تنطلق من مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف: «قافلة الرقص» لعماد جمعة تكسر اللامركزية وتجوب الولايات

«عندما ترقص لا يكون هدفك الوصول إلى مكان ما في ساحة الرقص، لكنك تحرص على الاستمتاع بكل خطوة وهكذا هي الحياة». ومن جدران المعابد

إلى مسارح الحياة المعاصرة، لم يغب الرقص عن جسد الإنسان بما هو متعة وفلسفة ووسيلة للتعبير ... إلاّ أنّ الجسد الراقص في تونس لازال يعاني من تضييقات وضغوطات وعدم اعتراف. وحدهم الراقصون على حبل الإبداع والجمال صامدون على جبهة الدفاع عن فن الكوريغرافيا حتى يحتل المكانة التي يستحق !

هي قافلة زادها الفن وعتادها أجساد حرة ترقص للإنسان والحياة، يقودها الكوريغرافي عماد جمعة صحبة من ولاية إلى أخرى ليحط الرحال في عدد من مراكز الفنون الدرامية والركحية في مهرجان متنقل.

مهرجان متنقل طريف التصور ومبتكر الطرح
يفرض الفنان عماد جمعة اسمه وحضوره كأحد أبرز رواد فن الكوريغرافيا في تونس. انطلقت مسيرته منذ بداية الثمانينات ليؤسس «مسرح الرقص»و مشروع المركز الكوريغرافي المتوسطي في تونس... ولا يزال جسده الراقص ينبض بالحيوية ويضج بالأحلام والمشاريع الفريدة من نوعها. وفي فكرة مبتكرة وطريفة ، ينطلق الكوريغرافي عماد جمعة في تنفيذ مشروعه الفني الجديد «قافلة الرقص» بدعم من صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي والفني.

في بسط لملامح هذا المشروع الفني والتعريف بأهم أهدافه ورهاناته، أفاد عماد جمعة لـ«المغرب» بالقول:» يتجذر فن الرقص - في كل أصنافه وأشكاله - في ذاكرتنا الجمعية وهويتنا التونسية. وحتى يستمر ويتواصل تدفق هذا الفن الحي في حياتنا المعاصرة، لابد له أن يتموقع أكثر ويجد حظوظا أكبر في المهرجانات والتظاهرات داخل العاصمة وخارجها. وللأسف لا يحظى فن الكوريغرافيا إلا بعدد قليل وشحيح من المواعيد السنوية الثابتة الخاصة به والمقتصرة على العاصمة ، لذلك تهدف «قافلة الرقص» إلى الوصول إلى جمهور الولايات الأخرى والمدن الداخلية في نشر لفنون الكوريغرافيا والاستجابة إلى حاجة الناس في كل مكان في استمتاع بتجليات فن الرقص. وتحمل «قافلة الرقص» على عاتقها التعريف بالمبدعين الشباب من خلال برمجة عروض كوريغرافية بإمضاء مواهب شبابية إلى جانب الإشراف على ورشات تطبيقية من أجل تمرير تقنيات الرقص وخبراته وطقوسه إلى الهواة والمحترفين على حد سواء».

من الكاف مرورا بنابل وصولا إلى تطاوين، تتخذ «قافلة الرقص» من مراكز الفنون الدرامية والركحية بالكاف فضاءات لعروضها وورشاتها ولقاءاتها حول فن الرقص. وفي هذا الإطار يقول عماد جمعة: «إنّ هذه القافلة هي عبارة عن مهرجان صغير متنقل بين المراكز الدرامية والركحية باعتبارها تملك قاعات مهيأة للعرض وتتوفر على قاعدة محترمة من الجمهور لكنها ولقلة الإعتمادات المالية تعجز عن تنظيم مهرجان خاص بالرقص. لذلك تأتي «قافلة الرقص» لتحقيق هذه المعادلة التي تقطع مع المركزية الثقافية وتؤسس لتقليد سنوي بالشراكة مع مراكز الفنون من أجل توسع أكبر لفن الكوريغرافيا والالتحام عن قرب بالجمهور خارج العاصمة عسى أن يجد هذا الفن النابض بالحركة والحياة المكانة التي يستحقها وأن يحظى الجسد الراقص بالاعتراف والتقدير».

عروض راقصة... وورشات تطبيقية
يكتب الجسد الراقص قصته عبر فن الحركة والأداء ويروي ذكريات الماضي وهواجس الحاضر وآمال المستقبل في لوحات راقصة تبدو وكأنها قطعة من الحياة. ويقود الفنان عماد جمعة «قافلة الرقص» وعلى متنها أحدث العروض الكوريغرافية بتوقيع ألمع الراقصين التونسيين من الشباب على غرار نسرين بن عربية وسهيل بن سعد وحسام الدين عاشوري وأميمة مناعي ووائل مرغني وحمدي الطرابلسي وهدى الرياحي .... ولن تكتفي «قافلة الرقص» ببرمجة العروض بل تقدم ورشات تطبيقية في مختلف تجليات الكوريغرافيا من فنون الرقص الكلاسيكي والمعاصر والهيب هوب.
أمام شح المناسبات الفنية التي تستعرض آخر الإبداعات التونسية في فن الكوريغرافيا، لا شك أن «قافلة الرقص» من شأنها أن تخلق مسالك جديدة لتوزيع العروض الراقصة والتعريف بفنانيها ومبدعيها... كما ستوفر مساحات أكبر لتقريب فن الرقص من الجمهور وتعميق ثقافته في هذا المجال حتى لا تبقى تظاهرات الرقص حكرا على العاصمة وخارج ديناميكية سوق الفنون الحيّة.

كما كانت الكاف عاصمة للفن والمسرح والغناء ، فعلى أرضها تحط «قافلة الرقص» رحالها، ومن مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف تحت إدارة عماد المديوني تستهل جولتها الفنية المتنقلة على امتداد أيام 28 و29 و30 جانفي الجاري لتتواصل الرحلة في زيارة إلى نابل أيام 18 و19 و20 فيفري 2022 وبعدها إلى تطاوين أيام 21 و22 و23 فيفري المقبل في انتظار أن تصل «قافلة الرقص» إلى أكبر عدد من مراكز الفنون الدرامية والركحية في آجال قريبة. ويبقى الأمل أن يرفع الحظر عن الثقافة التي تدفع لوحدها ثمن تطورات الوضع الصحي بغلق فضاءاتها وتأجيل تظاهراتها و»تجويع» فنانيها!

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115