بعد أن منحت مؤسسة «بريل» الهولندية حقوق الترجمة لتونس: مشروع ترجمة «موسوعة الإسلام» سيستغرق 30 سنة لإنجازه...

في فرصة ثمينة، منحت مؤسسة» بريل» الهولندية لتونس حقوق ترجمة «موسوعة الإسلام» أو ما يعرف بـ«دائرة المعارف الإسلامية» إلى تونس ليتم إسناد مهمة ترجمة هذه الموسوعة الضخمة إلى معهد تونس للترجمة (المركز الوطني للترجمة سابقا) قصد إعداد النسخة العربية لهذا الأثر المرجعي

في الحضارة الإسلامية. وبعد تفضيل مؤسسة «بريل» لمعهد تونس على مؤسسات عربية تفوقه في الطاقات البشرية والمالية بأضعاف كبيرة إلى أين وصل مشروع ترجمة موسوعة الإسلام؟ وماذا وراء تصريح الجهات المسؤولة بأن مدة إنهاء المشروع ستستغرق 30 سنة؟ وماذا عن الموارد المالية والبشرية المرصودة لترجمة موسوعة الإسلام؟

تُعرّف «موسوعة الإسلام» أو «دائرة المعارف الإسلامية» بأنها «موسوعة أكاديمية تعنى بكل ما يتّصل بالحضارة الإسلامية، سواء من الناحية الدينية أو الثقافية أو العلمية أو الأدبية أو السياسية أو الجغرافية على امتداد العصور، بما في ذلك العصر السابق للإسلام. وقد تم إصدارها في طبعتين، الأولى بين 1913 و1938، والثانية ما بين 1954 و2005، ويتم إصدارها من قبل شركة بريل الهولندية. وقد ظهرت هذه الموسوعة بأكثر من لغة، أما بالنسبة للعربية فقد تمّ تعريب بعض أجزائها وتنقيحها وصدرت في مصر في الستينات وأعيد طبعها بالشارقة عام.1998»

تعطل المشروع في عهد الوزيرة «لطيفة الأخضر»
بتاريخ 15 ماي 2013 تم إبرام اتفاق بين «معهد تونس للترجمة» (المركز الوطني للترجمة بتونس) سابقا، ومؤسّسة» بريل» الهولانديّة على ترجمة «موسوعة الإسلام»التي تحتل « مرتبة المرجع الأساسي في مجال الدراسات الإسلامية الأكاديمية المختصة في شتّى المجالات والعلوم ... وقد تم الشروع في الطبعة الثانية لـ»موسوعة الإسلام» سنة 1954 واكتملت سنة 2005 حيث تضمنت اثني عشر جزءا متبوعا بالعديد من الفهارس التي تم نشرها إلى حدود سنة 2007 باللغتين الفرنسية والانقليزية حيث توفرت منذ سنة 1991 في نسخة الكترونية عبر الواب وفي شكل قرص مضغوط أيضا، وتتميز الطبعة الثانية مقارنة بالطبعة الأولى بثرائها من حيث المحتوى وتضمنها لمساهمات علماء مسلمين.
وأما بالنسبة إلى الإصدار الثالث (الذي انطلق الاشتغال عليه سنة 2007) من هذه الموسوعة فهو متوفر على الانترنت ويتضمن تغطية شاملة للإسلام خلال القرن العشرين مع التوسع جغرافيا ليشمل جميع المناطق المتميزة بانتشار الإسلام حيث تم التركيز على العلوم الاجتماعية والمنظور الإنساني والأقليات المسلمة في مختلف أنحاء العالم.

وإن تحصل «معهد تونس للترجمة» على حقوق ترجمة «دائرة المعارف الإسلامية» إلى اللغة العربية من طرف مؤسسة «بريل» فإن هذا المشروع الضخم كان عرضة للتوقف لفترة من الزمن في عهد وزيرة الثقافة السابقة لطيفة الأخضر ...وقد أفاد مدير معهد تونس للترجمة «خالد الوغلاني» في تصريح لـ»المغرب» بأنّ «هذا التعطيل ناجم عن تخوّف الوزيرة من مدى جدية المشروع قبل أن تعلن بعدها موافقتها على استئنافه ...»

مختصر الموسوعة في 2018 والترجمة الكاملة بعد 30 سنة
لئن أفاد مدير معهد تونس للترجمة «خالد الوغلاني» بأن ترجمة مختصر موسوعة الإسلام الذي تقدم فيه المعهد أشواطا كبيرة سيكون جاهزا مع حلول سنة 2018 ، فإنه لم يستبعد أن تستغرق ترجمة الموسوعة كاملة حوالي 30 سنة من الزمن .
وردا عن سؤال «المغرب» حول أسباب استغراق ترجمة «دائرة المعارف الإسلامية» كل هذه المدة الطويلة من السنوات ،أجاب مدير معهد تونس للترجمة بما يلي :» إن المشروع يتقدم بخطى ثابتة... ولا شك أن ترجمة موسوعة الإسلام التي تتضمن 13 مجلدا من الحجم الكبير أي بمعدل 6 آلاف صفحة للمجلد الواحد ليست بالأمر اليسير بل من الطبيعي أن تستغرق وقتا طويلا قد يمتد إلى 30 سنة خصوصا أن وضع هذه الموسوعة استغرق 100 سنة كاملة.كما إن ترجمة محتوى هذه الموسوعة الهامة يتطلب تدقيقا لغويا كبيرا وتثبّتا علميا صارما إذ أن هذه الترجمة العلمية تتطلب إلى جانب القدرة على الترجمة الصحيحة إدراكا لمقاصد المصطلحات وقدرة على وضع النصوص في سياقها ولهذا فالعملية تتطلب مترجمين مختصين أو لهم دراية بمجال المقالات التي بين أيديهم على غرار الفقه والفلسفة والجغرافيا والتاريخ...»

وفي السياق ذاته، أشار مدير معهد تونس للترجمة أن امتداد آجال ترجمة موسوعة الإسلام على 30 سنة لا تعود أسبابه إلى تواضع الموارد البشرية والمالية بل إلى ضخامة هذه الموسوعة وتعدد مجلداتها ... مضيفا :«في تونس لدينا كفاءات وطاقات وطنية مشهود لها في مجال الترجمة ستتولى السهر على إكمال ترجمة مقالات موسوعة الإسلام في انتظار تعزيز الفريق بمترجمين آخرين من مؤسسات مختصة في عدد من الأقطار العربية.أما على المستوى المالي، فطبعا يتطلب مشروع ترجمة موسوعة الإسلام أموالا هائلة وميزانية كبيرة وإن سنعتمد على مواردنا الذاتية في الفترة الأولى فإننا نرجو دعم هذا المشروع من السلطات والأطراف المعنية إلى حين الاستفادة من العائدات الهامة التي سيجنيها هذا المشروع بعد صدور أجزائه الأولى والتي ستمكن من الإيفاء بتكاليف إكمال بقية المجلدات في مرحلة قادمة...»

في ترجمة «موسوعة الإسلام» نجاح وإشعاع لتونس
بعد أن اختارت مؤسسة»بريل» تونس لترجمة موسوعة الإسلام إلى اللغة العربية، لم يخف مدير معهد تونس للترجمة «خالد الوغلاني» ابتهاجه بالأبعاد العلمية والثقافية والحضارية لهذا المشروع معتبرا أن ترجمة هذا المرجع المهم في مجالات البحوث الأكاديمية ستقدم خدمة جليلة لمراكز البحث والجامعات والمعاهد في كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي بل وحتى في بعض الجامعات التي تدرّس الآداب والحضارة العربية في أوروبا وأمريكا في عصر تراجعت فيه مكانة اللغة العربية وفي وقت يحتاج فيه المسلمون إلى رؤية مغايرة إلى تراثهم وتاريخهم في عصر يهدّد فيه الانغلاق الفكري بهدم كل المكتسبات المعرفية والتكنولوجية.
كما أضاف مدير معهد تونس للترجمة أن «إنجاز هذا العمل العلمي الهام سيمكن المعهد من المنافسة على أكبر الجوائز العالمية في الترجمة مما قد يمكّن المعهد من مداخيل كبرى تساعده على مزيد النمو، مع العلم أنّ المعهد قد سبق له أن نال جوائز عالمية كبرى عن كتب وموسوعات أقل أهمية وحجما من هذا المشروع الضخم.مما سيمنح تونس الإشعاع والاعتراف بسمعة مترجميها ...»

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115