تاريخ المعالم الدينية: مسجد حمودة باشا

جامع حمودة باشا في تونس العاصمة. وكان يعرف بجامع بن عروس وذلك لقربه من ضريح هذا الرجل الوارع والتقي.

هو جامع بناه حمودة باشا المرادي باي تونس عام 1655 م وتم ترتيبه كمعلم تاريخي في 13 مارس 1912م. دامت مدة حكم حمودة زمنا طويلا يقارب الخمس والثلاثين سنة، وهي مدة طويلة نسبيا سمحت له بأن يؤسس العديد من المعالم الدينية والمدنية ، من أهمها الجامع الذي اشتهر باسمه والواقع في مكان التقاء نهج سيدي بن عروس بنهج القصبة.

تلاصق زاوية الولي الصالح سيدي بن عروس تربة حمودة باشا وربما كان ذلك من بين الأسباب التي تفسر اختيار المؤسس لموقع جامعه، علاوة عن ذلك فإن المعلم محاط بالأسواق ويقع بالقرب من دار حمودة باشا نفسه. لكن أهم الأسباب على الإطلاق هو قرب جامع حمودة باشا من جامع الزيتونة المعمور، إذ لا يفصل بينهما إلا بضعة أمتار، وهو ناتج عن إرادة الحكام الجدد المتبعين للمذهب الحنفي نشر مذهبهم بين العامة، وكانوا يعتبرون أن الحل الوحيد لنشر الحنفية هو إنشاء جوامع ومدارس تحبس على مذهبهم، وبما أن الزيتونة مثلت على مر التاريخ معقل العلماء والشيوخ المالكية، فإن إنشاء جامع قريب منهم يحبس على المذهب الحنفي كان يشكل في نظرهم أهم الطرق لدعم وجودهم المذهبي والسياسي على حد سواء.

دفن حمودة باشا بتربته التي بناها لنفسه بجامعه والتي تم ترميمها في 16 نوفمبر 1928. تشابه في شكلها وفي زخرفتها تربة يوسف داي. نجد بهذه التربة قبور مراد الأول مؤسس الدولة والمتوفى سنة 1041هـ/1631م ثم بجانبه يوجد قبر حمودة باشا (1076هـ/1666م) إضافة إلى أبنائه الثلاثة مراد الثاني المتوفى سنة 1086هـ/1675م ومحمد الحفصي (1097هـ/1686م) وكذلك حسن، كما دفن بالتربة أبناء مراد الثاني الذين نذكر من بينهم محمد بأي صاحب جامع سيدي محرز المتوفى سنة 1108هـ/1696م.

يذكر محمد بيرم الرابع في رسالة الخطباء والأيمة الحنفية أن الانتهاء من أشغال الجامع كان في شهر رمضان 1066هـ/1655م، ويستفاد من وثيقة الأرشيف أن الأوقاف التي حبسها المؤسس على جامعه تمت في سنة 1068هـ/1657م بشهادة الفقيهين أبي العباس أحمد لفلوف وأول خطيب بالجامع المفتي محمد الأنصاري. اشتهر هذا الجامع كبعض المعالم الدينية الأخرى خصوصا منها جامع صاحب الطابع وجامع سيدي محرز وزاويته وزاوية سيدي إبراهيم الرياحي باحتوائه على عقد قرآن أهالي تونس.

من أهم ما يمكن ملاحظته بالجامع هو تأثر هندسته بنمط يوسف داي، أي النمط التركي. يشتهر الجامع بصومعته المثمنة المتواجدة في الركن الشمالي الغربي للجامع. اختلف المؤرخون في مصدر هذا النمط من الصومعات، فأغلبهم يرون أنها من تأثير عثماني بينما يرى البعض الآخر أنها من تأثير أندلسي ويستدل الأستاذ «ايبالزا» على ذلك بتواجد صومعة بالمرية تشابه نوعا ما هذا النمط من الصومعات التونسية. لكن الشيء المؤكد أن المآذن المثمنة الشكل قد وجدت بتركيا وكذلك بمصر وبلاد الشام. بناء على ذلك، فإنه من الممكن جدا أن مآذن تونس المؤسسة خلال الفترة العثمانية تأثرت بصفة مباشرة بالمآذن المثمنة الشكل الموجودة خلال القرن 8ه/14م ببعض المدن السورية وخاصة منها حلب. يتم الدخول إلى الجامع عن طريق أربعة أبواب، اثنان يفتحان على نهج سيدي بن عروس وثالث يفتح على نهج القصبة، أما الرابع فهو يفتح على نهج سوق البلاغجية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115