الحصاد الثقافي 2022: تأرجح بين الأسود والأبيض

في وداع سنة واستقبال أخرى، قد تحتاج الذاكرة الثقافية إلى توثيق بعض أحداثها البارزة على امتداد دورة الفصول. وقد شهد فيها المشهد الثقافي

بدوره الشتاء والخريف والربيع لتكون الحصيلة حزمة من المحطات جاء بعضها كقبس من نور وكان بعضها الآخر نقاطا سوداء للنسيان.
لعل أهم ما ميز سنة 2022 التخلص من شبح «كورونا» وما فرضته من اجراءات استثنائية، لتعود الحياة بكل حيويتها إلى قاعات العروض والمهرجانات والشوارع ...
الأمن يعبث بأمن المهرجانات الصيفية !
طغت أخبار الفوضى والعنف على بعض المهرجانات الصيفية التي تحوّل ركحها من منبر للفن إلى حلبة صراع وكر وفر بين الجمهور والفنان، الفنان والأمن، الجمهور والأمن في زمن اختلاط النابل بالحابل واستسهال الإبداع الفني عند كل من دب وهب.
لم يكن شيخ المهرجانات التونسية بمعزل عن التوتر بين إدارة المهرجان ورجال الأمن، حيث أعلن مدير مهرجان طبرقة الدولي وجيه الهلالي عن استقالته بسبب «تعرضه إلى الاعتداء بالعنف اللفظي والمادي من طرف أعوان الأمن المكلفين بتأمين الباب الرئيسي للمسرح عند تصديه لدخول الجماهير مجانا». ومن طبرقة إلى المنستير عبرت جمعية مهرجان المنستير الدولي في بيان لها عن استيائها الشديد بسبب الاعتداء على رئيسها و وأمين مالها أثناء عرض الفنان «جنجون» من قبل أطراف أمنية.
وعلى هامش عرض «الزيارة» على ركح مهرجان قرطاج الدولي حدثت مناوشات بين الفنان سامي اللجمي ورجال الأمن. وفي المنستير تم إلغاء عرض «حسين في بيكين» لمقداد السهيلي بدعوى إساءته للزعيم حبيب بورقيبة في تصريح إعلامي سابق.
ويمكن اعتبار ما حدث في مهرجان صفاقس الدولي الواقعة الأخطر في صائفة 2022. وفي مشهد مريع، تحوّل «وان مان شو» لطفي العبدلي إلى سهرة عنف وتلاسن بين الفنان والأمن أولا ، ثم الأمن والجمهور ثانيا... وقد نصبّت بعض النقابات الأمنية نفسها وصية على ذوق الجمهور وعروض الفنانين متوعدة بأنها: «ستنسحب من أي عرض فني يمس من الذوق العام وسترفض تأمينه ولن تقبل أن نكون طرفا في أي جريمة أخلاقية».
فاضل الجزيري يفتتح مركبا ثقافيا ضخما في جربة
في السينما والمسرح وشتى الفنون والإبداعات شهدت تونس نجاحات وتتويجات وطنية ودولية كما هو الشأن في كل سنة. وقد كان الحدث في سنة 2022 إقدام الفنان فاضل الجزيري على افتتاح فضائه الثقافي الخاص «مركز الفنون جربة» في جزيرة الأحلام جربة بميزانية تقدر بحوالي 30 مليون دينار. ويضمّ هذا المركب الثقافي مسرحا للهواء الطلق يطلّ على البحر ويتسع لأكثر من 3000 متفرّج. يمتدّ «مركز الفنون جربة»على مساحة 7 آلاف متر مربّع ويضم حديقة تنسجم مع الغطاء النباتي الموجود بالمنطقة. ويشمل المركب فضاءات مُخصصة للابتكارات الفنية مثل القاعة الكبرى للتمارين تقدر مساحتها بـ 1000 متر مربع، وقاعة للتسجيل، وأخرى للرقص، وثالثة للمسرح. وقد خصّص المركز فضاءات للإقامات الفنية الملهمة والمريحة.
الهريسة في التراث العالمي
أقرّت اللجنة الدولية الحكومية لليونسكو، في دورتها 17 المنعقدة بالمغرب بمدينة الرباط في ديسمبر 2022، تسجيل عنصر «الهريسة: المعارف والمهارات والممارسات المطبخيّة والاجتماعيّة» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
ويسلّط الملفّ الضوء على «الهريسة» بوصفها ذاكرة حيّة تتجسّد في جملة من المعارف والمهارات التقليدية والفنون والعادات المطبخية والغذائية ويبرز ما تحيل عليه من قيم ذوقية واجتماعية ورمزيّة، فضلا عمّا تنطوي عليه من تنوّع وإبداع يتجلّيان في ثراء الأساليب التقنية لإعدادها واستخداماتها حسب التقاليد المحلية والجهوية، وما تشهده من تجديد مستمرّ يرسّخ دورها في المجتمع.
انتظارات لم تتحقق
هي حزمة من الملفات التي تنطوي على احتياجات ومطالب طال انتظارها من أجل نفض الغبار عن كساد بعض المؤسسات أو القطاعات... وعلى رأسها ملف المسرح الوطني وعدم التوصل إلى تعيين مدير عام لهذه المؤسسة التي تمثل واجهة المسرح التونسي. وفي سابقة من نوعها في تاريخ المسرح الوطني أعلنت وزارة الشؤون الثقافية في سنة 2020 عن تسمية مدير عام على أساس ملف ترشح وليس قرار تعيين مباشر. ومرت سنة 2022 دون العثور على «المدير المنتظر» سيما وقد أعلنت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي عن فتح باب الترشح إلى خطة مدير عام المسرح الوطني «نظرا لعدم استيفاء الشروط لدى المترشحين في البلاغ السابق نشره بتاريخ 29 جوان2020». وبالرغم من انقضاء الآجال في شهر سبتمبر المنقضي لا يزال المسرح الوطني بلا مدير!
ولئن احتجب معرض تونس الدولي للكتاب سنة 2022 بسبب عودته إلى موعده الأصلي في شهر أفريل بقصر المعارض بالكرم، فقد تعذر تنظيم المعرض الوطني للكتاب التونسي وكان من المنتظر أن تنتظم الدورة الرابعة من المعرض الوطني للكتاب التونسي من 13 إلى 23 أكتوبر المنقضي إلا أن الوزارة أعلنت عن تأجيل هذا الموعد إلى شهر ديسمبر 2022، ثم عادت لتعلن عن شهر فيفري 2023 موعدا جديدا للمعرض.
في الوقت الذي تتمسك فيه التظاهرات الكبرى بمواعيدها وباستمرارها على غرار أيام قرطاج المسرحية والسينمائية والموسيقية والكوريغرافية ... غابت أيام قرطاج الشعرية عن المشهد وهي التي اكتفت منذ تأسيسها سنة 2018 بدورتين فقط. وقد كان هذا الاحتجاب بسبب جائحة كورونا التي تواصل تأثيرها على هذا المهرجان ليتم إلغاء الدورة الثالثة التي كانت مبرمجة من 21 إلى 28 مارس 2022. فهل سيعود الشعر إلى قرطاج في سنة 2023؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115