اليوم في «سيدي الرايس» بنابل: غوص لاكتشاف الموقع الأثري المغمور بالمياه

«يرقد تحت المياه حوالي ثلاثة ملايين سفينة ومدينة غارقة، فضلا عن الآلاف من المواقع العائدة إلى حقبة ما قبل التاريخ ومن الآثار البشرية، وهي كنوز تمثل جميعها

تراثاً ثميناً للبشرية»، وفقا لمنظمة اليونسكو. فكم ابتلع البحر من مدن وسفن وحتى طائرات سقطت من علياء السماء!
في الوقت الذي يحتل فيه التراث على اليابسة الأضواء والاهتمام، تختبئ في ظلمة اليم كنوز من الآثار وشواهد من التاريخ فريدة من نوعها. وتدعو وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية إلى فسحة فريدة من نوعها بالموقع الأثري «سيدي الرايس» بنابل من خلال الغوص تحت المياه.
300 موقعا مغمورا بالمياه في تونس
«تعد المحيطات والأنهر والبحيرات أكبر متحف على سطح الأرض إذ تقف شاهدا فريدا على تاريخ الحضارات القديمة وعلى روح أسلافنا وما تمتعوا به من دراية ومعارف في سعيهم الدائم إلى اكتشاف مناطق جديدة وإلى التواصل مع الثقافات الأخرى». ومن أجل رفع حجب الظلام عن هذا التراث المجهول والمنسي في أعماق الماء، تنظم وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية يوما إعلاميا مفتوحا للتعريف بالتراث الثقافي المغمور بالمياه بالموقع الأثري سيدي الرايس، من ولاية نابل وذلك اليوم 28 جويلية 2022. وتأتي هذه الدعوة لاكتشاف هذا التراث العصي عن المحو حتى ولو كان تحت الماء بالتوازي مع الورشة التدريبية حول طرق وتقنيات البحث الأثري المغمور بالمياه التي يشرف عليها المعهد الوطني للتراث من 20 إلى 30 جويلية 2022.
عن تفاصيل هذا اليوم المفتوح، أفادت الباحثة المختصة في التراث الثقافي المغمور بالمياه بالمعهد الوطني للتراث وفاء بن سليمان في تصريح لـ»المغرب» بالقول: «بفضل موقعها الاستراتيجي، كانت تونس على مر تاريخها معبرا للسفن وأرضا لاستقرار الشعوب ولهذا فهي تمتلك تراثا مغمورا بالمياه على غاية من الأهمية والقيمة التاريخية . وقد تم رصد حوالي 300 موقعا أثريا مغمورا بالمياه في مختلف سواحل تونس. وسعيا للتعريف بهذا التراث يعد تنظيم يوما إعلاميا مفتوحا بالموقع الأثري سيدي الرايس مبادرة ثمينة وسابقة من نوعها حتى يطلع عموم الناس على مكونات هذا الإرث الحضاري، ومن أجل تحسيس المواطنين بضرورة حماية هذه الكنوز الدفينة تحت المياه».
وأوضحت وفاء بن سليمان أنّ التراث المغمور بالمياه يتجسد في المدن التي والمواقع الأثرية والموانئ التي غمرتها البحار وفي بقايا السفن التي غرقت في الأعماق. وتعود هذه الشواهد إلى فترات تاريخية متنوعة على الرومانية والقرطاجية والبيزنطية وصولا إلى الحرب العالمية الأولى.
نهب للآثار حتى في البحار
إن كان التنقيب عن الآثار تحت التراب يتطلب إمكانات كبيرة، فلا شك أن اقتفاء الآثار تحت المياه أصعب بكثير على مستوى الغوص والترميم والخزن....
وتحذر اليونسكو من الاعتداءات التي يمكن أن تلحق التراث المغمور بالمياه لأنه «معرضا بشدة لخطر الاندثار من جراء الاستغلال التجاري والصناعي وأعمال النهب التي تشهدها الطرق المائية في العالم وغير ذلك من العوامل التي تهدد بحرمان البشرية من هذا التراث المذهل الذي غالباً ما يجهل الناس أمره». وقامت اليونسكو في إطار الجهود التي تبذلها على الصعيد العالمي لصون التراث لثقافي المشترك على اختلاف أشكاله باعتماد اتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في عام 2001.
وتحدد هذه المعاهدة الدولية المبادئ الأخلاقية لعملية حماية التراث المغمور بالمياه كما توفر إطارا مفصلا للتعاون بين الدول فضلا عن قواعد علمية ذات طابع عملي لمعالجة هذا التراث وإجراء البحوث بشأنه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115