مسرحية «اليس في بلاد العجائب» إخراج مكرم نصيب: عمل يشجع الطفل على إعمال الخيال والحلم ...

عجائبية مبهرة، رحلة ساحرة في عالم الأطفال اتقان للتفاصيل لتقديم فرجة تبهر الطفل وتسعده في الوقت ذاته، عمل صنع

بدقة ليقدم فرجة صادقة ومختلفة. هكذا يمكن توصيف مسرحية «اليس في بلاد العجائب» من اخراج مكرم نصيب وانتاج فرقة قفصة للمسرح.
«ّاليس» مسرحية غنائية للأطفال، عمل موشى بالألوان ميزته صدق في اداء الممثلين وإبهار في الجمالية التي صنعها نزار السعيدي و احداث متسارعة تحفّز خيال الطفل وتدعوه الى عوالم المتعة والرحيل في الاقاصيص والحكايات.
انسجمت عجائبية السينوغرافيا مع صدق الممثلين
الى عوالم اليس نرحل، الى عوالم عجائبية وإبهار بصري وفرجوي نرافق اليس الحالمة والمغامرة، وبين الخوف والإقدام والسؤال عن الحدث الموالي يكون احساس الطفل بمشاهد المسرحية، «اليس في بلاد العجائب» هو عنوان المسرحية، العمل المقتبس من حكاية عالمية معروفة لكن طريقة التناول وصدق الممثلين في تقمص الشخصيات والسينوغرافيا والجمالية البصرية المصنوعة وإتقان الكوستيم والتركيز على الجزئيات سمحت للعرض ان يكون مختلفا ومميزا، يشبع نهم الطفل للصورة ويسكنه بالسؤال.
تتقمص الشخصية إلى حد التماهي، تتقن تفاصيلها تدخل الى عوالمها النفسية وخلجاتها لتعيد صناعتها من جديد قبل ان تتقمصها على الركحّ، ممثلة ادائها مبهر ومربك، تتقن جيدا الانتقال من شخصية الى اخرى ومن مشهد الى اخر ومن انفعالات نفسية وجسدية الى اخرى في العمل ذاته، ايمان مماش تقمصت شخصية اليس في المسرحية فكانت طفلة وكأنها لم تتجاوز التسع سنوات بنظرات بريئة وطريقة نطق مختلفة وصدق في الاحساس تنجح الممثلة في شد انتباه متقبل العمل المسرحي.
الشخصية المحورية الثانية شخصية أخت أليس وجسدتها الممثلة نزيهة نصر هي الاخرى تتشارك ورفيقة العمل تيمة الصدق وعدوى حبّ المسرح فتكاملتا على الركح وبدتا كأختين حقيقيّتين تتقاسمان نفس الهاجس، الشخصيات تختلف في الطباع فأليس مغرمة بلباسها وزينتها وشقيقتها مهتمة اكثر بالقراءة لأنها بحر لا ينضب ومن هذا الاختلاف بنيت الحبكة الدرامية في المسرحية فتكاملتا في الاداء وتشاركتا الصدق والإبداع.
في العمل تماهت وانسجمت مقومات السينوغرافيا التي ابدع في انجازها نزار السعيدي لانجاز عمل مسرحي يحترم عقل الطفل المشاهد ويحترم رسائل مسرح الطفل، امتزجت الموسيقى المسجلة والمباشرة وحضرت الكلمة الشعرية التي تشجع الطفل على قيم الحلم وتزرع فيه بذور الجمال، مع سحر الصور البصرية فعلى الركح تنعكس صور ومشاهد بصرية عجائبية تمتزج مع المشهد المقدم فهي صور ورود وفراشات عند اجتماع اليس بأختها، لتصبح منزل «ارنوب» حين تتغير الاحداث وهي مجموعة من المكعبات في المملكة لتصبح اسود مخيف في مملكة الغربان، تغير الصور البصرية يحفز خيال الطفل ويشد انتباهه واهتمامه بالعمل المقدم، الاضاءة ساهمت في اكتمال الفرجة المسرحية وتقديم ملامح الشخصيات وتفاصيلها اكثر فكانت المسرحية متكاملة من حيث الفكرة وطريقة كتابتها على الركح، لتولد أليس في عمل مسرحي جميل يبهر الصغار ويقنع الكبار بجمالية المسرح.
تكامل المبنى والمعنى
«اليس في بلاد العجائب» مسرحية للأطفال من اخراج مكرم نصيب، مسرحية متكاملة من حيث المبنى والمعنى، عمل ضخم جمع عددا كبيرا من الممثلين والراقصين، تنوعت الشخصيات لخدمة البعد العجائبي في المسرحية، البداية تكون بجلسة أليس في ارجوحتها بفستان سماوي اللون تتغنى بشعرها وجمالها وقامتها الرقيقة، في الجزء الاخر للركح اختها تحمل كتابا تلبس فستانا بسيطا زهري اللون وتتغنى بحب الكتاب.
تختلف الشقيقتان قبل ظهور شخصية العم سالم «عادل رابح» يحمل خارطة بيديه ويبحث عن بيته، تعجز اليس عن فك شيفراتها وخطوطها بينما تنجح اختها في ذلك، منذ المشهد الاول يقدم العمل للأطفال درسا في قيمة العلم والمعرفة وأهمية المطالعة وضروريتها للأطفال لأنها تقدم لهم افقا ارحب للحلم والخيال.
الكتاب خير انيس هو رسالة المشهد الاول من المسرحية، تتغير نظرة اليس للكتاب وتطلب من شقيقتها ان تقرا لها حكاية وتكون قصة اليس في بلاد العجائب هي المختارة وتبدأ رحلة الفتاة في عوالم عجائبية تصنع بحرفية مسرحية عالية وتتشابك الاحداث والشخصيات المختلفة اولها القطة العجيبة الى الارنب الى الكلون والملكة، عالم عجائبي وشخصيات مختلفة بعضها واقعي وآخر خيالي جميعها شكلت رحلة ممتعة عاشتها الطفلة وكأنها الحقيقة، لكل مشهد موسيقاه وألوانه وملابسه، لكل مشهد شخوصه وأحداثه جميعها تولد من حلم الطفلة لتصبح حقيقة على الرّكح يعايشها الاطفال.
اليس في بلاد العجائب فرجة جمعت داخلها كل الفنون فحضرت الموسيقى في الاغاني وحضرت السينما من خلال السينوغرافيا والمشاهد البصرية الضوئية وحضر الفن التشكيلي عبر الدقة في اصناع الكوستيم والألوان لتكون النتيجة عمل مسرحي مسكون بروح الاطفال وأحلامهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115