باب القرآن: "الفاءات" في القرآن الكريم (2)

فـ (الفاء) في "فلما" للتعقيب، وهي عاطفة جملة الشرط على جملة الصلة. ونظيرها قوله عز وجل: "وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض"البقرة:164،

عَطْفٌ على صلة (ما)، الذي هو "أنزل" بـ (الفاء) المقتضيّة للتعقيب، وسرعة النبات. ومن ذلك أيضاً، قوله عز وجل: "فأخذتهم الرجفة"الأعراف:78 فـ (الفاء) في "فأخذتهم" عاطفة تفيد التعقيب، والفعل عَطْفٌ على قولهم: "ائتنا بما تعدنا" على تقدير قرب زمان الهلاك من زمان طلب الإتيان بالوعد؛ ولقرب ذلك كان العطف بـ "الفاء"

ثانياً: الفاء الجوابية: هي التي تأتي في جواب الشرط، وتقترن بجملة اسمية أو فعلية؛ فمثال اقترانها بالجملة الاسمية، قوله عز وجل: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" الأنعام:160. وأيضاً قوله سبحانه: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة" النساء:124. ومثال اقترانها بالجملة الفعلية قوله تعالى"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار" النمل:90، وأيضاً قوله تعالى:"ومن عاد فينتقم الله منه" المائدة:95 . وأمثلة (الفاء) الجوابية كثيرة في القرآن، لا تخفى على من تأملها.

ثالثاً: الفاء السببية: مثالها قوله عز وجل: "فتوبوا إلى بارئكم"البقرة:54 ، (الفاء) سببية هنا؛ لأن الظلم سبب التوبة. ومن أمثلتها أيضاً، قوله سبحانه: "فذلك الذي يدع اليتيم" الماعون:2 ، (الفاء) في الآية للسببية، أي: لما كان كافراً مكذباً، كان كفره سبباً لقهر اليتيم، وظلمه حقه، وترك إطعامه، والإحسان إليه. ونظير ما تقدم، قوله عز وجل: "أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم" البقرة:87، (الفاء) هنا للسببية. ومثل ذلك كذلك، قوله تعالى: "ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون" البقرة:87، فـ (الفاء) للسببية؛ فإنهم لما استكبروا، بلغ بهم العصيان إلى حد أن كذبوا فريقاً، أي: صرحوا بتكذيبهم، أو عاملوهم معاملة الكاذب، وقتلوا فريقاً. ومنها أيضاً، قوله تعالى: "فما يكون لك أن تتكبر فيها" الأعراف:13، (الفاء) للسببية؛ تعليلاً للأمر بالهبوط، وهو عقوبة خاصه عقوبةَ إبعاد عن المكان المقدس. ومن أمثلة هذه (الفاء) غير ما تقدم، قوله تعالى "فأنساه الشيطان"، فـ (الفاء) للسببية؛ فإن توصيته عليه السلام المتضمنة للاستعانة بغيره سبحانه، كانت باعثة لما ذُكر من إنسائه.

رابعاً: الفاء الزائدة: وهي التي لا يختل النَّظْمُ بسقوطها، وعادة تذكر للتوكيد. مثالها قوله سبحانه:"فمن شهد منكم الشهر فليصمه" البقرة:185، (الفاء) في "فمن" زائدة، قال بعض النحاة: (الفاء) قد تدخل للعطف، أو للجزاء، أو تكون زائدة، وليس للعطف والجزاء ههنا وجه. ومثال هذه (الفاء) أيضاً، قوله تعالى: "فليعبدوا رب هذا البيت" قريش: 3، قال القرطبي: عمل ما بعد الفاء فيما قبلها؛ لأنها زائدة غير عاطفة. ومن أمثلتها كذلك، قوله عز وجل "فلا تخشوهم واخشوني" البقرة:150، (الفاء) زائدة للتأكيد. ومن هذا القبيل، قوله سبحانه: "فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب" آل عمران:188، (الفاء) هنا زائدة.

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115