عن القرارات الحكومية لفائدة القطاع الثقافي: مسكنات وقتية... والفنانون ليسوا حالات اجتماعية !

بعد أن شلّت الكورونا حراك الحياة الثقافية وأصابتها في مقتل بسبب غلق الفضاءات والمسارح وقاعات العروض... قادت النقابات المهنية سلسلة من التحركات الاحتجاجية المتتالية

في العاصمة وفي الجهات للمطالبة برفع الحجر القسري عن الأنشطة الفنية. وقد تجاوب رئيس الحكومة هشام المشيشي - مؤخرا - مع مطالب الفنانين بعد إلحاح و احتجاج وطول انتظار. فهل كان ذلك في مستوى التوقعات والمطالب ؟
أعلنت رئاسة الحكومة، عشية أول أمس، عن جملة من القرارات لفائدة القطاع الثقافي بعد أن احتج الفنانون أكثر من مرة في أكثر من مكان على غرار مدينة الثقافة وقصر الحكومة وقصر الرئاسة بقرطاج...

اعتمادات بـ 6 مليون دينار ..هل هي كافية ؟
في مجلس وزاري مضيق خصص للنظر في الإجراءات الإستعجالية لفائدة القطاع الثقافي، أعلنت رئاسة الحكومة عن جملة من القرارات لفائدة القطاع الثقافي وتتمثل في إعادة جدولة الديون المتخلدة بذمة الفنانين والمبدعين والمؤسسات الثقافية بعنوان الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي. ومضاعفة جراية الشيخوخة لفائدة الفنانين والمبدعين والمثقفين المشمولين بنظام التغطية الاجتماعية الخاص بالقطاع الثقافي.
كما أسفر المجلس الوزاري عن قرار تخصيص اعتمادات إضافية في نهاية سنة 2020 لتغطية المساعدات الاجتماعية الظرفية للفنانين والمبدعين والمشتغلين في القطاع الثقافي لتبلغ قيمة الاعتمادات المخصصة للغرض 6 ملايين دينار. وتبسيط الإجراءات المتعلقة بخلاص مستحقات الفنانين والمبدعين والمثقفين.
بعد قرار منع التظاهرات الثقافية وبعد حوالي شهر ونصف من توقف العروض وغلق المسارح وقاعات السينما... من المنتظر أن تعود الأنشطة الثقافية ابتداء من يوم 15 نوفمبر 2020 مع اعتماد بروتوكول وقائي خاص ومراعاة تطور الوضع الصحي.

ارتباك الأيادي المرتعشة في التعامل مع الثقافة
لم تلق قرارات رئيس الحكومة هشام المشيشي ترحابا أو حتى قبولا من الفنانين والنقابات المهنية إذ اعتبروها مجرد ذر للرماد على العيون ولم تقدم الوصفة المطلوبة لعلاج أزمة القطاع الثقافي المنكوب.
«هي مجرد مسكنات وقتية حادت عن مسار الحلول الجذرية»، هكذا قال الأمين العام النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي مهن الفنون الدرامية جمال العروي في حديثه لـ «المغرب» «القرارات الحكومية الأخيرة لفائدة القطاع الثقافي. وأضاف بالقول:» لم تأت هذه التدابير التي أعلنت عنها حكومة المشيشي من فراغ بل جاءت نتيجة ضغوطات و وقفات احتجاجية متتالية ولقاءات مع الأطراف المعنية بعد تجاهل معاناة الفنانين جراء الكورونا. لكن للأسف لم تكن قرارات الحكومة في مستوى الانتظارات والمطالب بل واصلت تهميش الفنان واعتباره مجرد حالة اجتماعية تطلب المساعدة. وحتى وإن رصدت الحكومة اعتمادات بقيمة 6 ملايين دينار كمساعدات اجتماعية للفنانين فإن هذا المبلغ لا يغني ولا يسمن من جوع سيما وأن عديد الفنانين يطالبون بمستحقات متخلدة لدى وزارة الشؤون الثقافية بقيمة 4 ملايين دينار. أما عن قرار عودة الأنشطة الثقافية مع وضع برتوكول صحي خاص، فإن الفضاءات الثقافية كانت الأكثر احتراما لتطبيق هذه الإجراءات الاستثنائية والدليل على ذلك أنه لم يتم تسجيل أية حالة إصابة في أمكنة العروض الثقافية والفنية». إلا أن الحكومة تتعامل مع الثقافة بارتباك وبأياد مرتعشة في الوقت الذي يتبوأ فيه الفنانون مرتبة النخبة في جلّ بلدان العالم».

إلى متى ستظل الوزارة بلا وزير؟
لئن لم ترض قرارات الحكومة لفائدة القطاع الثقافي أهل الفن والثقافة، فقد كان الفنانون والمثقفون ينتظرون حلولا ثورية وجذرية تعكس إرادة سياسية حقيقية تؤمن بدور الثقافة في تغيير مصير الشعوب.
من بين التدابير التي انتظر الفنانون أن تعلن عنها رئاسة الحكومة حسب الفنان والنقابي جمال العروي التسريع في المصادقة على مشروع قانون الفنان والمهن الفنية ولكن في صيغة جديدة تنتصر للقطاع الثقافي أولا وأخيرا ولا تكون على مقاس أي كان . وكذلك الترفيع في ميزانية الشؤون الثقافية لتعود إلى سقف 1 % كما كانت قبل الثورة لا أن تحشر في حدود صفر فاصل وتذهب ثلثا اعتماداتها تحت عنوان الأجور.

وقد ظلت الوزارة دون وزير منذ أن غادرها الوزير المقال وليد الزيدي في بداية شهر أكتوبر الماضي ولم يتم تعيين وزير جديد إلى حد الآن على رأس وزارة الشؤون الثقافية. وقد ندّد أمين عام النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي مهن الفنون الدرامية جمال العروي ببقاء وزارة الشؤون الثقافية دون وزير خاص بها لا وزيرا بالنيابة في الوقت الذي يفارض فيه أن يدافع الوزير عن ميزانية وزارته، وفي ظل إشكالات عديدة وملفات متراكمة تنتظر البت فيها عاجلا لا آجلا.
أمام سياسة التهميش وعدم الجدية في تعامل السلطة السياسية مع الثقافة، خصّ جمال العروي «المغرب» بخبر تنظيم وقفة احتجاجية كبيرة تجمع كل النقابات والفنانين المستقلين من كل الفنون والاختصاصات أمام مجلس النواب في قادم الأيام للتنديد بتجاهل مطالب القطاع الثقافي واعتبار وزارة الشؤون الثقافية كعجلة خامسة والحال أنها تستحق أن تكون وزارة سيادة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115