قراءة قانونية لتنقيحات الجلسة العامة العادية لجامعة كرة القدم: صلاحيات جديدة للمكتب الجامعي ...وثغــــــــرات تفتح باب التأويل

تنعقد اليوم الجلسة العامة لنوادي كرة القدم المحترفة التي تنظمها الجامعة التونسية لكرة القدم بأحد نزل العاصمة وسيكون محورها عرض بعض التنقيحات للمجلة التأديبية والقوانين الرياضية لموسم (2017 - 2018) وعرض مشروع تنقيح بعض الفصول من القوانين العامة التي تخص كرة القدم المحترفة وبعض فصول كرة القدم المحترفة للمصادقة عليها.واختيار

موعد 13 اوت لها يومين فقط قبل ضربة بداية الموسم الجديد يطرح اكثر من سؤال خاصة ان جل الفرق منشغلة بوضع اللمسات الاخيرة على تحضيراتها وابرام صفقاتها.
تفاعلا مع ما صدر بـ«المغرب» في عدد الجمعة 11 أوت بشأن مشاريع القوانين المزمع عرضها للتنقيح على الأندية المنخرطة كان لنا اتصال مع ماهر الصمعي رجل القانون والكاتب العام السابق لنادي حمام الأنف لإبداء موقفه من بعض مشاريع القوانين والمزيد من التفاصيل ستكتشفونها فيما يلي:

غموض جديد في إصدار قرارات العفو
من أهم التنقيحات التي سيتم عرضها على التنقيح والمصادقة عليه ،الفصل 6 من القوانين العامة حيث تنص النسخة الجديد المزمع طرحها اليوم على امكانية إصدار قرارات بالعفو عند صدور عقوبة بمجرد تصويت الجلسة العامة على ذلك.
وفي هذا السياق يقول ماهر الصمعي الخبير في القانون الرياضي أنه: «من المعروف ان الجلسة العامة هي أعلى سلطة في الجامعة و لكن هذا التنقيح وفي هذا الوقت بالذات يطرح أكثر من سؤال. فهو مثلا لم يحدّد النسبة المستوجبة للتصويت على العفو ولم يذكر من يقترح العفو و هل هو تصويت بالأغلبية بالنسبة الى الحضور أم إلى عدد المنخرطين؟. الفصل المقترح غامض في هذا الخصوص وهو ما سيترك الأمور في يد المكتب الجامعي بما أنه المخول لتحديد جدول الأعمال في الجلسات العامة نقطة أخرى لا يمكن المرور عليها مرور الكرام ماذا لو كان قرار العفو الذي سيتم التصويت عليه يخص رئيس جمعية مثلا؟ مع واجب الزمالة و مبدأ «يوم ليك و يوم عليك» أعتقد أن التصويت سيكون بالأغلبية المطلقة في كل الحالات مع ترك حرية الاقتراح بيد المكتب الجامعي طبعا».

صلاحيات جديدة للمكتب الجامعي
يتفق المتابعون للشأن الرياضي أن المكتب الجامعي بقيادة رئيسه الحالي يتوصل خلال كل جلسة عامة الى مجال جديد لمزيد «التغوّل» واضافة صلاحيات جديدة له الى درجة بات فيها التخوف كبيرا من أن تسطّر الجامعة المجالات الضيقة التي يتحرك فيها كل ناد.والجميع يذكر أن الجلسة العامة الخارقة للعادة التي انعقدت في سبتمبر 2015 كانت فرصة ذهبية زاد فيه المكتب الجامعي صلاحياته فقد بات بإمكانه المصادقة على مطالب انخراط الأندية في الجامعة مع تزايد عددها كما نصّت التنقيحات على أن الجامعة باتت تملك صلاحيات القيام بتغييرات في مادة القوانين الرياضية ومجلة التأديب قبل أن يتم في مرحلة أخرى حذف الشرط التحكيمي المتعلق باللجوء الى محكمة التحكيم الرياضي (الكناس). في جلسة اليوم، من المنتظر أن يواصل المكتب الجامعي السير في هذا النهج حيث يؤكّد محدثنا أن: «الفصل 7 يتحدث عن كراس الشروط الخاص بالانخراط في الجامعة وهنا تم إخراج وزارة الرياضة و حذف صلاحية المصادقة على كراس الشروط بقرار وزاري وهو مخالف للقانون الأساسي عدد (95 - 11) المؤرخ في 6 فيفري 1995 في فصله11 (وليس جانفي وهو خطأ موجود في قوانين الجامعة منذ سنوات ولم يتفطن إليه احد...). بالتالي فالجامعة ستخرج من سلطة الرقابة المسبقة لمصالح وزارة شؤون الشباب والرياضة وستصبح لها الصلاحية المطلقة في تحرير كراس الشروط دون الحاجة لمصادقة سلطة الإشراف».
وما دمنا في سياق الحديث عن صلاحيات المكتب الجامعي نشير الى ان التنقيح الجديد سحب مراقبة تنظيم المباريات من المندوبين الذين يضبط قائمتهم وصلاحياتهم المكتب الجامعي وأسندها إلى سلك من الرسميين يتألف من: منسّق عام، ضابط أمن، متفقد الحكام، مراقب للمباراة ومنسّق إعلامي وهي قائمة يضبطها ويحددها المكتب الجامعي الذي يقوم بتعيينهم وتبقى له صلاحية تغييرهم.

الجامعة تعمق متاعب الاندية
من أهم الفصول التي سيتم تنقيحها نجد الفصل 59 المتعلق بالدرجات المطلوبة لتدريب الفرق حيث سيتم عرض تنقيح جدول درجة الشهادات للمدربين على التصويت بالترفيع فيها فعلى سبيل الذكر كان القانون سابقا ينص على ان كل مدرب فريق ينتمي للرابطة المحترفة الثانية يشترط أن يكون متحصلا على الدرجة «ب» فيما الفصل الجديد يشترط درجة «CAF – A» وهي نفس الدرجة المطلوبة لتدريب فريق بالرابطة المحترفة الأولى. ويرى ماهر الصمعي أن هذا سيزيد من تعقيد الأمور بالنسبة لفرق الرابطة المحترفة الثانية من الناحية المادية على وجه الخصوص فليس من السهل على أندية بامكانيات مالية محدودة التعاقد مع مدرب يملك شهادة التدريب «CAF – A». غير ان ذلك لا يمكن ان يحجب ايجابياته خاصة انه سيضمن الى حد ما الاستقرار الفني للمدربين الذين يحققون الصعود مع انديتهم من الرابطة الثانية إلى الرابطة الاولى. ولكن ستترك للوقت تحديد إن كان هذا التنقيح سيشجع المدربين على التدريب في تونس او خوض تجربة خارج الوطن امام الطلب المتزايد في دول الخليج على الكفاءات التدريبية التونسية وبعروض مالية مغرية.

ثغرة في الفصل 177
يشير الفصل 177 مكرر الى الحالة التي يتم فيها تسجيل غياب الفريقين معا عن المباراة. ويرى محدثنا أن ذلك يذكرنا بقضية مباريات رابطة الهواة (الرابطة الثالثة سابقا) والتي هي من أنظار «التاس» (المحكمة الرياضية الدولية) في هذا الوقت. وينص الاقتراح يقول أنه وإلى جانب العقوبات الرياضية سيتم تسليط عقوبة تأديبية على الفريقين متمثلة في خطية مالية رمزية: 500 دينار لفرق الرابطة الأولى و الثانية والثالثة، 200 دينار لبقية الرابطات و100 دينار لفرق الشبان. لكن الفصل لم يحدد ماهي العقوبات الرياضية. هل هي الهزم جزائيا (2 - 0)؟ يجب أن نذكر بأنه في صورة الهزم جزائيا تسلط عقوبة مالية تكميلية على الفريق المتغيب كما يجب عليه أن يدفع للفريق الذي حضر على الميدان جميع ما صرفه هذا الأخير في تنقله السابق وغير ذلك. ويستطرد الصمعي: «نستطيع أن نقول بأن الحديث عن عقوبة تأديبية متمثلة في 500 دينار تبقى غير مفهومة خاصة أن تغيب فريقين عن موعد المباراة قد لا يكون نتيجة اتفاق مسبق بينهما دائما او نتيجة لقرار جماعي بالإضراب كما هو الحال في قضية مباريات الرابطة الثالثة.

أي اثبات للمفاوضات ؟
في خصوص التنقيحات المقترحة و الخاصة بقوانين كرة القدم المحترفة يشير الفصل 31 إلى وجوبية اتصال هيئة الفريق الذي يعتزم انتداب لاعب محترف خلال الفترة المحمية (اي قبل 6 ستة أشهر من نهاية عقد اللاعب) بهيئة الفريق الذي ينتمي إليه اللاعب. وحذف التنقيح شرط «الأثر الكتابي» كوسيلة اتصال بين الناديين و ترك الباب مفتوحا أي وجوبية وجود اتصالات و محادثات لا غير. وهنا تساءل ماهر الصمعي هل سيتم اعتماد الاتصالات الشفوية او الاتصالات الهاتفية مثلا؟ خاصة ان ذلك سيثير إشكالا كبيرا من ناحية وسيلة إثبات وجود هذه الاتصالات من عدمها مستقبلا..
اما عن بقية الفصول المقترحة بصفة عامة فهي تتناول عدد الانتدابات و اثار و آجال فسخ العقد للاعب المحترف و تضمنت مثلا إمكانية تعويض 3 لاعبين من جملة الـ8 انتدابات في صورة فسخ عقدهم بالتراضي مع الجمعية المعنية في نفس الموسم. يعني سيصبح بإمكان كل جمعية محترفة انتداب 8 لاعبين مع إمكانية تعويض 3 في صورة فسخ العقد دون مشاكل. ويعتبر الكاتب العام السابق لنادي حمام الانف أن هذا المقترح جاء استجابة للدعوات التي نادت بضرورة الترفيع في عدد الانتدابات الممكنة في الموسم كما أنها جاءت للحد من العدد الهائل للقضايا التي يتم نشرها أمام لجنة النزاعات سنويا لعدم الخلاص خاصة.

لماذا تم إهمال وضعية اجانب الفرق النازلة ؟
يرى ماهر الصمعي ان بعض الاشكاليات كانت تستوجب ان تتم صياغة بعض التنقيحات في شأنها لعلّها ترفع بعض الغموض وتكفل حقوق الاندية فللأسف لم يتم الأخذ بعين الاعتبار في التنقيحات الجديدة وضعية عقود اللاعبين الاجانب في صورة نزول فريق من الرابطة الأولى الى الرابطة الثانية. «فهناك عديد الفرق انتدبت لاعبين بمبالغ طائلة لكن بمجرّد نزول الفريق الى الرابطة الثانية يصبح اللاعب في حل من كل ارتباط وكأنها عقوبة اضافية على نزول الفريق الى الدرجة الثانية».

ويستخلص محدثنـــــــــا ان التنقيحات التي سيتم عرضها اليوم في الجلسة العامة ستزيد من قوة وصلاحيات المكتب الجامعي لاسيما بحذف السلطة الرقابية لوزارة الرياضة لكراس الشروط، كما أنه يمنح - ظاهريا - سلطات جديدة للجلسة العامة التي بإمكانها إصدار قرارات عفو، ولكن في التطبيق هي صلاحية خاصة بالمكتب الجامعي الذي يسطر جدول الأعمال للجلسة العامة مسبقا. كما ان هذه التنقيحات لم تعط حلا واضحا في صورة تغيب فريقين معا عن لعب المباراة وبقيت العقوبة الرياضية غامضة في هذا الشأن وقابلة للتأويل. أما عن الوضعية القانونية للاعب المحترف نلاحظ أن التنقيحات حاولت هذه المرة حماية حقوق الجمعيات و ذلك بتمكينها من التدارك لثلاث مرات خلال الموسم بفسخ عقود لاعبين و تعويضهم. لكن القاسم المشترك في أغلب الفصول يبقى أنها لاتزال تفتح بابا للتاويل وتترك المجال مفتوحا للثغرات، وهنا يأتي دور فقه قضاء لجان فض النزاعات بالجامعة التي عليها أن تفسر وتحدد المفاهيم والحالات بكل وضوح. على سبيل المثال عليها ان تحدد لنا مفهوم المحادثات بين هيئة فريق يرغب في انتداب لاعب وهيئة أخرى و متى نستطيع الجزم بوجودها خاصة بعد حذف شرط أن تكون محادثات «كتابية» بين الهيئتين.

وختم الصمعي مداخلته أن أكبر معضلة تتمثل في عدم تمكن رؤساء الجمعيات من المادة القانونية وهم من لهم صلاحية التصويت» رأينا ذلك عندما تم مثلا التصويت بالإجماع تقريبا على قرار حذف الكناس واليوم بات الندم جليا بعد ان فهم الجميع أن ما صوتوا عليه ليس في صالحهم لما يتطلبه من إجراءات معقدة ووقت وأموال طائلة بالخصوص. ويبقى التساؤل أخيرا عن حظ كرة القدم النسائية وكرة القدم داخل القاعات التي لم نلاحظ في شأنها نصوصا او تنقيحات بهدف النهوض بهما والحال أنها لا تزال مهمشة في تونس ولكنها رياضات اولمبية وتتطور بسرعة في العالم».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115