افتتاح الأيام المغربية بتونس: عرض فرقة «جيل جيلالة»، لنا الفن لنقاوم أبدا

ما رأيك بجولة في المملكة المغربية؟ جولة لن تكلفك الكثير فقط ساعة ونصف من الانتباه

الى لغة الموسيقى تلك اللّغة القادرة على تحطيم كل الحدود الجغرافية و المكانية، الموسيقى وحدها تحملك الى عالم اللاّمكان وترحل بك في اللازمان لتحلم وتستمتع بجولة تكتشف فيها سحر طنجة وجمال اغادير وحدائقها وسحر كازابلانكا وروعة المدينة الزرقاء شفشاون رحلة تجوب فيها أنهج مراكش ومدينتها القديمة وتمتع ناظريك بسحر قصر الباهية رحلة في المقاومة الموسيقية والتاريخية رحلة الذاكرة والهوية مع فرقة «جيل جيلالة».
رحلة موسيقية بمناسبة الاحتفال بالأيام المغربية بتونس، وشعارها «احتفاء بالثقافة والحوار وحسن الجوار»،وهي تظاهرة تنظما سفارة المملكة المغربية بتونس وكان حفل الافتتاح في مسرح الجهات بمدينة الثقافة بحضور وزيري الثقافة التونسي محمد زين العابدين ونظيره المغربي محمد الاعرج وسفيرة المغرب لقاء عنوانه وحدة وبحث عن نقاط مشتركة بين الدولتين في الفن وفي الثقافة.

جيل جيلالة، تاريخ وهوية تكتب بالموسيقى
هنا مسرح الجهات، منذ الباب يستقبلونك بالترحيب باللهجة المغربية، اينما وليت نظرك وجدت بعض تفاصيل اللباس المغربي النسائي تحديدا «القفطان» بكل الوانه الزاهية واشكاله المختلفة و«التكشيطة» الموشاة بالالوان دون نسيان «الشربيل» المطرز (النعل التقليدي)، واللباس الرجالي «الجلابة» الصيفية المصنوعة من الحرير والشتوية الصوفية و«البلغة» مع الشاشية المغربية، منذ الباب يشعرون الزائر انه في حضن المغرب ورعايتها الثقافية و الثقافة جزء من هوية الشعب المغربي.

تنطلق الموسيقى ناعمة هادئة تدغدغ الروح وتداعب القلب، صوت الة القمبري الممتع يكون عنوانا لفاتحة العرض، القمبري ميزة موسيقى القناوة تلك الموسيقى الصارخة ضدّ الظلم أبدا، فالقناوة أو «الڤناوة» أو «الغّْناوة» هي موسيقى العبيد القادمين من غينيا، موسيقى تعبر عن صرخات العبيد وتوقهم الى الحرية.

القمبري آلة تعزف ألحان التمرد وتحمل الزائر الى سنوات السبعينات تحديدا سنة 1972 حينها كانت مجموعة من الشباب المغربي تحلم بأنماط موسيقية جديدة، مجموعة من الشباب الحالم وهم محمد الدرهم وسكينة الصفدي ومحمود السعدي شباب يؤمن بالكلمة ويحلم ان تكون الموسيقى صوت الحق والحرية والتمرّد، شباب صعد للمرة الاولى امام جمهور كبير في 7اكتوبر 1972 واحيوا حفلا امام اكثر من 2000 متفرج بالدار البيضاء حفل ربما يكون الفيصل في مسيرة المجموعة فمن هناك سطع نجم المجموعة التي اصبحت رمزا للفن المقاوم وعنوانا لموسيقى هادفة وملتزمة، موسيقى كتبت عن عذابات الشعوب وتعبّر عن القضايا الانسانية التي تهمّ الشعوب العربية اولا اولها القضية الفلسطينية حين ابدعت المجموعة في غنائها «القدس» في المهرجان الافريقي بطوكيو، غنوا ضدّ الحرب والعدوان ورثوا شهداء مجزة «صبرا وشتيلا» وصرخوا عاليا ان «ضاق الحال» منادين أبناء جنسهم بأن يوقدوا «شمعة الامل» علهم ينقذون ما تبقى من «السفينة» المحملة بالحقوق.

من 1972 الى العام 1984 كانت جيل جيلالة نجما في سماء الفن الملتزم، نجما ابى ان يأفل واصلوا الحلم وحاولوا الصمود وأصبحت اغانيهم عنوانا للفرح والترح معا، واليوم في 2018 يبدع الرباعي عبد الكريم القسبجي و الزيات جعفر والتمساني المرابط محمد وعادل عفاس و محمد سعيد في مسرح الجهات ويرجعوا مجد المجموعة ويؤكدوا ان الفن خالد و الكلمة الصادقة لا تموت فالموسيقى تتجاوز المكان والزمان.

في مسرح الجهات غنوا القديم ورحلوا الى غياهب الذّاكرة، حدثوا جمهورهم عن معاناة الانسان في العالم «ألا ضاق الحال» ونقدوا ظاهرة الهجرة غير الشرعية تلك الظاهرة التي اختطفت احلام شباب كثر في «السفينة» وصرخوا ضدّ الظلم في اغنية «العار ابويا» واكدوا ان الحق لا يموت في «الجبال الواقفة».
لمدة ساعة ونصف اعادوا الى الذاكرة فترة السبعينات وكل الاحداث السياسية التي عاشتها الشعوب في العالم فترة كانت الموسيقى فيها وسيلة للمقاومة و»جيل جيلالة» تجربة فريدة في المقاومة بالفن.

جيل جيلالة الموسيقى واجهة للامل
نغمات رقيقة توغل في تفاصيل الروح البشرية، موسيقى كما البلسم تمسح عن النفس ادران الموجود، سباق جميل بين القمبري الالة العاشقة و الوتر معشوقة الحالمين و الصادقين يتوسطهما الطمبور ليقول ان الايقاعات اساس البنيان الموسيقي، الات موسيقية تقليدية مغربية لانهم صوت المغرب صوت هويته، وتصاحبهم الة الدرامز تلك الالة الغربية القوية في اطار انفتاح المجموعة على موسيقات اخرى.

في تونس صدحت اصواتهم عاليا بالفن، بكلمات ربما لم يفهمها الجمهور ولكنه تذوق سحر النغمة وصدق احساس الفنانين فتماهى معها وعايش تفاصيلها.
«جيل جيلالة» فرقة تغني القناوة تنطلق من التراث المغربي بكل تلويناته الامازيغية ولاندلسية والصوفية لتنفتح على موسيقات العالم وقضايا الشعوب.

جيل جلالة الاسم وحده حكاية اذ تحيل تسمية الفرقة إلى الشيخ «عبد القادر الجيلاني»، مؤسس «الطريقة القادرية» ذات النهج التصوفي المعروف فالمجموعة كما النخيل راسخة في الارض باسقة فروعهم في السماء.

تسابق العازفون على درجات الابداع و الامتاع لقاء سرمدي مميز تكون فيه الموسيقى وسيلة للتجوال، نوتات هادئة حينا وكانها تدعوك إلى زيارة كازابلانكا والاستمتاع بجولة في حي القناصلة او الملاح اليهودي المطلين على الساحل، موسيقى لذيذة لذة حديقة تماريس المائية ، يرتفع صوت الطمبور عاليا، ثم تتحدث الى الوتر بموسيقى تشبه الربابة موسيقى تحمل الحضور الى مراكش عاصمة الامبراطورية الاندلسية هناك ستكتشف سحر موسيقى الاندلس ومعمارها في تحف مراكش وحدائق ماجوريل الاستوائية، تتواصل الجولة الموسيقية نحو الجبال الشاهقة وجولة في التراث الامازيغي وحكاياهم مع آلة البانجو والدف لقاء مــع سحر اغادير وعمقـــها التاريخي صوت الــدف يحاكــي عبـــق التاريخ لتجد نفسك في جولة في قصبة اغادير او «اغادير اوفلــــا» تلك التحفة المعمارية العسكرية المبنية في اعالي الجبال على علوّ 236متر على سطح البحر وتعود الى العام 1540 بناهــــــا السلطان محمد الشيخ السعدي.

بالموسيقى يكتبون هويتهم بالموسيقى يدعونك لاكتشاف المملكة وجمالها المعماري والثقافي بنواتات هادئة يكتبون تفاصيل الامل وكأنك تستمتع بجمال ساحة الامل في اغادير تلك الساحة التي تحتضن مهرجان «تيميتار».
في عرض جيل جيلالة، عرض المزج بين الماضي والحاضر كانت الموسيقى عنوان للحياة الموسيقى اداة للمقاومة المستمرة هي لغة الشعوب ومرساها هي لغة تعلو على كل الحكم والفلسفات الموسيقى عنوان للهوية وجيل جيلالة كتبت باغانيها ملامح وهوية المغربي المترد والثائر بفنه.

شفشاوة المدينة الزرقاء
لساعة ونصف من الموسيقى يستمتع المتفرج بجمال شفشاون المدينة الزرقاء فخلفية العرض كانت صورا لتلك المدينة الساحرة، المدينة المصنفة كاجمل مدن المغرب، في عرض جيل جيلالة كان للسينوغرافيا و لعبة الضوء جماليتها، واشرف على انجازها المسرحي حسام الساحلي بمزج جد مميز بين صور شفشاون واضواء ملونة تبعث في النفس البهجة سيبنوغرافيا تحملك لتتجول في ربوع المدينة الزرقاء.

وشفشاون المدينة الزرقاء يصفها زوارها بـ «قطعة من السماء افترشت الارض» وقد أسسها مولاي بن راشد في القرن الرابع عشر عام 1471 تحديداً، كملاذ للعائلات الأندلسية المسلمة واليهودية أيضاً التي غادرت غرناطة هرباً من بطش الأسبان آنذاك، لذلك تحتضن المدينة عددا هائلا من العائلات الاندلسية الأصل التي عاشت وبقيت في شفشاون.
ومن الجدير بالذكر أن المدينة ظلت مغلقة في وجه الأجانب بعد سقوط الأندلس حتى عام 1920، وذلك اعتراضاً وأسفاً على سقوط غرناطة، لدرجة أن سكانها كانوا يقومون بتعليق رايات سوداء على المآذن، وكانت النساء ترتدين الأسود كحداد على سقوط الأندلس.

الأيام الثقافية المغربة بتونس لازالت متواصلة
تتواصل فعاليات الايام الثقافية المغربية بتونس ويكون لقاء الجمهور التونسي ، يوم 17 أكتوبر 2018، مع عرض مسرحية «مقامات بديع الزمان الهمذاني» عن نص لأحـد أبرز رواد المسرح المغربي والعـربي الراحــل الطيب الصديقي، تقدمه الفرقة المغربية «لحظة للمسرح» برئاسة المسرحي والسينمائي المغربي محمد زهير.
هذا العرض الذي سيحتضنه فضاء مسرح «الأوبرا» بـ»مدينة الثقافة»، يمزج بين المقامات الموزونة ومقاطع غنائية مستوحاة من الموروث الشعبي على نمط الأشكال المسرحية الفرجوية العتيقة كفن الحلقة والبساط.
أما يوم 30 أكتوبر فيكون اللقاء مع الموسيقي الكلاسيكية وعرض لمجموعة «روح المغرب» بفضاء اكروبوليوم قرطاج»..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115