ويضيف المزغني في مقدمته:» .. الظاهر أن نجيبة الهمامي قد حسمت أمرها، وكانت منجذبة إلى فنّ السرد من خلال رغبتها في الاطلاع على المنجزات الروائية. وكانت تكتب نصوصا ذات أجواء قريبة جدا من الفيض الروائي، وكان الحديث يدور- طويلا- بيننا على مستوى بناء النصّ عند الرغبة في القصّ، ولكنّ الزمن السياسيّ في العشرية الأولى من هذا القرن في تونس، لم يكنْ يسمح بنشر ما كانت تكتبه»، ويضيف المزغني: «هذه القصص التي تضمّها هذه المجموعة القصصية البكر ذات مناخات متحوّلة، والخيط الناظم لها هو أنها متنقلة بين ريف ومدينة، وبين عهديْن من عهود تونس الجديدة بعد ما عرفت تونس تحولات جعلت كل شيء غريب مريب يتحول إلى (عادي) normal. وتخترق هذه القصص تفاصيل من أجواء الريف المهمل، والمدينة المنتصبة في فوضى العلاقات السريعة، حيث تكون البطولة للفوضى مثل البحث في تفاصيل العلاقة بين الرجل والمرأة، أو في فحولة مخصيّة، أو عن عدالة مستحيلة في مجتمع يشعر فيه البطل بأنّه يخوض في السراب، مع إشارات إلى عادات وتقاليد توثّقها الكاتبة القاصة، وتوظّفها جماليا بما يخدم نموّ النص السردي مع حرص خاص على تقديم صورة بلا رتوش لمجتمع بدأ يتعرّف على نفسه، وعلى ما تقدر عليه المرأة من بطولات لا يتجرّأ عليها الرجال، والجرأة تُحْسَبُ لهذه القاصة الواعدة».
وفي تصريح لـ»المغرب» قالت الكاتبة نجيبة الهمامي عن مجموعتها: «في مجموعة «ليلة رأس ميدوزا»، بدأ الأمر عفويا ثم صار خيارا بأن يكون محور نصوصها أساسا هو المرأة، بل كانت عناوين بعض النصوص حاملة لاسم الشخصية القصصية مثل «يوم فرح» و»أنف الجبهة» و»مريم.نت»...الخ. ربما يكون ذلك لامتلائي بتفاصيل المرأة وخصوصياتها، وأيضا لأنها لم تطرح كما يجب حسب رأيي، فلطالما كانت المرأة موضوع كتابة وليست فاعلها، حيث أن الكثير من الكُتّاب حاولوا الكتابة بصوت المرأة وحولها بل ودافعوا عنها، ولكن من وجهة نظرهم. مع «ليلة رأس ميدوزا» تقدم المرأة/ الشخصية كما هي فعلا لا كما يراد لها ان تكون، تبوح بما تريد البوح به وتتكلم بلغتها دون تردد أو خوف، يعني تكون هي الفاعل الأساسي والمتحكم في خط السرد حتى وإن بدت غير ذلك..كما أن اختلاف الأطر المكانية للشخصيات والوضعيات الاجتماعية والمستويات العلمية، كل هذه الاختلافات مجتمعة ساهمت في تقديم «نساء» مختلفات الأوجه متحدات في قوة الشخصية واتخاذ القرار بالرغم من الانكسارات النفسية، متّفقات على تأزم العلاقة بينهن وبين المحيط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي».