المخرج المسرحي محمد السايح عويشاوي لـ المغرب: المسرح من أهم أدوات مقاومة الإرهاب ومقاومة من يحركه من بعيد أو من قريب

يعتبر مخرج عمل «انتصاب فوضوي»، أنّ مسرحيته تعكس الوضع العام الّذي آلت إليه البلاد في ظل خصومات سياسية وإيديولوجية بين أطراف متناقضة في مشاريعها ورؤاها وأهدافها، كما تطرح المسرحية بشكل كاريكاتوري علاقة النخبة بالعامة بعد الثورة من خلال شخصية العامل البسيط الساذج

الّذي يكشف عجز السياسي المثقف وفشله في تأليف كتابه عن الحرية، ورأى أنّ المسرح في أصله ومن حيث المبدأ هو مقاوم للإرهاب وللظلامية منذ نشأته في بلاد الإغريق.. «المغرب» حاورته عن مسرحيته، وعن قطاع المسرح في تونس وعن الإرهاب والثقافة..

• هلا تقدم لنا عملك قبل عرضه الأول؟
«انتصاب فوضوي» عمل مسرحي جديد لشركة غسق للانتاج بدعم من وزارة الثقافة.درامتورجيا و اخراج محمد السايح عويشاوي عن نص «المهاجران»لسلافومير مروجاك.تمثيل كل من يسر عياد،نورالدين مهذب وماهر محمد المحظي.سينوغرافيا منير السميعي، اضاءة زياد غنانية،موسيقى نجيب زرقاني، مكياج وملابس مريم ادريس، ديكور الصادق القيزاني.
وتدور الأحداث في قبو عمارة مأهولة بالسكان في أحد الأحياء الراقية بالعاصمة ليلة رأس السنة الميلادية، بين شخصيتين احدهما نقيض الآخر: مثقف سياسي يائس، وعامل بسيط يعمل في مهنة شاقة. الأحداث تنمو وتتطور انطلاقا من عوامل خارجية متعلقة بطبيعة الفضاء (تحت و فوق) بهدف تعميق الهوة بين العالم الفوقي الذي يعيش في رغد مبتهجا ومنتشيا، وهو يستقبل عاما جديدا والعالم السفلي الذي يجتر معاناته وبؤسه ويتخبط في أحلامه وأوهامه.

• «انتصاب فوضوي»: ما هي القضايا المطروحة. في هذا العمل؟
تتنزل مسرحية»انتصاب فوضوي «في سياق رؤية خاصة لتونس مابعد14 جانفي في علاقة بفشل النخبة السياسية والنخبة المثقفة في بلورة مشروع واضح ،يخرج البلاد من حالة الانتصاب الفوضوي الذي تتخبط فيه على جميع الأصعدة والذي لايمكن أن نتكهن بنتائجه خاصة أننا لسنا بمعزل عن الوضع الإقليمي والدولي المتأزم والمتحرك والمتفجر. فالمسرحية تطرح بشكل كاريكاتوري علاقة النخبة بالعامة بعد الثورة من خلال شخصية العامل البسيط الساذج الّذي يكشف عجز السياسي المثقف وفشله في تأليف كتابه عن الحرية، وعن فعل أي شيء باستثناء فضحه وإظهار تخلفه ومحاولة جعله موضوعا لكتابه وطموحاته وأحلامه.

• هل في «انتصاب فوضوي» إيحاءات لراهن البلاد؟
طبعا المسرحية تطرح ولو بشكل رمزي إيحائي واقع البلاد فهي تعكس الوضع العام الّذي آلت اليه البلاد في ظل خصومات سياسية وإيديولوجية بين أطراف متناقضة في مشاريعها ورؤاها وأهدافها، ساهمت بشكل كبير في تنامي وانتصاب ظاهرة الإرهاب والتطرف والعنف خاصة في غياب التنمية والعدالة الاجتماعية.

• كيف ترى دور المسرح في مقاومة الإرهاب بعيدا عن الشعارات ؟
الفن المسرحي هو من بين أهم أدوات مقاومة الإرهاب والتصدي الحقيقي للعنف وللقوى الظلامية الارهابية ومن يحركها من بعيد أو من قريب ولكن لايمكن أن يتحقق ذلك إلا اذا ما أتيحت له ظروف انتاج وتوزيع مناسبة حتى يكون أكثر فاعلية .وبكل صراحة وبعيدا عن الشعارات أرى أن المسرح اليوم في تونس غير قادر على لعب هذا الدور بشكل فعاّل ليس لان الاعمال المسرحية غير متطورة فنيا وجماليا وانما أولا لأسباب تنظيمية وهيكلية بالأساس وثانيا والأهم حسب اعتقادي هو غياب الإرادة السياسية المؤمنة فعلا بدور المسرح خاصة والثقافة عموما في بناء انسان سوي و متوازن يقبل الآخر و يتعايش معه وينبذ العنف والكراهية والتطرف والغلو ويؤمن بالدولة المدنية التي تحترم الحريات وتكرس قيم العدل والمساواة وتضمن حقوق الأقليات.والملامح العامة للشخصية وميولاتها المستقبلية تتحدد و تبنى منذ السنوات الأولى لحياة الانسان لذلك على الدولة أن تقوم بتشييد المسارح في كل المدارس والمعاهد ان كانت تؤمن فعلا بالمسرح كأداة لمقاومة الارهاب والتطرف بأنواعه

هل تعتقد ان المسرح التونسي ملتزم بمحاربة التطرّف ويسعى للقضاء على منابعه؟
المسرح في أصله ومن حيث المبدأ هو مقاوم للارهاب وللظلامية منذ نشأته في بلاد الأغريق ، المسرح هو دعوة للفعل ،هو دعوة للحلم والأمل،هو دعوة للحياة،للحرية للتحرر و الانعتاق .لذلك أعتقد أن كل عمل مسرحي يولد مهما كانت توجهاته الفنية وأسسه الجمالية هو مقاومة للارهاب وللتطرف ...مشكل المسرح في تونس ليس في المضمون وانما في كيفية ايصاله الى الجمهور في ظل غياب استرتيجيا واضحة لسلطة الاشراف والمسؤولين على القطاع حتى يكون للمسرح جدوى وفاعلية.

• كيف ترى عمل وزارة الثقافة لدفع قطاع المسرح ؟
رغم ما تبذله وزارة الاشراف من مجهودات من خلال اسناد بعض المنح للمساعدة على الانتاج و من خلال اقتناء بعض العروض وتوزيعها في الجهات الاّ أن المسرح يعيش حالة من التهميش خاصة فيما يتعلق بالفضاءات ،فالمبدع في أغلب الأحيان لا يجد فضاء لانجاز وتحقيق مشروعه المسرحي. فأغلب دور الثقافة وان وجدت ــ خاصة في المناطق التي همشت و مازالت الى الآن ــ كذلك تفتقر الى أبسط الامكانيات والمواصفات لاحتضان العروض المسرحية ،وتقديمها في ظروف ملائمة تحافظ على أسس ومقومات العمل الفني .

• مسرحية «انتصاب فوضوي» في أسطر
إنتصاب فوضوي... نص مسرحي كتب باللهجة العامية التونسية كتب بلغة ساخرة هزلية يميل الى الكوميديا السوداء. كتب هذا النص انطلاقا من نص ‘’المهاجران’’ للكاتب المسرحي البولوني ‘’سلافوميرميروجاك». مع العلم أننا لم نتقيد فعليا بالبنية الدرامية للنص الاصلي فقد تصرفنا في النص بالحذف او بالزيادة. ويطرح النص الاصلي مسالة اساءة استعمال السلطة وكذلك القيود المفروضة على حرية الانسان خاصة في ظل الانظمة السياسية الشمولية.ويتنزل النص الجديد»انتصاب فوضوي «في سياق رؤية خاصة لتونس مابعد14 جانفي في علاقة بفشل النخبة السياسية والنخبة المثقفة في بلورة مشروع واضح،يخرج البلاد من حالة الانتصاب الفوضوي الذي تتخبط فيه على جميع الاصعدة والذي لايمكن أن نتكهن بنتائجه خاصة أننا لسنا بمعزل عن الوضع الاقليمي والدولي المتأزم والمتحرك والمتفجر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115