المخرج المغربي محمد الحرّ لـ«المغرب»: التتويج الرباعي في أيام قرطاج المسرحية كان مفاجأتنا الكبرى

في قطف زهرة من بستان والأخذ من كل فن بطرف يرسم محمد الحرّ مسرحياته بريشة الرسام ويكتبها بقلم الروائي ويسردها بعين السينمائي لتؤلف لوحة فنية مدهشة على ركح «أب الفنون».

تتمحور فلسفة محمد الحرّ الفنية حول إبداع مسرح حر يتمرد على حدود اللغات والجنسيات والهويات ليلامس الإنسان في كل زمان ومكان.
• هي ليست المرة الأولى التي تنال فيها التتويج في تونس، فماذا يعني لك الفوز بأربعة جوائز في أيام قرطاج المسرحية عن مسرحيتك «حدائق الأسرار»؟ وهل كنت تتوقع جائزة أفضل عمل متكامل؟
سبق وأن عرضنا مسرحية «صولو» عن رواية «ليلة القدر» للطاهر بن جلّون ومسرحية «سماء أخرى» في تصرف حر عن «يرما» لفيديريكو غارسيا لوركا... وفي الحقيقة اشتغلنا على مسرحية «حدائق الأسرار» بكثير من الشغف والفن والحب.. وكنا نتوّقع الحصول على إحدى جوائز الدورة 23 لأيام قرطاج المسرحية. لكن لم يكن من الممكن التكهن بالحصول على الجائزة الكبرى سيما وأنّ المنافسة تكون على أشدها بين الأعمال المرشحة للمسابقة الرسمية. وشخصيا لم أكن على علم بمحتوى المسرحيات الأخرى ومن غير الممكن الاستهانة بمجهود بقية المخرجين أو الفرق المسرحية العربية والأجنبية. ولقد نزل إعلان فوزنا بجائزة أفضل عمل متكامل على صدورنا بردا وسلاما ولكن كانت المفاجأة الكبرى بالنسبة لنا التتويج الرباعي على ركح أيام قرطاج المسرحية بجوائز أفضل إخراج وأفضل سينوغرافيا وأفضل أداء نسائي وأفضل عمل متكامل. وقد حمّلنا هذا التكريم والتشريف مسؤولية أكبر في تقديم مسرح على مستوى محترم من الحرفية والجودة والجمالية...

• في «حدائق الأسرار» أي أسرار قلت وأي أسرار بقيت خفية في كواليس ما وراء الحديقة؟
فعلا هناك أسرار لم تكشف وهناك أسرار بيد المشاهد كشف مفاتيحها... أما الأسرار التي أردنا قولها فليست سوى العمل والبحث والرغبة في التجديد والتخلص من سؤال الهوية الضيق وأسوار القصة أو الأحدوثة. لقد كان كل هاجسنا تناول مواضيع تهمنا جميعا وتشمل الإنسانية جمعاء. ولقد كان الموضوع الذي أثار انتباهنا في «حدائق الأسرار» كما خلق تجاوبا لدى الجمهور والنقاد هو سؤال الإنسان في كونيته وشموليته في كسر لحدود الجغرافيا والأعراق واللغات... فكان همنا إضاءة عزلة الإنسان المعاصر ووحدته وتعرية هشاشته وضعفه في القرن 21 الذي من تناقضاته أن هذا العالم الذي أصبح قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا والنظم المعلوماتية زادت فيه غربة الإنسان عن محيطه وحتى عن نفسه !

• هل يمكن اعتبار فرقة «مسرح أكون» هي الوجه الناصع للمسرح في المغرب؟
إنّ المسرح المغربي اليوم هو مسرح يعيش اليوم فترة نهضة ويتميز بخصوصيات عديدة من بينها بروز جيل جديد من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي الذين يقودون حركة تجديد للمسرح المغربي والعربي. إنّ « مسرح أكون» هو وجه ناصع للمسرح المغربي إلى جانب فرق أخرى وأسماء عديدة تناضل من

أجل إنتاج وإبداع مسرح يحترم ذوق الجمهور ويقطع مع الرداءة والسطحية.

• كانت مسرحية «صولو» اقتباسا عن رواية «ليلة القدر» لـلطاهر جلون، فهل أن نهل المسرح من الأدب هو بالضرورة تزاوج للإبداع على الخشبة؟
صحيح أني رجل مسرح ولكني لا أحب الانغلاق داخل حدود الركح . ولأن المسرح هو أب الفنون فإني كثيرا ما أبحث عن أشكال الإبداع في الفنون الأخرى على غرار الشعر والفن التشكيلي والرواية والقصة وحتى في فنون العمارة والمعمار التي ينتج فيها المهندس خطابا جماليا واجتماعيا سياسيا ناطقا رغم الجدران الصامتة.. أحب كثيرا مشاهدة الرسام يرسم لوحته والشاعر ينظم قصيدته والروائي يكتب روايته... أنا أفتش دائما عن المادة الأولية لمسرحياتي من خارج دائرة الفن الرابع وأجد فيها مصادر لا تنضب للإلهام. وفي النهاية لا بد أن نبحث عن المسرح داخل الحياة، ولا أن ننصت بشكل يومي لإيقاع الحياة في مراقصة الإنسان على حبال الفرح أو الوجع حتى نكون دائما أوفياء لحاجيات جمهور الفن الرابع.

• في الليلة ذاتها صنعت المغرب المعجزة كرويا ومسرحيا... فهل كنت تتوقع انجازا تاريخيا غير مسبوق للمغرب في كأس العالم؟
لقد فاق ما أنجزه المنتخب المغربي آمالنا وسقف أحلامنا... وأعتبر أن وصول المغرب إلى نصف النهائي هو انتصار للمغرب العربي الكبير وللعالم الثالث ولكل العرب والأفارقة ... لقد كان مردود المغرب في كأس العالم انتقام تاريخي ضد نظرية الشمال والجنوب، الشرق والغرب... لقد أثبت المغرب من خلال كرة القدم أنه لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالعمل.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115