قراءة في مدربي الرابطة المحترفة الأولى: سيطرة للأسماء المحليّة ...وأبناء النادي بيــــــــن ثقة الهيئة والعجلة الاحتياطية

في شارع رياضي لا يعترف إلا بالنتائج مهما كانت الوسائل والوضعيات من الطبيعي ان تلفظ مجريات البطولة في كل مرة أحد المدربين سواء تعلق الامر بأسباب فنية او ادارية،

وفي كل الحالات فالمدرب هو كبش فداء تسكت به الهيئة حملات النقد وموجات الغضب التي تطالها دون سعي للبحث عن الاسباب الحقيقية وراء تراجع الاداء لذلك من الطبيعي ان نجد الاندية تدور في حلقة مفرغة من الفشل ما لم تتوفر الشجاعة لدى اهل القرار لتحمل المسؤولية.
في ظرف اسبوعين تقريبا رمى ماهر الكنزاري مدرب الملعب القابسي المنديل مرة أخرى ويبدو انه تجاوز حاليا مرحلة التهديد مؤكدا ان قراره نهائي لاسباب تتعلق بالجو العام للفريق وهذا الامر دفع ضريبته الفرنسي جيرار بوشار رغم نتائجه المقبولة وهاهو يطيح بالكنزاري مما يتطلب من هيئة نادي عاصمة الحناء ايجاد سبل لتجاوز الخلافات الادارية ووضع اليد في اليد لمصلحة النادي قبل كل شيء.

رد الاعتبار للمدرسة التدريبية التونسية
في وقت غير بعيد كانت الفرق تتسابق على التعاقد مع الاسماء الاجنبية وكأننا امام عقدة نقص او تبعية تحصر النجاح في التعاقد مع «الاسماء المستوردة» والمدرب الاجنبي حتى وان اخطأ فالمسؤولون يلتمسون له اعذار عدم التاقلم واللغة والمناخ رغم ان الامكانيات المتوفرة له لا يحظى المدرب المحلي بالنزر القليل منها لكن للأسف فإبن الدار كأنه «شرّ لابد منه» بالنسبة الى اهل القرار يتم الاستنجاد به في الاوقات الصعبة وتلفظه تيارات التغيير مع اول عثرة.

في السنوات الاخيرة بدأ المدرب المحلي يعود تدريجيا الى الواجهة ولاندري ان كان الامر يتعلق بمسألة اقتناع بكفاءته أو اختيار فرضته الصعوبات المالية...والمهم ان الامر لم يقتصر على الاندية فحتى الجامعة التونسية لكرة القدم اعطت ثقتها للمدرب نبيل معلول للاشراف على نسور قرطاج والحصاد بدأ بالتأهل الى مونديال روسيا 2018 عسى ان يتواصل بمزيد النجاحات.

5 اسماء أجنبية تحت مقصلة الإقالة
مع ضربة بداية موسم (2017 - 2018) كان على بنك البدلاء 5 اسماء اجنبية من بينها 3 فرنسيين وايطالي وبرتغالي ومع انطلاق سير قطار الرابطة الاولى بدأ يلفظ في كل مرة احد المدربين، وكانت البداية مع الفرنسي باسكال جانان الذي جدد العهد مع الشبيبة القيروانية خلفا لخميس العبيدي املا ان تكون التجربة الثانية افضل من سابقاتها لكنه لم يصمد امام تيار النتائج السلبية ليترك مكانه لجلال القادري. ولم تشفع النتائج الطيبة التي حققها الفرنسي جيرار بوشار مع الملعب القابسي لتثبيت نفسه بل دفع فاتورة الجو العام المحيط بالفريق، فيما لم تطل اقامة البرتغالي جوزي ديموتا في عاصمة الجنوب نتيجة عدم اقتناع هيئة النادي الصفاقسي باضافته ليعوضه لسعد الدريدي. ورمى الفرنسي هيبار فيلود المنديل اثر انسحاب النجم الساحلي من نصف نهائي رابطة الابطال امام الاهلي. اما آخر الاسماء التي حزمت حقائب الرحيل فهو الايطالي ماركو سيموني بعد تجربة فاشلة على رأس الاطار الفني للنادي الافريقي واستنجدت هيئة فريق باب الجديد بالمدير الفني السابق بالجامعة التونسية لكرة القدم كمال القلصي لقيادة زملاء صابر خليفة في مباراة الاحد الماضي امام الملعب القابسي ورغم الفوز فإن القلصي اكد التركة الثقيلة للمدرب السابق وغياب الجاهزية البدنية للفريق، وفي كل الحالات فإن المدرب القادم للاحمر والابيض سيكون امام مهمة صعبة بدايتها الدربي وتتلاحق بعده المواعيد الهامة مع النادي الصفاقسي والنجم الساحلي وقد يدفع فاتورة اية عثرة ما لم يقتنع الجمهور ان فريقه في مرحلة انتقالية ووجب عدم الضغط عليه ومطالبته بنتائج ايجابية.

6 فرق تحافظ على استقرارها
امام الحركة الكبيرة لسوق المدربين رغم ان البطولة لم تطو بعد مرحلة الذهاب فإن 6 فرق فقط حافظت على ربان السفينة منذ بداية الموسم ويتعلق الامر بالترجي الرياضي الذي واصل ثقته في المدرب فوزي البنزرتي رغم الخروج من امجد الكؤوس الافريقية والجليد الذي بات يلف علاقته مع الجمهور. كما ثبّت الاتحاد المنستيري اسكندر القصري وهاهو يجني ثمار ذلك من خلال النتائج الايجابية. ويواصل محمد الكوكي قيادة الملعب التونسي ويحظى غازي الغرايري بثقة هيئة نجم المتلوي لمواصلة قيادة الفريق كما هو الشأن لعفوان الغربي مع أولمبيك مدنين ومنتصر الوحيشي الذي كان قريبا في بداية الموسم من مغادرة مستقبل قابس بسبب النتائج السلبية لكن هيئة غسان المرزوقي تمسكت به ولكن لا يُعرف ان كان سيواصل التجربة مع نادي عاصمة الحناء مع وجود اسمه على طاولة المرغوب فيهم من قبل الهيئة التسييرية للنادي الافريقي.

3 مدربين للشبيبة و«العكارة» وبن قردان
اقدمت 7 فرق على تغيير اطارها الفني ويبقى النصيب الاوفر لكل من الشبيبة القيروانية والترجي الجرجيسي واتحاد بن قران بثلاثة مدربين والرقم مرشح للزيادة...يذكر ان فريق عاصمة الاغالبة بدأ الموسم بخميس العبيدي الذي ترك مكانه للفرنسي باسكال جانان لكن هذا الاخير لم يصمد طويلا ليعوضه جلال القادري وهذا الاخير هدد بالانسحاب في ظل تواصل الاضرابات. على غرار الشبيبة، كانت انطلاقة ترجي جرجيس مع لسعد معمر ثم استنجدت الهيئة بنور الدين بورقيبة ومع ازمة النتائج ترك مكانه لمنير راشد للاشراف مؤقتا على الفريق. ولا تبدو وضعية اتحاد بن قردان أفضل فالبداية كانت مع حكيم عون ثم سفيان الحيدوسي واتى سمير السليمي لكن ازمة النتائج لا تزال تلقي بظلالها ولا يزال الفريق يبحث عن فوزه الاول بعد مرور 11 جولة.

وبدأ الملعب القابسي موسمه مع المدرب الفرنسي جيرار بوشار الذي خلف مراد العقبي بعد التحاقه بالاطار الفني للمنتخب. ورغم الحصيلة الطيبة التي جمعها الفرنسي بتحقيق 7 نقاط من اصل 12 ممكنة حصيلة انتصارين وتعادل وهزيمة امام النادي الصفاقسي فقد تمت القطيعة بين الطرفين ليس لاسباب فنية بل كان ذلك من تبعات الجو العام المحيط بالفريق والضبابية التي تخيم حول تأثير الرئيس الشرفي محمد العياشي العجرودي في اتخاذ القرارات ...وتم الاستنجاد بالمدرب ماهر الكنزاري الذي حقق انتصارا وتعادلين و3 هزائم والحصيلة السلبية لا يتحملها المدرب فقط فاللاعبون رفعوا راية الاضراب أكثر من مرة بسبب تأخر المستحقات المالية لما لا يقل عن 4 اشهر وزادت احداث الدربي الامور سوءا حيث تم ابعاد نائب الرئيس النوري موسى بسبب قضية التسجيلات وبدأت الانشقاقات تتسرب الى المكتب المسير ليعلن الكنزاري اثر مباراة جرجيس الانسحاب لكن بعد اجتماعه مع اهل القرار واصل المهمة لتكون هزيمة الاحد امام النادي الافريقي القطرة التي افاضت الكأس ورمى المدرب المنديل مرة أخرى معلنا ان قراره نهائي ولارجعة فيه.
ويمكن اعتبار النادي البنزرتي حالة خاصة فالفريق حصد نتائج ايجابية كانت تصب في خانة تثبيت المدرب لسعد الدريدي لكن هذا الاخير قرر الرحيل بعد العرض الذي تلقاه من النادي الصفاقسي ليضع هيئة فريق عاصمة القنال في موقف لا تحسد عليه لاختيار البديل فرمت الكرة في ملعب الجمهور من خلال استفتاء لاختيار المدرب فصوت الجمهور بالاغلبية لتثبيت المدرب المؤقت وليد بن ثابت.

رجال الانقاذ او المرحلة الانتقالية...
امام الالتزامات المتلاحقة للفرق وعدم وجود الوقت الكافي للتعاقد مع مدرب جديد في وقت قصير وامام الصعوبات العديدة التي باتت تواجهها جل الفرق من الناحية المالية، ترسّخت فكرة اللجوء الى «رجل الانقاذ» ومهمته قيادة الفريق وتامين المرحلة الانتقالية الى حين التعاقد مع مدرب جديد حينها قد يجد طريقه نحو باب الخروج لانتهاء «صلوحيته» أو قد ينال منصبا ضمن الاطار الفني على ضوء تصورات المدرب الجديد.

واستنجد النجم الساحلي بعد خروج الفرنسي هيبار فيلود على اثر الهزيمة الثقيلة للفريق ضد الاهلي المصري في نصف نهائي رابطة الابطال الافريقية بخدمات الحارس الدولي السابق للمنتخب علي بومنيجل وقيس الزواغي ليقودا فريق جوهرة الساحل في انتظار الحسم في هوية المدرب الجديد بعد استحالة الاتفاق مع الفرنسي روجي لومار.
وفرض ماراطون المباريات على هيئة النادي الافريقي اثر اقالة الايطالي ماركو سيموني تكليف المدير الفني كمال القلصي بقيادة الفريق بصفة مؤقتة خاصة مع تأخر الحسم في موضوع المدرب القادم حيث تشير الاصداء الواردة من حديقة منير القبايلي ان اختيار منتصر الوحيشي ليس محل إجماع من اعضاء الهيئة التسييرية للفريق.
ويمكن اعتبار منير راشد «سوبرمان» في الترجي الجرجيسي فكلما عانى الفريق من الفراغ الفني بعد القطيعة مع احد المدربين الا ويتم الاستنجاد براشد وكأنه قد كتب عليه ان يبقى في خانة المؤقت...

أبناء الدار ...المعادلة الصعبة
في الكرة التونسية هناك للأسف مبادئ مُسقطة فالمسؤولون يخشون التعاقد مع المدربين الشبان وخوفهم من ردود فعل الجمهور يدفعهم احيانا الى التعاقد مع اسماء اجنبية او اخرى محلية نالت حظها واكثر اما المدرب الشاب فهو بالنسبة اليهم «شرّ لابد منه» ولفترة وجيزة في انتظار الاتفاق مع اسماء اخرى ورغم ذلك هناك بعض الاستثناءات الجميلة فمحمد الكوكي مثلا عرف طريق النجاح والاضواء مع نجم المتلوي ثم انتقل الى الملعب التونسي ولسعد الدريدي كذلك حصد افضل النتائج في بداية الموسم الحالي مع النادي البنزرتي قبل ان ينتقل لتدريب النادي الصفاقسي.

في عاصمة القنال كما ذكرنا، غادر لسعد الدريدي «السي آبي» في حركة باغتت هيئة «السي آبي» ومع المسؤولية الكبيرة التي يقتضيها اختيار الربان الجديد رمت الكرة في ملعب الجمهور ليختار البديل من خلال استفتاء الكتروني قرر فيه الانصار تثبيت ابن الدار وليد بن ثابت في خطة المدرب الاول بعد أن قاد الفريق في مبارتين حقق خلالهما تعادلا مع الاتحاد المنستيري وفوزا مستحقا على النادي الافريقي.

وإذا منحت هيئة قرش الشمال ثقتها لهذا المدرب الشاب فهناك عديد الاسماء لا يتم الاستنجاد بها الا لفترة محددة وكانها غير جديرة بمنصب المدرب الاول ومن هذه العينة هناك سالم القضامي في شبيبة القيروان ومنير راشد في ترجي جرجيس والامر ينطبق كذلك على النجم الساحلي الذي اكد لجوءه الى المدرسة التدريبية الاجنبية...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115