قراءات مسرحية «تحت برج الديناصور» لعبد الوهاب الجملي في شمركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة: منعم شويات وشادي الماجري.. جمعنا نصّ الجملي لصدقه وروحه الحالمة

تغادر الأجساد لكن الأرواح والأفكار تظل بيننا، تغادر الأجساد لتفسح المجال للنصوص والأفكار التي لا تعرف معنى الفناء، يغادر المبدعون لتظل أعمالهم شاهدة على أنهم مروا

من هنا واثروا في الساحة الفنية والمشهد المسرحي لعملهم بصدق ولكتاباتهم المختلفة النابضة بالصدق والداعية الى التمرد على الموجود وصناعة عالم أجمل منشود كما كانت نصوص الراحل شمعة المسرح التونسي عبد الوهاب الجملي. 

في ذكرى رحيله العاشرة وضمن فقرة قراءات مسرحية التي ينظمها مركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة احتفي بآخر مسرحيات الجملي «تحت برج الديناصور» في قراءة لعبد المنعم شويات وشادي الماجري بحضور الناقدة المسرحية فايزة المسعودي والباحثة سهام عقيل.

الجملي: مسرحي صادق غادر وهو عاشق للمسرح
«نجتمع في رحاب المسرح، نجتمع في ظل هذا الفن العظيم لنقرأ ونستمتع بما كتبه تونسي غادرنا باكرا، نحن في حضرة نص مسرحي شاهدته حين كنت طالبة بالمعهد العالي للفن المسرحي، عمل احببته وانبهرت باداء الممثلين وصدق الكاتب، نص الجملي، شمعة المسرح التونسي التي انطفأت واليوم يعيد إحياءها صالح الفالح ومنعم شويات وشادي الماجري في سليانة» بهذه الكلمات افتتحت الباحثة سهام عقيل جلسة القراءة او اللقاء الذي جمع محبي الجملي والراغبين في اكتشاف كتاباته.

عبد الوهاب الجملي في ذكرى رحيله العاشرة احتفي به صديقه صالح الفالح من خلال قراءات مسرحية، في ذكراه العاشرة كما احتفى بنصه «تحت برج الديناصور» ليؤكد ان الصادقين لا يرحلون، ومن ينجزون الفن بحب وصدق تظل أرواحهم وأفكارهم منيرة حتى وان غادرت اجسادهم.
في تلك القاعة الصغيرة وامام حضور متعطش للمعرفة ومتشوق لاكتشاف من هو عبد الوهاب الجملي كان اللقاء حميميا تقوده المحبة اثناء قراءة النص واستحضار لحظات انجازه وتقديمه، في لقاء مسرحي فكري انساني وقع تكريم روح فقيد المسرح التونسي وإهداء نصه الجميل الى جمهور يريد المعرفة.
رحل عبد الوهاب الجملي منذ عشرة أعوام، رحل تاركا نصوصا تشبهه وشخصيات مسكونة بالوجع والحب، رحل عبد الوهاب شامخا تاركا خلفه مسرحيين يؤمنون برسالته وأصدقاء نهلوا من نبعه الصادق وارتووا بحب المسرح وقدسيته.
«تحت برج الديناصور» نص كتبه واخرجه عبد الوهاب الجملي وقدمه على الركح الثنائي عبد المنعم شويات وتوفيق العايب،هو آخر أعماله المسرحية التي كتبها «عبد الوهاب كان صادقا وعاشقا لما يكتب، النص قدمناه دون اضافة لم نغير ولو حرفا، عبد الوهاب يكتب بايقاع شعري جميل، هو يعرف نصه جيدا حتى التنقيط له دوره، الصمت ايضا، كل تفصيلة تقدم على الخشبة مكتوبة، المسرحية قدمنا عرضها في ركح يشبه العين، كانت عينه التي يرى بها المسرح، استحضر اننا كنا نذهب الى البريايف ونحن «شايخين» وجد مسرورين» هكذا استحضر الممثل الراقي عبد المنعم شويات ذكريات انجاز مسرحية «تحت برج الديناصور».
عبد المنعم شويات ممثل مميز وانسان لازال يحترم ذكرى رحيل صديق الفكرة والمشروع «لازلت ازوره كل 19اكتوبر، عبد الوهاب كان مثقفا وواعيا بمشاكل الوطن هاجسه الاول المسرح، لازلت احلم بتكريم يليق بما كتب، لم يترك الكثير لانه كان صادقا جدا، يكتب فقط حين تكتمل الفكرة والصورة، هو ابن القيروان تعلم فيها الموسيقى والشعر وكلاهما موجود في كتاباته للمسرح».

المسرح يجمع ولا يفرّق فاجتمعوا على الحلم
اجتمعوا على حب المسرح، جمعهم الإيمان بقدرة هذا الفن على التغيير، اجتمعوا في قراءات مسرحية بمركز الفنون الركحية سليانة وقرأ نص «تحت برج الديناصور» لعبد الوهاب الجملي كل من عبد المنعم شويات شريكه في الحلم وشادي الماجري المسرحي الشاب المسكون بهاجس الإبداع.
أمام جمهور منصت أبدعا في قراءة النص وتقمصا جيدا شخصيتي «جعفر» و»يوسف» كلاهما أعمى يسكنان غرفة مشتركة، الأول يعزف «الطار» موسيقي يحلم بجوقة كاملة «150كمنجة، و100عود، و200 ناي وطار واحد» فوحده الطار من يضبط إيقاع المجموعة كاملة، والثاني «نحب الألوان» رسام يريد ملاعبة الألوان، شخصيتان بعاهة أبدية هي «الظلام» لكن صاحب النص زرع فيهما الرغبة في الحلم والكتابة بالألوان والموسيقى، ليزرع في شخصياته قوة عجيبة وطاقة للاختلاف رغم الظلمة الأبدية.

المسرحية عبارة عن حوار بين الشخصيتين، كلاهما يريد صناعة عوالمه الخاصة، يشتركان في الغرفة وتفرقهما الامال والانتظارات، وميزة الجملي انه يسكن شخصياته بالظلامية والحلم معا، له قدرة على كتابة شخصيات ترى نفسها طبيعية ويراها الاخر مشوهة كما جعفر الذي يريد الموت فيتحدث «مايدفني حد، وحدي نغطس في بدن الارض، نتلفت في قلبها ونتخبى في ظلامو، قرن قرنين، قرون لين تضياق عليكم وتتحصرو من الجهات الكل، تتخنقوا وتحضروا الدرابو الابيض وقتها تتوحشوني وتتطلبو الرونفور».

«شخصياته تشبهه، عبد الوهاب كان مسكونا بالصدق ويفكر كثيرا في المسرح والوطن وتسكنه القضايا الكونية فخلق شخصيات مفكرة رغم التشويه، شخصيات نعرفها جيدا ونعايشها، تبدو بسيطة لكنها مسكونة بالفلسفة والسؤال، كان صادقا لكنه شحيح في الكتابة، يحب المسرح كثيرا ويؤمن بدوره في التغيير لكنه يقضي الأعوام لكتابة نص كان يرفض الاستسهال في الفعل الابداعي ودفع ضريبة ذلك الكثير من صحته» بهذه الكلمات استحضرت الناقدة فايزة المسعودي ذكرى المسرحي عبد الوهاب الجملي، مضيفة «عبد الوهاب كتب للمسرح بحب، واجتهد ليترك اثر فني نقي يشببه، رسالتي الى المسرحيين كانا صادقين لتبدعوا وتظل ذكراكم راسخة في قلوب محبي هذا الفن العظيم.

في قراءات مسرحية حدث انسجام جميل بين عبد المنعم شويات وتلميذه شادي الماجري، كلاهما كان صادقا في القراءة والاداء كل منهما زاده الحب اثناء القراءة لايصال شيفرات عمل كتبه صاحبه بشفغ، والجملي الذي رحل عام 2011 له مسرحيات «تحت برج الديناصور» و»اهل الهوى» التي قدمها الممثلون وجيهة الجندوبي وخالد بوزيد وجمال المداني بالاضافة الى مسرحية «موجيرة حب» و مشاركة في فيلم «الرديف54» لعلي العبيدي و»ياسلطان المدينة» للمنصف ذويب في التلفزة عرفه الجمهور ببطولة في مسلسل «اخوة وزمان» وانطفأت شمعته وقد ترك أحلاما مسرحية مسكونة بالنقد والشاعرية والشعر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115