كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس تؤمن ندوة علمية دولية: التلقي في الثقافة العربيّة محاضرات وبحوث ونقاشات تتواصل لمدّة ثلاثة أيام..

ينظّم قسم اللغة والآداب والحضارة العربيّة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس ندوة علميّة دولية تحت عنوان: «التلقي في الثقافة العربيّة» بحضور أساتذة من تونس والجزائر والمغرب، وذلك أيام 10 - 11 - 12 مارس 2016 بقاعة المحاضرات ابن خلدون بالكلية.

وتسلّط الندوة الضوء على أربعة محاور، هي «في تلقّي المعارف اللغويّة واللسانيّة»و»في تلقّي الأدب والنظريّات النقديّة» و»في تلقّي الفكر وقضايا الإنسان» وأخيرا «الترجمة تلقّيًا».. محاضرات وبحوث ونقاشات تتواصل لمدّة ثلاثة أيام تنبش في أغوار وسواكن موضوع التلقي في الحضارة العربية وما يخلّفه ربما من تعقيدات وإشكاليات من شأنها أن تنعكس على الثقافي الذي فيه ما فيه من قيود قد تكون مكبلة..

تبدأ الجلسات العلمية الأولى يوم الخميس 10 مارس حيث تفتتح الجلسات بكلمة لكل من رئيس الجلسة الأستاذ بسّام الجمل وكلمة رئيس جامعة صفاقس وكلمة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانيّة بصفاقس وكلمة رئيس قسم العربيّة وكلمة المندوب الجهوي للثقافة وكلمة منسق الندوة.

الجلسة العلميّة الأولى ستسلّط الضوء على «منزلة الترجمة في التلقّي.. مداخل في الاصطلاح والتأسيس»، أما الجلسة العلميّة الثانية فستكون تحت عنوان «من قضايا التلقّي في الفكر العربيّ المعاصر»، فيما تتناول الجلسة العلميّة الثالثة موضوع «التلقّي في الأدب العربيّ القديم».. أما برنامج عمل يوم الجمعة 11 مارس فسيتضمن ثلاث جلسات الأولى تحمل عنوان «مقاربات في تلقّي النصّ الدينيّ» والثانية :»في تلقّي الآداب الأجنبيّة: نماذج وتطبيقات» والثالثة تحمل عنوان «في حدود التلقّي.. مقاربات نقديّة».
جلسات يوم السبت 12 مارس ستكون بعنوان «دور التلقّي في تطوير الدرس الأدبيّ واللغويّ»، والجلسة الثانية بعنوان «في تلقّي النصّ الصوفيّ.. بلاغة النصّ ومصادر التلقّي»، لتختتم الندوة بقراءة التقرير الختامي، إعداد وتقديم الأستاذ عبد الحميد بن زيد، وتوزيع شهادات المشاركة ووثائق تحكيم البحوث..

إشكالية الندوة
• تطرح الندوة الإشكالية التالية: نشأت الثقافة العربيّة في بداياتها نشأة تبدو ذاتيّة، ولهذا كانت تغتذي بعناصر أصيلة مكوّنة لها، وكانت العلوم الأصيلة في الثقافة العربيّة مستجيبة لحاجات الجماعة. غير أنّ ما تولّد من توسّع هذه الثقافة بفعل الفتوحات وبحركة الانفتاح على الجوارات الثقافيّة، وبالإفادة من ثقافة الإغريق والرومان والفرس والهند.. قد حتّم عليها الاقتراض الثقافي والتلقّي المعرفي فكانت هجرة المنطق الأرسطي إلى علم النحو وعلم الكلام، وكانت هجرة الفلسفة إلى مجال العقيدة والاستدلال على ما عدّ اتّصالاً بين الحكمة والشريعة. ولقد كانت الترجمات هي السبيل إلى فعل التلقّي لعلوم لم تكن أصيلة في الملّة، وكانت نتائجها المتفاوتة ممّا اغتنت به ثقافة العرب المسلمين وساهمت في دفع النشاط المعرفيّ الكونيّ. ولئن تراجع التلقّي العلمي والمعرفي في أزمنة عُدّت عصورَ انحطاط، وشهدت فيها الثقافة العربيّة انكماشًا وتراجعًا، فإنّ هذا التلقّي صار حركة دائبة ونشاطًا لا ينقطع مَدُّهُ منذ البعثات العسكريّة والعلميّة في مصر وتونس.. ومنذ المواجهة المباشرة التي فرضتها الحركات الاستعماريّة الغربيّة.

إنّ الثورة العلميّة والتكنولوجيّة الحديثة والمعاصرة قد سرّعت في نسق التلقّي الذي صار نسقًا جامعًا يشمل علوم اللسان وعلوم الاتّصال ومباحث الفكر والتاريخ وشؤون الفلسفة وقضايا الإنسان. ولقد أدّى التلقّي العلمي والمعرفي الذي تسارعت وتيرته بالنسبة إلى الثقافة العربيّة المعاصرة إلى تطوير المباحث اللغويّة والبلاغيّة، وإلى تعميق النظر في القضايا الفكريّة والحضاريّة، وإلى الدفع بالحركة الأدبيّة والنقديّة إلى آفاق ما كان ارتيادها متاحًا دون ذلك التلقّي. كما أنّ الانفتاح على الدراسات الاستشراقيّة وعلى النقد الثقافي وعلى المناهج النقديّة المستحدثة لدى الغربيّين ممّا يؤكّد جدوى التلقّي وفاعليّته.

إلاّ أنّ هذا التلقّي لم يكن سالمًا من الخلط والزلل ولا بمنأى عن التحريف والالتباس بسبب الاستسهال في الأخذ، والتسرّع في النقل. فالتعثّر في اقتراح الترجمات المناسبة للمفاهيم والتصوّرات، والغفلة عن القواعد والأسس التي قامت عليها المعارف المستجلبة إلى الثقافة العربيّة المعاصرة، ممّا يجعل التلقّي محفوفًا بالخطر، ويستدعي التنبّه إلى ما يقتضيه هذا الفعل العلمي والمعرفي من شروط ومستلزمات».

ملخّص محاضرة أ.د السعيد بوطاجين من الجزائر
من الملخصات التي ستقدّم في الندوة اختارت «المغرب» ملخّص محاضرة أ.د السعيد بوطاجين من جامعة مستغانم ــ الجزائر، بعنوان «المصطلح: التلقي والترجمة المفارقات أنموذجا»، حيث يعتبر الدكتور سعيد بوطاجين، أنه «لم تعد مسألة تلقي المصطلح وترجمته خافية، ذلك أنّ التباينات الحاصلة في النقل أحدثت اضطرابا في المفاهيم وأربكت القارئ الذي وجد نفسه أمام مدوّنة مختلفة، متفاوتة، ومتناقضة أحيانا، أو ليست ذات معنى. ومن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى هذه الفوضى التي ستتقوّى لاحقا: عدم تمثل الوافد من المنجز الغيري، ذلك أن التلقي عادة ما يعتمد على التعامل مع الأجزاء، وليس مع الكليات، أي مع المصطلح في نشأته وسياق إنتاجه وخلفياته المعرفية والفلسفية وهجراته، في هذه الحلقة التي تميز كل تجربة بشرية قائمة على الامتداد والتجاوز».
ويرأى أنّ «التركيز على الخواتم، دون الأصول والمتغيرات، سيؤدي حتما إلى نوع من البتر الذي سينعكس سلبا على التحصيل والترجمة لأننا أهملنا السلسلة المعرفية برمتها واكتفينا بالنهايات، أي بالمعلولات دون العلل، بالنتائج دون المقدمات التي تساهم في إضاءة المفاهيم ونموّها تاريخيا، لكن ذلك لا ينفي وجود ترجمات راقية، وهذا النوع هو الذي أسّس على مختلف المرجعيات التي أنتجت المصطلح، سواء في الدرس اللساني الغربي أو في الدرس البلاغي العربي، أو انطلاقا من الجهود التي اهتمت بالمفهوم والمصطلح: المنابع والمقاصد ومختلف الاستثمارات التي ظهرت في شتّى الحقول. في حين أن الاكتفاء بالأجزاء، دون ربطها بالحلقات، مهما كانت قيمتها، فلن يحقق ما يقتضيه فعل التلقي والترجمة العارفين».

تلقي المصطلح النقدي في الخطاب النقدي العربي المعاصر
وستتناول مداخلة الأستاذ عبد الرحمان عبد الدايم موضوع «تلقي المصطلح النقدي في الخطاب النقدي العربي المعاصر» حيث يقول في ملخص مداخلته» يمثل المصطلح النقدي إشكالية عصيبة، ومعضلة من معضلات الخطاب النقدي العربي المعاصر. فالمتأمل في واقع خطابنا النقدي سيقف وبشكل مباشر على معالم شبكة مصطلحية واسعة يبني عليها جهازه الاصطلاحي، هذه المصطلحات وفدت إلى ثقافتنا النقدية عبر المثاقفة وهذا بحكم ارتباط المصطلح النقدي بالنظريات النقدية الغربية. هذا يطرح إشكالية تلقي النقاد العرب لهذه النظريات الغربية ومصطلحاتها، لأن هذه النظريات تتشتت مرجعياتها الأجنبية بين الفرنسية والإنجليزية والألمانية وبدرجة أقل الإيطالية».

ويضيف» إن نقل النقاد العرب للمصطلح النقدي الغربي- المُحمّل بحمولة مفاهيمية كبيرة- من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، أو ما يعرف بالترجمة، لا يمكن أن يتمّ بطريقة فوضوية عشوائية، إنما يخضع بالأساس إلى جملة من الشروط والضوابط، التي تسمح لهذه المصطلحات بالمحافظة على بعدها العلمي السليم والموضوعي.من هذا المنطلق فإن إشكالية هذه الدراسة الموسومة ب: تلقي المصطلح النقدي في الخطاب النقدي العربي المعاصر.. تحاول أن تبحث في مدى وعي النقاد العرب للخلفية الفلسفية والتاريخية للمصطلح النقدي، وهذا بالبحث في آليات تلقي النقاد العرب لهذه المصطلحات، وكذا مدى تقبّل القراء لهذ المصطلحات النقدية».

«في تلقّي الروم» ملخّص بحث الأستاذ نادر الحمّامي
«في تلقّي الروم»، هو بحث الأستاذ نادر الحمّامي من المعهد العالي للغات بتونس حيث يقول الأستاذ الحمامي في ملخص بحثه «قد تطرح مقاربة نصوص القرآن استنادا إلى نظريّة التلقي إشكالا جوهريّا، إذ أنّ القارئ في هذه النظريّة قد أصبح هو المحور، في حين أنّ ما هو معتاد في ما يتعلّق بالتعامل مع النصّ القرآني أن يكون النصّ هو محور النظر، وأنّ المتلقّي له دور سلبيّ، وهو في أقصى الحالات لا يمكن أن يتجاوز محاولة اكتشاف معاني النصّ عبر التفسير لفهمها وتدبّرها ولا يكون بالتالي موجّها للمعنى. غير أنّنا نحسب أنّ محاولة التفسير تلك هي في حقيقة الأمر فعل في النصّ الأصلي، وهي جوهر عمليّة التلقّي التي يكشفها العمل التفسيريّ. ولئن تعدّدت تصنيفات القرّاء في إطار نظريّة التلقّي (القارئ النموذجي، القارئ الخبير، القارئ المقصود)، فإنّنا سنركّز اهتمامنا في هذه الورقة على ما أسماه امبرتو إيكو بالخصوص «القارئ الضمني» ذلك الّذي يسعى إلى استخراج ما يفترضه النصّ لا ما يصرّح به، ولكن بالخصوص فإنّ هذا القارئ دائم السعي إلى ملء الفراغات التي يتركها النصّ عبر ربطه بغيره من المعطيات الخارجة عنه. وقد تجلّت هذه العمليّة بوضوح كبير في النشاط التفسيري الضخم الدائر على النصّ القرآني، فالمفسّر يقوم في الغالب باستخراج ما يفترضه النصّ، وهو أيضا يقوم بعمليّة ملء العديد من الفراغات وخاصّة عند تعرّضه للآيات الدائرة حول بعض الأحداث التاريخيّة فيلجأ إلى ما هو خارج النصّ من روايات تاريخيّة ليستكمل الصورة الّتي يريد هو تقديمها، وهذه الإرادة متعلّقة في هذه الحالة بالمسألة العقائديّة أساسا».

ويضيف :»ولمّا كان هذا الأمر كثير التواتر ويضيق به هذا البحث آثرنا الاقتصار على النظر في كيفيّة تلقّي المفسّرين والمؤرّخين وغيرهم للآيات الستّ الأولى من سورة الروم، وهي آيات كانت محلّ جدل كبير في عدّة مستويات بعضها مرتبط بعلوم القرآن كالقراءات وأسباب النزول، وبعضها الآخر متعلّق بتصوّر العلاقات بين المسلمين الأوائل في مكّة وغيرهم من الأديان والحضارات، وأساسا بيزنطة النصرانيّة والفرس المجوس، ويرتبط البعض الآخر بالمسألة التاريخيّة من جهة التدقيق في صراع الروم مع الفرس، وهزيمتهم وانتصارهم اللاحق. ويمكن في هذا السياق افتراض أنّ كلّ هذه المباحث كانت خاضعة لتصوّر عقائديّ مخصوص، وهو تصوّر جعل من المفسّرين يتبنّون تلقّيا منسجما مع ما يعتقدونه، ومع تمثّل معيّن للتاريخ».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115