Print this page

«حرب» مشروع موسيقي جديد لكريم الثليبي: جماليات موسيقى الموروث في مقاربة بسیكودرامية

منذ القدم، كانت الموسيقى تقرع طبول الحرب أو تزّف المزامير أنباء الفوز والنصر. ولأن الموسيقى ارتبطت بشحن الحماسة وشحذ الهمم في ساحات المعارك،

فقد تمّ توظيفها على مر العصور وباختلاف الشعوب على غرار سمفونيات بيتهوفن الخالدة... في هذا السياق أصدر المؤلف والملحن التونسي كريم الثليبي ألبوما حديثا بعنوان «حرب» يتناول مفهوم الصراع موسيقيا عبر إيقاعات صوتية ونوتات لحنية ضمن تأثير البسیكودراما الموسيقية .
«حرب» عنوان ألبوم جديد للباحث في الموسیقى والعلوم الموسیقیة كریم الثلیبي. وبعد الحصول على شهادة الماجستير في الموسیقى وانتولوجیا الموسیقى سنة 2014 يستعد هذا الفنان إلى إنهاء رسالة الدكتوراه حول موضوع «اللهجة الموسیقیة: مقاربة أسلوبیة».
الصراع في أضداد أصوات الموسيقى
بعد مسيرة فنية مشرفة انطلاقا من الأركستر السمفوني التونسي وصولا إلى وضع الموسيقى التصويرية لعديد الأعمال الموسيقية والمسرحية والسينمائية على غرار تلحين وتوزيع أوبریت الدغباجي «صید الصحاري» وملحمة «ثورة مشایخ بني یزید» وفلم «التوارڤ» ومسرحیة «شمع»... جاءت آخر المشاريع الفنية للموسيقى كريم الثليبي بعنوان «حرب».
وفي ألبوم «حرب»، يتناول المؤلف والملحن في اختصاص البسیكودراما كريم الثليبي مفهوم الصراع من وجهة نظر درامية ونفسية إنفعالية، اعتماد على نقل التفاصيل المكانية والزمانية للوضعية الدرامية من خلال الأصوات والآلات المتقمّصة للشّخصيات والمحوّلة لإنفاعالاتهم وتفاعلاتهم.
ويحاول كريم ثليبي في ألبوم «حرب» خلق خطاب موسيقي ناقل لجماليات الذّاكرة الشعبية بتوظيف المجهول والمبهم فيها، لتكون الرّمزية حاضرة حتى من دون الكلمة المنطوقة. فتتخلص شيئا فشيئا هذه الأصوات التونسية من السجن في الحيّز التاريخي لتنقل شحنات موسيقية وطاقات تعبيرية في توزيع جديد.
وفي تقديم ألبوم «حرب» يقول الفنان كريم ثليبي إن «هذا الألبوم يندرج في إطار البحث في جماليات موسيقى الموروث من وجهة نظر دراميّة و نفسيّة وينفذه الأركستر السمفوني صحبة الكورال ومجموعة من الفنانين على آلة البيانو والقصبة والكمنجة مع مرافقة الأصوات الفردية والجماعية. كما يبحث هذا الإصدار في زوايا أخرى للموسيقى التونسية الغنية بالتعبيرات المؤثرة والمشحونة بالمعنى والإحساس. ويحاول استحضار سياق «الشّجن» المتّصل بالطاقة النفسية الجارفة لهذا الموروث في إطار تصويري درامي من خلال وضعيات موسيقية محددة ومدروسة.
وقد سبق للفنان كريم الثليبي أن تعامل سابقا مع عديد الفنانين من كل الاختصاصات على غرار لطفي بوشناق وسنیة مبارك ومنیر الطرودي وجعفر القاسمي ومحسن بن نفيسة... وفي ألبومه الجديد «حرب» اختار إنجاز هذا المشروع الموسيقي بالتعاون مع الفنانات زهرة لجنف وسيرين هرّابي والفنانين زياد الزواري ومهدي العيّاشي وحسين ميلود و أحمد أمين زايري وأنيس واجه وصابر رضواني ومنير لطيفي وخليفة لطيفي وسامي بن ضو ومبروك سنيني.
لم تمنع الكورونا وما فرضته من حجر صحي على المساهمين في ألبوم «حرب» من استكمال مشروعهم وتحقيق حلمهم في شهر ماي 2020 ليكون أوّل عمل فني موسيقي يرى النور بعد انتصار تونس على فيروس كورونا.

المشاركة في هذا المقال