في اليوم العالمي للمرأة: أقدس النساء ... أمهات الشهداء!

«أعرف أنّ الرعود ستمضي... وأنّ الزوابع تمضي... وأنّ الخفافيش تمضي... وأنّي أنا باقية ...» هكذا صدحت الشاعرة «سعاد الصباح» ذات قصيد في وجه من يرفعون «فيتو على نون النسوة». واليوم أكثر من أي وقت مضى، نحتاج أن نرفع القبّعة لحوّاء في اليوم العالمي للمرأة

وأن نعلي صوت الأمل على صوت الرصاص وأن ننثر زهر الياسمين ليحجب لون الدم لأن «نساء بلادي نساء ونصف»، ولأن في هذا الوطن رائدات ومبدعات وصامدات ...فأحلى النساء هي المرأة الحرّة وأقدس الأمهات هن أمهات الشهداء !
شاءت الأحداث الموّقعة بالدم وفرضت قصص المقاومة المعنونة بشيم البطولة التي كان مسرحها أرض مدينة بن قردان أن يكون لحلول اليوم العالمي للمرأة مناخا خاصا وجوا مختلفا ...ففي هذا العام، وبمناسبة يوم المرأة العالمي لن نتساءل عن دلالة يوم 8 مارس في القرن الحادي والعشرين، ولن نسأل هل هو مجرد ذكرى روتينية أو بروتوكولات صورية في تاريخ شعوب البشرية؟ كما لن نبحث في ما تحقق من إنجازات وما تأخر من استحقاقات ولن نطالب الحكومة بإعلان إجراءات عملية في هذا اليوم العالمي للمرأة. وأيضا لن ننقب في سجل نساء ناجحات، متألقات، مبدعات... كنّ ولانزال في واجهة النضال السياسي والجمعياتي والنقابي وفي مقدمة الإبداع الفني والثقافي... بل حسبنا أن نوّجه تحيّة وألف تحية لكل ثكلى وأرملة ويتيمة وحبيبة في ربوع هذا الوطن العزيز وحسبنا أن نطبع قبلة وألف قبلة على جبين كل أمّ شهيد زفت ابنها عريسا للشهادة.

اليوم، لن ننوّه بنجاح المرأة المتقلدة لأرفع المناصب ، ولن نذكر بنضال المرأة الكادحة في الأرياف والحقول والمصانع... اليوم، وسام الصدارة ونيشان الريادة محجوزان بالكامل لصدر أمّ الشهيد. إنها تلك الريادة المزدوجة الأحاسيس والممزوجة المشاعر ما بين فخر وقهر، انتشاء وانكسار، تماسك وانهيار... وحدها أمّ الشهيد هي من تدرك معنى أن تهدي فلذة كبدها قربانا لهذا الوطن.

هي الصامدة، هي الشامخة، هي الأبيّة التي بعثت بولدها إلى القتال في سبيل الوطن، لتستقبل خبر استشهاده بالزغاريد وتبادل التهاني وفي القلب ألم وغصّة على وشك الانفجار ودمعة حبيسة تنتظر الليل لتطيل الانهمار... فحتى حزن أمهات الشهداء أريد له أن يليق بشموخ منجبات الأبطال. وفي كل يوم سيموت فيه شهداء من أجل عيون هذا الوطن الحبيب، سيولد رضيع جديد من رحم أمهات تنجب الأبطال ليلاحقوا بلا هوادة الأنذال وأعداء الوطن في كل مكان، في الصحاري والبراري، في الجحور والجبال ...
إذا، من قال ذات يوم بأن صوت المرأة «عورة» ومن يجرؤ بعد اليوم على القول بأن المرأة «أمّ الخطايا»؟ إنّ حفيدة عليسة وربيبة الكاهنة وسليلة «عزيزة عثمانة»... تأبى الانحناء وترفض الانثناء لتصرخ في وجه كل غاشم وجاهل بأنها أبدا لن تكون «عورة»، بل هي ثورة وإيذان بميلاد فجر جديد أبهى وأحلى...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115