنة دفاعهم يبرّرون عنفهم وإرهابهم بأنّه تعبير عن «حالة ثورة».. وكم هي دقيقة هذه العبارة التي تلتقي بوصف الأستاذ الغنوشي لعنف الدواعش « بالإسلام الغاضب» ، فهل هو ....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115