فوانيس الهداية : التأني من الله (2)

التأني في القضاء والفتوى: ومن التأني المحمود التأني في القضاء بأن يسمع القاضي طرفي النزاع، فيسمع من الثاني كما سمع من الأول ؛فإنه أحرى أن يتبين له القضاء.

عن عليّ بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى اليمن قاضيا، فقلت يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السّنّ ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: "إنّ الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضينّ حتّى تسمع من الآخر كما سمعت من الأوّل؛ فإنّه أحرى أن يتبيّن لك القضاء". قال علي: فما زلت قاضيا، أو ما شككت في قضاء بعد.

وكذلك التأني في الفتوى، قال مالك بن أنس: "العَجَلَة في الفتوى نوعٌ مِن الجهل والخُرْق، قال: وكان يُـقَال: التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلَة مِن الشَّيطان". وقال بعضهم: "كان أسرعهم إلى الفتيا أقلَّهم عِلماً وأشدُّهم دفعاً لها أورَعَهم". قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ الذي يُفْتِي النّاس في كُلِّ ما يَسْتَفتونه لمجنونٌ).
وقد ذُكر أن ابـن عمر رضي الله عنهما كان يُسْأَلُ عن عشر مسائل فَيُجِيبُ عن واحدةٍ ويَسْكُتُ عَن تِسْعٍ.

التَّأني عند وصول الأخبار: قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" الحجرات: 6.

وفي الآية دليل على أنه يجب على الإنسان أن يتثبت فيما ينقل من الأخبار ولا سيما مع الهوى والتعصب، فإذا جاءك خبر عن شخص وأنت لم تثق بقول المخبر فيجب أن تتثبت، وألا تتسرع في الحكم؛ لأنك ربما تتسرع وتبني على هذا الخبر الكاذب فتندم فيما بعد.

*عند الذهاب إلى الصَّلاة: فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: بينما نحن نصلِّي مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة الرِّجال، فلمَّا صلَّى قال: "ما شأنكم؟" قالوا: استعجلنا إلى الصَّلاة. قال: "فلا تفعلوا إذا أتيتم الصَّلاة فعليكم بالسَّكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصَّلاة وعليكم بالسَّكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا".

يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115