من ذاكرة الرياضة التونسية ابراهيم المحواشي : الملاكم الفنان و الطائر الحاكي الذي سيبقى في الذاكرة

يجب أن تكون لك سواعد و شجاعة إبراهيم المحواشي حتى تصبح ملاكما فنانا و بطلا، و يجب أن تملك من فصاحة ابراهيم المحواشي حتى تصبح ذلك الطائر الحاكي الذي لن تمل من سماعه.

في 2 جويلية من سنة 2008 فارقنا و للأبد ذلك «الطائر الحاكي» إبراهيم المحواشي ولكن روحه باقية لتخلّد مسيرة متميزة لإعلامي فذّ ورياضي ناجح و ملاكم جلب لتونس عديد المفاخر والأمجاد.

4291 ولادة اسم كبير في عالم الرياضة و الإعلام
الراحل إبراهيم المحواشي المعروف في الساحة الرياضية بـ«إبراهيم الشاب» ولد بالحلفاوين بتونس العاصمة يوم 24 أفريل 1924 وتوفي بها يوم 4 جويلية 2008، ودفن في بمقبرة الجلاز هو ملاكم وصحفي ومسيّر رياضي تونسي ومؤرخ للرياضة التونسية.
خلافا لما يعتقده البعض لم تكن انطلاقة إبراهيم المحواشي الرياضية مع الفن النبيل حيث كانت بداية مشواره مع سباق الدراجات حيث شارك في بطولة المبتدئين وتمكن سنة 1941 من الإحراز على المرتبة الرابعة عشرة، كما شارك في مسابقات أخرى متنوعة في سباق الدراجات وفاز ببعضها, ولكن كبقية متساكني «الحوم» الأحياء الشعبية انجذب ابراهيم المحواشي إلى رياضة ملاكمة التي كانت تتمتع بشعبية جارفة في تلك السنوات، وانخرط في نادي الملاكمة بتونس ومنذ ذلك الحين انطلقت مسيرة واحد من أفضل الملاكمين التونسيين الذين رسخوا في الذاكرة.

أُطلق على ابراهيم المحواشي لقب « الشاب» لتميزه و أسلوبه الفني وكذلك لتمتعه بالروح الرياضية العالية، ووصل سنة 1945 إلى نهائي بطولة تونس في الوزن الخفيف، غير أن المتراهنين «وهو أحدهما» كانا صديقين فلم يجريا المقابلة فوقع حجب البطولة تلك السنة, وبعد ذلك انضم للمنتخب الوطني و أحرز بطولة شمال أفريقيا سنة 1946 بعد أن تغلّب على الجزائري محمد توجين الذي كان آنذاك هو حامل اللقب، وحافظ على لقبه أبى سنة 1953، كما شارك في أول نسخة من ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي انتظمت بالإسكندرية عام 1951، وقام خلالها بإيصال صوت بلاده وكفاحها من أجل الاستقلال.
في عام 1947 أصبح المحواشي بطل تونس للمحترفين في الوزن الخفيف وحافظ على لقبه إلى عام 1951، و فاز على أبطال اللعبة على غرار الصادق البحري عام 1950 وكيد ألدو (Kid Aldo) عام 1951 والرزقي بن صالح عام 1954.
كبقية الملاكمين التونسيين هاجر المحواشي إلى فرنسا و دخل عالم الإحتراف و تمكن من إحراز 16 انتصار و لكن بعد خسارته بالنقاط أمام بيل جو يوم 12 جوان من عام 1954 قرر مغادرة الحلبة و لكن كملاكم فقط لأن عشقه للفن النبيل جعله يتحول للتدريب وأصبح ممرّنا وطنيا وبالإضافة إلى ذلك أنه أصبح مسيّرا من خلال عضويته في الجامعة التونسية للملاكمة.

ابراهيم المحواشي ... الصحفي الرياضي
بعد حصول تونس على استقلالها عام 1956 وقع إلحاقه بـوزارة الشباب والرياضة حيث عُيّن رئيس ديوان الوزير في فترة توليها من قبل عزوز الرباعي ورغم شهرته كملاكم إلا أن الميدان الإعلامي فتح له الأبواب على مصراعيه ليصبح إبراهيم المحواشي واحدا من أشهر الصحفيين الرياضيين التونسيين و العرب وعرف بأنه ذاكرة الألعاب الفردية وموسوعة رياضة الملاكمة بصفة خاصة, بدأ مشواره كصحفي رياضي في الخمسينات وذلك بالتعليق على بعض المقابلات في الملاكمة لفائدة صحيفة «تونس سوار» أي تونس المسائية، وبعد الاستقلال استقدمه الحبيب شيخ روحه مدير ومؤسس جريدة الصباح اليومية ليعمل في ركن الرياضة وكان يمضي باسم «برهوم» أو «الطائر الحاكي» ليستمر بها حوالي العشرين سنة وكان قبل ذلك قد عمل في ركن الرياضة أيضا بجريدة العمل وجريدة الشعب وفي نفس الوقت عمل معلقا رياضيا بكل من مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين حيث نقل للجمهور التونسي الذي اعتاد على سماع صوته وتعليقه المتميز العديد من الأحداث الوطنية والعالمية، ومن بينها نزالات أسطورة الملاكمة محمد علي في السبعينات و مقابلات الملاكمين التونسيين على غرار الطاهر بلحسن و كمال بوعلي و توفيق البلبولي، كما قدّم برنامج الأحد الرياضي أحد أهم و أنجح البرامج الرياضية التلفزية. .

براهيم المحواشي ... شخصية ناجحة في كل الميادين
إلى جانب نشاطه الإعلامي والرياضي دخل إبراهيم المحواشي ميدان المسرح والتمثيل و كان من بين 26 ممثلا اختيروا لتكوين فرقة بلدية مدينة تونس عام 1953 بقيادة زكي طليمات.

أوسمة و تكريمات
نظير نجاحه في الميدان الرياضي و خاصة الإعلامي وما عرف عنه من تميز جلبت له شهرة واسعة في تونس و العالم العربي، تحصل الراحل على عديد التكريمات و كان أهمها في مسيرته هي حصوله على الصنف الثالث من الوسام الوطني للاستحقاق في قطاعي الشباب والرياضة, منذ أكثر من 12 سنة غادرنا ابراهيم المحواشي و لكن روح «الطائر الحاكي» ستظل تحلق في سماء تونس في ظل ما تركه لنا من مآثر وما عرف به من خصال لا تحصى ولا تعد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115